قانونُ الانتخاب… عند الامتحان يُكرَمُ أو يُهان
رمزي عبد الخالق
لطالما عبّرت الأحزاب والقوى الوطنية والقومية، وفي مقدّمها الحزب السوري القومي الاجتماعي، عن موقفها المبدئي من قانون الانتخابات النيابية من خلال المطالبة الدائمة بجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة واعتماد النسبية الكاملة من خارج القيد الطائفي.
طبعاً، القانون الحالي للانتخابات أتى دون هذا الطموح. لكنه، باعتماده نظام الاقتراع النسبي، أفضل بكثير من القانون السابق الذي اعتمد نظام الاقتراع الأكثري. غير أنّ إدخال الصوت التفضيلي على أساس دوائر قانون «الستين»، شوّه النسبية إلى حدّ كبير، ولكن، رغم ذلك يبقى هذا القانون أفضل ألف مرة بالتأكيد من اقتراحات القوانين التي كانت تُرمى من هنا وهناك، بدءاً مما سُمّي «الاقتراح الأرثوذكسي» القائم على أساس أن ينتخب كلّ مذهب نوّابه، أو اقتراحات المختلط، وصولاً في آخر المطاف إلى المطالبة بأن يكون الصوت التفضيلي على أساس طائفي أو مذهبي!
القانون الحالي لا يحقق صحة التمثيل كاملة، لكنه بتجاوزه الاقتراحات الطائفية والمذهبية، خطا خطوة في الاتجاه الصحيح، على أمل أن يستمرّ النضال الوطني لتحقيق الهدف المنشود المتمثل باعتماد لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية الكاملة ومن خارج القيد الطائفي، خاصة أنّ اتفاق الطائف نصّ على إلغاء الطائفية من النصوص والنفوس ، وخاصة أيضاً أنّ أوّل انتخابات حصلت بعد الطائف 1992 كانت على أساس الدوائر الكبرى المحافظات ، وكان الحريّ أن يستمرّ هذا المنحى بالتطوّر والتقدّم وصولاً إلى الدائرة الوطنية الواحدة.
الآن لدينا قانون جديد، وأمامنا مسافة أشهر قليلة لاختباره من خلال التجربة العملية، وبعد ذلك يمكن للخبراء والمعنيّين أن يصدروا أحكامهم على هذا القانون، من حيث سلبياته وإيجابياته، وكيفية تفادي السلبيات مستقبلاً والبناء على الإيجابيات من أجل تحقيق المزيد من الخطوات على طريق الهدف الأساسي المشار إليه آنفاً.
ولكن قبل ذلك، هناك حاجة آنية ملحّة تتمثل في ضرورة أن تتكثف الجهود من قبل المعنيين كافة، سواء في وزارة الداخلية أو في الماكينات الانتخابية للأحزاب والتيارات والقوى السياسية، لكي تتوضّح تفاصيل العملية الانتخابية أمام المواطنين الذين لا تزال نسبة كبيرة منهم بعيدة عن هذه التفاصيل، ويظهر ذلك جلياً في التحقيقات الميدانية التي تجريها مختلف وسائل الإعلام على الأرض، حتى أنّ خبيراً انتخابياً كشف أنّ أحد المرشحين من المتموّلين اتصل به يسأله رأيه إذا كان الأفضل أن يترشح على أساس الأكثري أو النسبي، أيّ أنّ «الأخ» لا يزال عالقاً عند الاقتراحات التي جمعت بين الأكثري والنسبي…؟!