رئيس الجمهورية يطالب الكويت مشاركتها في المؤتمرات الدولية الثلاثة.. والصبّاح: لن نتردّد في دعم لبـنان
اتفق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح خلال المحادثات التي أجرياها في قصر بيان، بُعيد وصول الرئيس اللبناني إلى الكويت، على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات كافة، لاسيما أن العلاقات الأخوية بين البلدين قديمة العهد ولم يعكّر صفوها أي حدث.
وفيما شكر عون أمير الكويت على وقوف بلاده إلى جانب لبنان في الظروف كلها، وفي المحافل كلها، أكد الشيخ الصباح أن الكويت لن تتردّد في تقديم أي مساعدة للبنان سواء بشكل مباشر أو من خلال المؤتمرات الدولية.
وكانت وجهات النظر بين الرئيس عون وأمير الكويت متطابقة حول ضرورة توحيد الموقف العربي في مواجهة التطوّرات العربية والإقليمية الراهنة، لأن وحدة العرب أساسية في هذا المجال، وأن تشكّل القمة العربية المقبلة في الرياض في شهر آذار المقبل، فرصة لإعادة إحياء التضامن العربي.
وكان رئيس الجمهورية وصل المطار الأميري في الكويت الثانية عشرة ظهراً بالتوقيت المحلي الحادية عشرة بتوقيت بيروت . وكان في استقباله على أرض المطار أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح وولي العهد الكويتي نواف الأحمد الجابر الصباح، ورئيس مجلس الأمة الكويتي السيد مرزوق الغانم، ورئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الأحمد الصباح، وكبار المسؤولين الكويتيين من وزراء ومسؤولين في الديوان الأميري، إضافة الى رئيس بعثة الشرف المستشار في الديوان الأميري محمد عبد الله أبو الحسن والسفير الكويتي في لبنان عبد العال القناعي، إضافة الى القائم بالأعمال اللبناني في الكويت ماهر الخير وأركان السفارة اللبنانية.
وبعدما صافح عون أعضاء الوفد الكويتي الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح أعضاء الوفد الرسمي اللبناني، قدّم طفلان باقتين من الزهر إلى رئيس الجمهورية، قبل أن تُقام مراسم الاستقبال الرسمي، حيث تمّ عزف النشيدين اللبناني والكويتي. وبعد استراحة قصيرة في صالون الشرف الأميري، انتقل وأمير الكويت في سيارة واحدة إلى مبنى قاعة المؤتمرات في قصر بيان لعقد محادثات موسّعة حضرها عن الجانب اللبناني الوزراء: جبران باسيل، جمال الجراح، أيمن شقير وعناية عز الدين، والقائم بالأعمال اللبناني ماهر الخير. وعن الجانب الكويتي نائب وزير الخارجية خالد الجار الله، والمستشار محمد عبد الله أبو الحسن، والسفير الكويتي في لبنان عبد العال القناعي .وتلت المحادثات الموسّعة خلوة بين الرئيس عون وأمير الكويت تناولتا العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها إضافة إلى التطوّرات على الصعيدين العربي والدولي، تعقبها مأدبة غداء يقيمها الأمير الكويتي على شرف رئيس الجمهورية.
وقالت مصادر الوفد اللبناني إن أمير الكويت رحّب في مستهلّ المحادثات بالرئيس عون، شاكراً له تلبيته الدعوة مع الوفد المرافق ومعرباً عن سعادته الشخصية باستقبال رئيس الجمهورية الذي ربطته به علاقات متينة منذ أعوام. وردّ الرئيس عون شاكراً لأمير الكويت عاطفته، مشدداً على علاقات الأخوّة التي جمعت بين البلدين والتي ازدادت وثوقاً عبر السنوات، مستذكراً حضور الكويتيين دائماً إلى لبنان وتفاعلهم مع العائلات اللبنانية.
ثم تناول الرئيس عون وأمير الكويت الأوضاع العامة في العالم العربي. ولفت الشيخ الصباح إلى أن بلاده باتت عضواً في مجلس الأمن ويمكن أن تساعد في دعم القضايا العربية المعروضة على الأمم المتحدة. كما تطرق البحث إلى الوضع في فلسطين المحتلة بعد القرار الأميركي باعتبار القدس عاصمة لـ إسرائيل . والتقى الرئيس عون والشيخ الصباح على رفض هذه الخطوة، محذرين من التداعيات التي يمكن أن تنتج عنها. وفي هذا السياق، عبّر الرئيس عون عن أسفه لعدم قدرة الأمم المتحدة على تطبيق قوانينها وشرعتها.
وتطرق الحديث إلى مسألة النازحين السوريين، فشدّد الرئيس عون على أن لبنان يعاني من حمل كبير في هذه المسألة، حيث قارب عدد النازحين على أراضيه المليونين، فيما اللاجئون الفلسطينيون لا يزالون على الأراضي اللبنانية، ولا قدرة للبنان على تحمّل النتائج المترتبة عن هذا العدد الهائل على أراضيه، والتي تنعكس على أوضاعه السياسية والأمنية والاقتصادية، وأمل مساعدة الكويت والدول العربية في تأمين عودة النازحين إلى بلادهم، ودعم لبنان في هذا المجال من خلال المشاركة والمساهمة في المؤتمرات التي ستعقد قريباً، وهي: مؤتمر روما ومؤتمر سيدر الذي دعت إليه باريس، ومؤتمر دعم الدول المستضيفة للنازحين في بروكسل.
وتحدّث عون عن الوضع الاقتصادي في لبنان في ظل الخطة الاقتصادية الجديدة التي ستأخذ طريقها إلى التنفيذ قريباً، داعياً المستثمرين الكويتيين إلى توظيف أموالهم في لبنان، والمساهمة في تحسين البنى التحتية الملحوظة ضمن الخطة، خصوصاً أن لبنان ينعم باستقرار أمني قلّ نظيره في العالم، بعد انتصار الجيش اللبناني على الإرهاب و داعش ، ومطاردة الأجهزة الأمنية اللبنانية للخلايا الإرهابية بنجاح.
وأكد أمير الكويت من جهته، دعم بلاده المطلق للبنان في المحافل الإقليمية والدولية، وتوظيف العلاقات الكويتية مع مختلف الدول من أجل هذا الهدف، وأن وجود بلاده في مجلس الأمن يمكن أن يساعد في إبراز عدالة القضايا العربية، معتبراً أن على العرب إعادة توحيد صفوفهم وعدم التفريط بحقوقهم، وإيجاد حلّ لخلافاتهم في ظل التطورات الخطيرة التي تواجه الدول العربية أجمع، من أجل تحسين وتقوية صورة العرب في العالم.
وشدّد على أن القدس عاصمة للأديان السماوية ولا يمكن أن تجرّد من تاريخها وموقعها الجامع، ولا يجدر أن تكون ضمن خطط مصالح انتخابية إسرائيلية ، وتجب مواجهتها بموقف موحد وهذا ما يفرض إعادة لمّ الشمل العربي.
وأبلغ أمير الكويت الرئيس عون أنه سيعطي توجيهاته للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية من أجل مساعدة لبنان في خطته الاقتصادية والتجاوب مع حاجاته، مشيراً إلى أن الكويت ستقوم بكل ما في وسعها ولن تخذل لبنان.
واتفق الأمير الصباح والرئيس عون على ضرورة تفعيل العمل العربي، وأن تكون القمة العربية المقبلة، فرصة لتوحيد المواقف وإعادة التضامن. وقد لفت الرئيس عون أمير الكويت إلى أنه طالب في قمة الأردن بعقد طاولة مستديرة للبحث في كل القضايا العالقة بصراحة ووضوح والتفاهم على النقاط المختلف عليها.
وخلال الخلوة بين الرئيس عون وأمير الكويت، استكمل البحث في المواضيع كافة، لا سيما ما يتّصل منها بالدعم الكويتي للبنان اقتصادياً، والمشاركة في المؤتمرات التي ستُعقد لدعم لبنان. وتمنّى الرئيس عون أن يعاود الكويتيون زياراتهم للبنان، فأكد الشيخ الصباح أن محبة الكويتيين للبنان واللبنانيين كبيرة، والتواصل في ما بين الشعبين لم يتوقف يوماً.
وفي الشقّ الاقتصادي، أعاد أمير الكويت التأكيد على دور الصندوق الكويتي للتنمية والذي سيعاود نشاطه في لبنان وفق الحاجات المحددة.
وفي نهاية الخلوة، وجّه الرئيس عون دعوة لأمير الكويت لزيارة وطنه الثاني لبنان.
وعلى الأثر، اقام أمير الكويت مأدبة غداء تكريماً للرئيس عون، حضرها كبار المسؤولين وأعضاء الوفدين اللبناني والكويتي وسفراء عدد من الدول المعتمدين في الكويت، استكملت خلالها الأحاديث حول مواضيع البحث خلال المحادثات.
ولاحقاً استقبل الرئيس عون في مقر إقامته مطران بغداد والكويت للروم الارثوذكس غطاس هزيم. واستقبل أيضاً رئيس مجلس الوزراء الكويتي جابر المبارك الحمد الصباح ومدير الصندوق العربي عبد اللطيف يوسف الحمد كلاً على حدة.
والتقى الرئيس عون الجالية اللبنانية في الكويت وأكد أنّ الزيارة مميزة، فيها كل المحبة والاحترام ، مشيراً إلى أنّ لبنان يتشارك مع الكويت الكثير، حتى مشاكلنا متشابهة وكذلك طرق معالجتها .
وأضاف: بدأنا في لبنان نهجاً جديداً يقوم على التغيير بهدف تطوير المجتمع والوطن نحو الأفضل، ولكن كل تغيير يقلق في البداية، لأن الناس تفضل عادة البقاء على ما اعتادت عليه .
وتابع عون: نحن أبناء الأرض، نبتنا من الشوك، لا من ملاعق الذهب ولا من ملاعق السلطة، وهدفنا بناء المؤسسات، لأنها الطريق الوحيد لبناء الدولة ، وقال: نقوم بالإصلاحات في المؤسسات بصمت، لأن هدفنا الإصلاح وليس التشهير .
وعن قانون الانتخاب الجديد، اعتبر عون أنّه يسمح بعدالة أكثر في التمثيل، سواء بين الطوائف أو داخل كل طائفة.