تنطلق أمامكِ الحياة

تنطلق أمامكِ الحياة

كلّ المحاولات التي تكللت بالنجاح والتي جعلت من المرأة قوة لا يستهان بها وعضواً فعالاً في مجتمع ما زال يحاول جاهداً تحطيم سلم الصعود الذي تتسلقه تلك الأرجل الناعمة. وكم رشّت الأشواك في طريقها فكانت تنزف دماء معطرة برائحة المتابعة. ومع كل هذا الدعم والذي يشكّل هالة تلتفّ حول جسدها والذي يجعلها تشعر بالأمان. فهو كالسند الذي ترتمي عليه حين ترتاح. إلا أنها ما زالت تخشى من هذا الشبح المخيف الذي يتربص بها والذي يجعلها ضعيفة في مكان كل ما فيه قوي إنها كلمة «الطلاق» مفردة موجعة.

فـ«ال» التعريف التي تبتدئ بها تُعرّف عن الألم الذي ينتظر الأنثى بمجرد تصويب الرجل لسانه إليها مُطلقاً تلك الرصاصة القاتلة. ولكن كل ما سبق أوهام تلتفّ حول تلافيف عقل الأنثى تبث هرمون الخوف في جوفها لتخشاها.

في إحدى زياراتي عبرت أمامي فتاة تبلغ من العمر عشرين سنة. انتابني فضول لمحادثتها. فقد لمحت في عينيها الأمل والذي أصبح نادراً في نظرة الأنثى. أخبرتني أنها طالبة جامعية، وأضافت أنّ أجمل ما يلفّ خصر المرأة هو سلاح فتاك تستطيع من خلاله إخافة كلّ من يقترب منها.

نظرت إليها وابتسمت. قالت ضاحكة: أقصد سلاح العلم، وأرجو ألّا يكون قد ذهب تفكيرك إلى أمر آخر.

هي كانت تشبه الحياة بكل ما فيها من جمال. وأنا كعادة أيّ امرأة دعوت لها بالدعاء الروتيني المعترف عليه «الله يبعث لك من يستاهلك». بصوت قويّ ردّت عليّ: لا أريد تكرارها. زاد استغرابي والتفتت إليها. قالت: نعم، أنا مطلّقة. سألتها وكيف تمضين أيامك وأنت تجالسين هذه اللعنة المقيتة. أجابت: لا تهمّني أبداً، فأنا أعيش يومي من دون أن ألتفت إليها، أدرس وأذهب مع أصدقائي وأضحك وألعب من دون الاكتراث بمن هم حولي.

كلامها جعلني أنتقل إلى امرأة أخرى تعيش حالة الطلاق التي استملكتها وسجنتها في قبو مظلم مغلقة على حالها الأبواب خائفة من نظرة الناس تخشى من انتقاداتهم، وبخاصة أن البعض فرضوا على مجتمع المطلقة قوانين كثيرة. فهي ممنوعة من الضحك لأنه عيب، ومرفوض أن تتزين لأنه حرام، ولكن بين الحالتين تناقض واضح. فهما تعيشان في مجتمع واحد يحمل التقاليد والعادات نفسها، ويجمع بين أناس تفكيرهم واحد. فما الذي جعل الأولى محرّرة من سجن العادات وترك الثانية تعيش في سجن التقاليد المؤبد؟ نحن دائماً نقوم بعملية الإسقاط على غيرنا ونضع اللوم على المجتمع في اتهامات هو بريء منها، وننسى أنفسنا.

أيتها المرأة، أنت من تقيدين نفسك وأنت من تحرّرينها. فروحك هي أمانة عندك لا تعذبيها، وانطلقي تنطلق أمامك الحياة.

مها الشعار

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى