باسيل يقترح عدم تخصيص أي وظيفة لأي طائفة.. وخليل: الدستور ضمانتنا
توسّعت رقعة الاشتباك بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، من أزمة مرسوم الأقدمية وصول إلى خلاف حول الدستور ونظام الحكم، حيث برز ذلك في سجال الوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل، حول ملفات عدة تتّصل بالمرسوم، والمداورة في الوزارات والمادة 95. وأكد وزير الخارجية والمغتربين، رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن «لبنان لا يقوم إلا على التوازن، وهو سبب وجوده وعندما يقع الخلل، يخرب البلد»، مشيراً إلى «أننا قادرون على التطوير في اتجاه الدولة المدنية، وهي طرحنا لأن كلما زاد الأداء الطائفي، اقتنعنا بأنّها هي الحل، لأن ما دامت هناك طوائف تشعر بالقوة، وبأنها تريد نيل مكتسبات، سنبقى في هذا المشهد».
وأضاف في مؤتمر صحافي عقده في مركز الاجتماعات والمؤتمرات في سن الفيل،: «ما دام أي شيء لا يؤمن الاستقرار، فالحلّ في الدولة المدنية. لكن من الواضح أن أحداً ليس جاهزاً لها»، لافتاً إلى أن التوازن ترافقه الشراكة التي تحققه، ولا لزوم للتذكير بما عانيناه في هذا المجال، واليوم وفي عهد رئيس جمهورية قوي يمارس صلاحياته الدستورية، هناك محاولة للعزل والإبعاد والمسّ بالشراكة التي كنّا قد بدأنا استعادتها، علماً أن هذه المحاولات تأتي من الأطراف الذين غيّبوا الشراكة، وهناك كثير من النقاط في سجلهم في هذا الإطار».
وأشار إلى «أن الاتهام بالانقلاب على الدستور يأتي ممن يخلقون أعرافاً جديدة، لا من الملتزمين بالأعراف القائمة، لافتاً إلى أن أول ما هو قائم في هذا الإطار هو عدم تخصيص أي وظيفة لأي طائفة، بدليل طرح مبدأ المداورة في 2014 الذي قلنا إنه أتى لإزاحتنا عن وزارة الطاقة، لكنهم قالوا إنه سيعتمد في كل الوزارات، لكنه تحوّل تثبيتاً وهذا المبدأ بدأ يتكرّس، وهذا هو الانقلاب على القانون والدستور».
وشدّد على أن لبنان لا يعيش في ظل الثنائيات، علماً أن ثنائية واحدة تحكمه هي الثنائية المسيحية الإسلامية أي الشراكة والعيش الواحد، ولا مكان لأي ثنائية إلا في مخيّلة البعض، مذكراً أن عندما أبرمنا التفاهم مع حزب الله لحماية لبنان، اتهمنا بإنشاء ثنائية مارونية – شيعية، وعانينا ظلماً وعداء على مدى 10 سنوات إلى أن وصلنا إلى مرحلة أظهرت فيها الظروف أننا سنّة أكثر من السنة عندما يُمسّ بهم، وشيعة أكثر من الشيعة عند المسّ بهم، وعندما يمسّ بحقوق المسيحيين، نحن مسيحيون في الدفاع عنها، غير أن هذا لا ينفي ان لا طائفة تُغلب أو تُحاصر أو تُعزل».
وأردف باسيل: «بعد 10 سنوات من الظلم بثنائية غير صحيحة، بل كانت موجودة في مخيلة البعض فقط، بدأنا نتهم بثنائية مارونية سنية ضد الشيعة. بعد كل ما فعلنا لحماية البلد ومنع الفتنة فيه، وصل البعض- لحسابات سياسية صغيرة – أن يحاولوا جرّ البلد إلى هذه النقطة»، مذكراً بأن «حصل هذا الأمر عند الانتخابات الرئاسية، ووضع له حد، ويعود اليوم إلى الحياة لماذا؟ هل هي محاولة من الداخل لعزل الشيعة؟ الشيعة في لبنان أجمل ما فيهم هو خاصيتهم اللبنانية، بدليل أنّهم دافعوا عن لبنان»، وكذلك «السنة الذين أظهروا أخيراً أن لبنانيتهم تطغى على كل شيء عند الحاجة»، سائلاً: «لمصلحة مَن هذا العزل من الداخل، ولمصلحة من نقله إلى المنتشرين الذين نعمل بشكل عالمي من أجلهم لنظهر عالمية لبنان، وهل تجوز دعوتهم إلى مقاطعة هذه الحالة اللبنانية العالمية، كما لو أنهم حالة خاصة بدلاً من جذبهم للبنان ليستعيدوا لبنانيتهم؟».
وشدّد على وجوب الاعتراف بأن الدولة فشلت في تطبيق المادة 95 من الدستور، في وقت يجري نقاش طائفي حول الوظائف، في ظل الكلام عن وجوب تغييب مكوّنات لبنانية عن الإدارة. وبعد تلاوة نص المادة 95 من الدستور، قال باسيل: لم نصل إلى المرحلة الانتقالية، لكننا لا نقبل بتغييب المكوّن الدرزي والمسيحي وأقلياته وبينهم السريان واللاتين عن الإدارة إلى حين الوصول إلى تطبيق المادة 95.
وتابع: «نحن نقترح مرحلياً فكرة قابلة للنقاش والتطوير، ومن دون تعديل الدستور، إلغاء المذهبية السياسية، وبذلك نحافظ على الأقل على المناصفة، ولا نخصص للمسلمين والمسيحيين بشكل توزع فيه الوظائف على المسيحيين والمسلمين. ونلغي المذهبية في الوظائف وأنا أعتقد أن الموارنة قادرون أن يقدّموا أكثر مكانهم للشاعرين بالغبن لدى الآخرين. وفي عدد من التعيينات، مارسنا هذه الفكرة لأن لا يجوز الحجز والتحجّر الذي بدأنا نشعر به عند المسيحيين، على ألا يمس أحد بالتوازنات التي تحفظ حقوق الجميع لنكون استعددنا مرحلياً للذهاب في اتجاه الدولة المدنية، وتطبيق هذه الفكرة سهل وهو من الواقعية السياسية، علنا نكسر الحدة التي نراها اليوم».
ولفت إلى «أننا أنجزنا التفاهم مع حزب الله لحماية لبنان، من «إسرائيل» ومن الفتنة. وهذا التفاهم لا يزال حاجة وسيبقى ولن تقوى عليه الألاعيب السياسية الصغيرة. وأنجزنا تفاهماً غير مكتوب بل معاش فعلاً في الحكم مع المستقبل لتحقيق الشراكة، لأننا كنا نعتبر أن هذا هو مكمن الخلل، ونحن متمسكون به لتحقيق الشراكة والتوازن ولن نسمح بالعودة إلى حال من العداء بين الطرفين. ونحن متمسكون أيضاً بالتفاهم المسيحي – المسيحي لأنه حاجة للوحدة الوطنية، لأنه موقع قوة، ولن نعود إلى الصراعات المؤذية، ونحن نمدّ يدنا للجميع. ولا تمسوا بالنسيج الوطني والتيار الوطني الحر لن يسمح بأي كسرة أو انكسارة».
أما وزير المال علي حسن خليل فقال رداً على كلام باسيل: «أمرٌ خطرٌ وحساس أن نلعب على المسألة المذهبية بين الناس وأن نكرّس الطائفية، وليبعث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برسالة مباشرة إلى مجلس النواب لتطبيق المادة 95 من الدستور حتى نكون جدّيين».
ومن باب التعليق على مسألة مرسوم الأقدمية، أشار خليل إلى أن «العرف لا يغيب القانون ولا يغيب الدستور، يقولون انتهى الموضوع، لا ينتهي شيء إلا وفق الدستور ووفق الأصول، وليخبرونا أين قلنا إن هذا التوقيع شيعي أو غير شيعي؟ نحن قلنا إن التوقيع الضروري على المرسوم هو توقيع وزير المال وأتأسف أنه تمّ إدخال فخامة الرئيس بهذه المسألة. ولا يفكر أحد أنه يستطيع أن يمرّر من ورائنا أو أن يمرّر علينا ما هو مخالف للدستور، ولنراجع التعيينات والتشكيلات في الفترة الماضية هل كانت لمصلحة طائفة أم لمصلحة فريق معين بحد ذاته».
وأضاف: «البعض حاول إلغاء وتجويف دور إدارة المناقصات لتمرير بعض الأشياء والمصالح، ولا يظنَّن أحدٌ أن مقاربتنا لأي مسألة تنبع من التمسك بأي حق مذهبي أو طائفي».
وفيما يتعلق بمجلس الخدمة المدنية وبالمؤسسات الرقابية، رأى خليل أنَّه «لا نستطيع تفسير الدستور على طريقة المفتين الجدد، والذين هم في موقع مسؤولية اليوم ورطوا العهد، كما أننا لا نستطيع الحديث عن دولة مدنية بينما نذهب إلى تجاوز الكفاءة، وهناك سعي لإلغاء دور مجلس الخدمة». وسأل خليل رئيس الحكومة سعد الحريري: «هل تريد الحفاظ على هذه المؤسسات كمجلس الخدمة أم تريد المشاركة في ضربها»؟
وقال: «عندما كان الناس يقطعون لبعضهم تذاكر اللاعودة، كنا ننادي بالشراكة وتضافر الجهود، ورئيس مجلس النواب نبيه بري كان من الناس الذين رفضوا إبعاد رئيس الجمهورية ميشال عون عن البلد في السابق».
وشدَّد خليل على أنَّ «الدستور ضمانتنا، لكن الدستور لا يتكيّف وفق الأهواء السياسية، وهو ليس وجهة نظر، ولا يخضع لتفسير من غير صاحب الحق بالتفسير»، وقال: «سمعت أحد المسؤولين اليوم يتحدث عن تفسير المادة 95 من الدستور، وهو تفسير يعيدنا 27 سنة إلى الوراء».
وأكد «أننا وعن قناعة وعن التزام وطني وافقنا على التوزيع الطائفي لكثير من المواقع الإدارية، لأن فيه طمأنة للمسيحيين، ليس من موقع قوة أو من موقع ضعف. جميعنا طوائف متساوية بالالتزامات الوطنية وبالواجبات وبالحقوق».
وأضاف: «سمعنا اليوم أن هناك محاربة من حركة أمل لمؤتمر يُعقد في الخارج، أقول نحن لدينا الجرأة أن نعلن ذلك لو أردنا أن نقوم بهذا الدور، ولكن فليبحثوا عن المنطق الذي استفز المغتربين»، وقال: «للأسف إحدى وسائل الإعلام التي يطالب مسؤولوها اليوم بتطور الدولة وبعلاقات مع الخارج تستضيف ما وصفته بـ«رجل أعمال شيعي» من أبيدجان، مَن يريد الدولة لا يتعاطى بهذا المنطق».
وعن مدى التمسك بوزارة المال في ضوء كلام الوزير باسيل عن مداورة، قال خليل: «عندما نصل إلى تأليف الحكومة نتكلم في وقتها عن الموضوع. نحن لا نريد أن نثقل على اللبنانيين بأوهام البعض، لأنه يريد أن يدير البلد على طريقته، ويريد أن يصوّر الآخرين، على طريقته، بأنهم بعبع. نحن سنبقى متمسكين بحقنا، وسنطالب بالقدر الذي نقتنع بأنه حق لمشاركتنا».
وهل هي معركة حول رئاسة مجلس النواب؟ أجاب: «متوهّم من يعتقد أننا نفكر بهذه الطريقة، والرئيس بري بالنسبة الى جمهور واسع جداً من اللبنانيين أكبر بكثير من هذا التفصيل، وأكبر من الموقع بدوره الوطني الاستثنائي. ونحن نعتقد أن مسألة رئاسة مجلس النواب هي خارج إطار كل هذا النقاش، ومًن يستطيع خوض هذا الأمر في إطار اللعبة الديموقراطية فأهلاً وسهلاً به».