المحترفون يقودون المنتخب نحو الأفضل وتراجع الآخرين أدّى إلى تقدّمنا
إبراهيم وزنه
لا أحد يضحك علينا، ورجاءً لا تقنعونا بأنّ كرتنا اللبنانية ارتقت بمستواها الفنّي في ضوء ارتقاء موقعها على سلّم الترتيب الدولي. صحيح أنّنا قفزنا في سنتين ما يزيد عن 55 درجة على ذلك السلّم العالمي، لكنّنا فعلياً وعلى أرض الملعب ما زلنا نحبو، وحالتنا كطفل صغير في أوّل مشيه، يقع ثمّ يقف وبعد وقوفه يقع ثانية، فخطواته غير الثابتة وقوّته البدنيّة لا تسمح له بالاستمرار والمشي لأمتار معدودة والانطلاق إلى الأمام. قد يتساءل البعض، أصبحنا في المركز 84 وهذا دليل عافية! أيّها السائلون، أفيدكم بأنّ هذا المركز كنّا فيه منذ 18 سنة تحديداً، فهل ذلك يشير إلى أنّنا عدنا واسترجعنا مكانتنا وسمعتنا وفنّياتنا وأمجادنا؟ بصراحة لا، إليكم الشرح والتفصيل … فالفرق منذ 20 عاماً، كانت تعجّ صفوفها بالنجوم، ثلاثة في كلّ فريق على أقلّ تقدير، وقبل تلك الفترة بسنوات، أيّ في حقبتيّ الستينيات والسبعينيات، كانت متخمة بالنجوم والعمالقة، وفي تلك الأيام كان الجهاز الفني للمنتخب يعيش أزمة كبيرة عند اختياره للاعبين ودعوتهم إلى التمارين، ولطالما كانت الصحف تشير إلى مظلوميّة العشرات ممّن لم يتمّ استدعاؤهم. أمّا اليوم، فبالكاد نجد في كلّ فريق نجم أو نجمين، والحق يُقال بأنّ حسن معتوق حالياً وحده الذي يستحقّ هذا اللقب، مع احترامنا لجهود بقيّة اللاعبين واجتهادهم على البساط الأخضر. وفي الحديث عن الارتقاء الحاصل على سلّم الترتيب، فذلك يعود إلى عدّة أمور، أهمّها الاستقرار الحاصل لجهة الإبقاء على الجهاز الفنّي بقيادة المدرّب رادولوفيتش منذ أكثر من ثلاث سنوات، الوجود الفاعل للّاعبين المحترفين ويزيد عددهم عن نصف التشكيلة على أرض الملعب، الاجتهاد المستمرّ في سياق البحث عن لاعبين لبنانيّين يضخّون إضافات إيجابية في التشكيلة، إقامة مباريات ودّية والانخراط في معسكرات ودائماً بحسب الاستحقاقات الخارجية، وأخيراً التحفيز المادي مع تسابق اللاعبين لإثبات ذواتهم. وهنا، لا بدّ من التوضيح بأنّ مستوى الإثارة والمنافسة في الدوري الحالي لا يعكس بالضرورة ارتقاء المستوى الفنّي، فتقارب المستويات ـ على تواضعها ـ هو ما يفرض تنافساً وتقارباً، وعلينا أن لا نغفل عن مسألة تراجع المستوى الفنّي في قارّتنا الأكبر مساحة والأقلّ توهّجاً كرويّاً، ومن تابع «خليجي 23» ومباريات الدول في شرق آسيا يدرك الحقيقة من دون قناع أو رتوش. وختاماً أتساءل، كيف سيرتفع المستوى الفنّي لدوري بلادنا في ظلّ غياب المدرّب الأجنبي وسطوة المدرّبين المحليّين ومعظمهم غادر الملاعب منذ ثلاث أو أربع سنوات فقط! وفي الوقت عينه تتواصل عمليات استقدام اللاعبين الأجانب بطريقة ارتجاليّة، وهل سألتم أنفسكم عن أسباب هذه التغييرات المتسارعة في الأجهزة الفنّية؟ دعوني أقولها بصراحة، عندما يصبح القرار بيد من لا يعلم ويسارع من يعلم للإذعان إلى طلبات من لا يعلم نصل إلى هذه النتيجة، فنعيش تلك الأجواء الكرويّة الشبيهة بطقس شهر شباط في بلادنا. في المحصّلة، ارتقينا لأنّ من حولنا بدأ بالنزول، فكنّا أشطر الكسالى وصعدنا على ذلك السلّم العالمي مستفيدين من تكاسلهم والسلام عليكم.