عهد التميمي… إنّ فيكم قوّة
حسين ريدان ـ ملبورن
هي ليست المرّة الأولى، وحتماً لن تكون الأخيرة في تاريخ جلجلة النضال القومي لأبناء سورية ضدّ الغزاة والطامعين. فتاريخنا السوري ومن بابه إلى محرابه، خير شاهد على بطولات عظام سطّرها أبناء سورية في وقفات عزّ أنيرت عطاء وفداء ومكارم واستبسالاً واستشهاداً كرمى لعيون أمتهم السوريّة التي لا تجد قط في قاموسها الحياتي مفردات التهاون والضعف والتخاذل بل جعبٌ مدجّجة، تستمطر رصاص الكرامة في مواسم العزّ ذوداً ودفاعاً، كحقّ قوميّ مشروع عن وجودنا وحياتنا القوميّة. عهد التميمي! فتاة حسناء ذا سنايا، هيفاء القدّ القومي لعمر يتساوى مع الورود جمالاً ورحيقاً، فلسطينية المولد هي، سوريّة الهوى والهويّة في حقيقة المفهوم السوري القومي الاجتماعي، اعتُقلت منذ فترة وجيزة وعلى أرضنا الفلسطينية المحتلّة من وحوش ضوارٍ عاثوا فيها فساداً وخراباً ودماراً وحرقاً ونهباً وقتلاً وتنكيلاً. اعتقلت لأنّها صاحبة حقّ مشروع وقفت به كإحدى شجيرات زيتون الأقصى، متجذرة، متشبثة بأرض القبلتين، بعد أن سدّدت بيمناها صفعة لمحتل جيء به من شتات الأرض بحجّة الهيكل المزعوم وأكذوبة أرض الميعاد.
اعتقلت عهد التميمي، لأنّها بعثرت هدأة الأعراب، وكشفت زيفهم ولعنت خزيهم وانسحاقهم، وداست جاههم، ونكّست أشباه رجالهم حملة الرؤوس المتأطئة زحفاً تطبيعياً مع أعداء الله والإنسانية.
عهد التميمي! اعتقلت لأنّها أيقظت قوّة ماديّة – نفسيّة سوريّة في نفسها، ملأى بالحياة بإزار من العزّة والإباء، تلك القوّة التي تجري في عروق أبناء الحياة، المستقاة من كتاب الوعي القومي بصفحاته السيادية الحاملة مثلاً وقيماً ومناقباً وفضائل من الحريّة والواجب والنظام والقوّة التي لا يفقه مراميها وأغراضها سوى القارئين والعاملين والناهضين بنشوء الأمم، قوّة حيّة قال فيها سعاده بأنّها «لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ».
عهد التميمي! اعتقلت تماماً كاعتقال فلسطين جنوب سورية، منذ أربعينات القرن الماضي وعلى مرأى عالم يبحر في نفاقه وخداعه بعد أن فاضت قرائحه استنكاراً وشجباً وإدانة تبلورت جمعاء في حزمة تقارير ورقيّة كتبت بحبر العمالة والخيانة، وأودعت أروقة عصابة الأمم المنتحرة، المتآمرة الأكبر مع دول الاستعمار والاستدمار البلفوريّة، الولاّدة للمؤامرات الباعثة سموماً ونتانة.
عهد التميمي! لستِ الزهرة الأولى التي تنبت في حقول أمتنا ولن تكوني الأخيرة، فقبلك كثيرات وكثيرين ممن انتضوا رماح النهضة بتعاليمها، بمقاوميها من أبناء أمتنا السوريّة الذين ساروا في موكب الحياة الجليل، ومنهم مَن ينتظر.
عهد التميمي! أنتِ لست «أيقونة المقاومة الفلسطينية» وحسب، إنّك وكلّ فتاة سوريّة حرّة أبيّة، راية من رايات أمتنا السورية تخفق عالياً على قمم حياتنا القوميّة، في زوبعة حياة لا تعرف الهدأة ولا الاستكانة حتى تنتصب أقواس النصر في كل ساحٍ من ساحات الأمة.
عهد التميمي!
الكرامة ثوبك والعز يليق بك.