رئيس الجمهورية: مواجهة أعباء النزوح مسؤولية دولية مشتركة
أشار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى أن «ألمانيا تشكل قوة اقتصادية حيوية، ونسعى إلى تعزيز تعاوننا معها، فيما يُشكل لبنان بوابةَ تبادل حضاري وثقافي وسياسي في حوض البحر المتوسط». وقال في المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير «لقد تطرقنا خلال المحادثات الى مشاركة ألمانيا في ثلاثة مؤتمرات مهمة ينتظرها لبنان ويجري لها كل التحضيرات اللازمة وهي: مؤتمر روما 2، لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية، ومؤتمر الأرز الذي ينعقد في باريس لدعم الاقتصاد اللبناني، ومؤتمر بروكسيل للدول المضيفة للنازحين السوريين». وأضاف: «أجرينا جولة أفق في الأوضاعِ والتطورات الإقليمية، وكان هناك تركيز على ضرورة تَبلور حلول سلمية توقف دوامةَ العنف، والحروب، والإرهاب، التي اشتعلت في العديد من الدول العربية مهدِدة استقرارها ووحدتها وانتقلت شظاياها حتى إلى أرجاء مختلفة من العالم».
وشدّد الرئيس عون على أن «مواجهةَ أعباء النزوحِ السوري هي مسؤولية دولية مشتركة، ويجب العمل سريعاً على وضع حد لمعاناة النازحين وتأمين عودة آمنة لهم إلى بلادهم»، مشدداً على أنَّ «هناك مناطق آمنة داخل سورية يمكن للاجئين في لبنان العودة إليها»، مشيراً إلى أنَّ «لبنان لم ينجح في إقناع المجتمع الدولي بمساعدته في ملف النازحين».
ولفت الرئيس عون إلى أن «المحادثات تناولت ملف الأمن ومكافحة الإرهاب، فكانت مناسبة لعرض ما حققه لبنان في هذا المجال، ونجاحه في ضبط وتفكيك عشرات الشبكات والخلايا الإرهابية، إضافة الى المواجهة العسكرية الناجحة والحاسمة التي خاضها الجيش ضد الإرهابيين في جرود البقاع الشمالي، كما ركّزنا على أهمية التعاون الدولي، في المواجهة مع الإرهابيين، فكراً وتنظيماً، حيث يشكل لبنان جزءاً من الجهود الدولية الرامية الى القضاء على الإرهاب».
وأشار إلى أنه «في ختام المحادثات، أكدت لفخامة الرئيس، ضرورة وقوف بلاده الى جانب لبنان في وجه الاعتداءات «الإسرائيلية» المتكررة عليه، وشدَدتُ على أهمية الالتزام بتطبيق القرار الدولي رقم 1701 بكل مندرجاته».
وأبدى الرئيس الألماني من جهته، سروره لزيارة لبنان بعد انتهاء الأزمة فيه. وقال: «سعيد لأنّها أوّل زيارة لرئيس ألماني إلى لبنان»، مضيفاً: «للبنان كلّ الحق أن يكون فخوراً بكلّ ما حققه بشأن التعايش بين جميع أطيافه المختلفة والأديان المختلفة». وتابع: «تحدثت مع الرئيس عون حول النازحين السوريين في لبنان، وأعربت عن تقديري لاستقبالهم في لبنان وطريقة التعامل معهم، وإنني أتطلع للقائي مع المرجعيات الروحية في لبنان». واعتبر أنّ «التعايش في لبنان نموذجي للمنطقة بأسرها والتحديات الاقتصادية والاجتماعية كبيرة جدّاً نتيجة النزوح السوري»، مشيراً إلى أنّ «أزمة النزوح السوري مؤثرة والتحديات كبيرة بالنسبة للبنان، واستخدمنا الأمور كلّها لمساعدة لبنان». وقال: «إنّنا نهتم بالاستقرار داخل لبنان ومن مصلحتنا أن يستمر وقد دعمنا القوات المسلحة».
وإذ أكد أن «ألمانيا تهتم في الحفاظ على التعددية والاستقرار في لبنان، فإنه اعتبر أن ذلك من صميم مصلحة بلاده»، مشدداً على «دعم الإجراءات الأمنية في لبنان عبر مشاركة بلاده في قوات «اليونيفيل».
وعن دور ألمانيا في إمكان ردع «إسرائيل من التقدم نحو النقاط المتنازع عليها على «الخط الازرق»، شدّد الرئيس الألماني على أنه تبلغ من الرئيس عون عن هذه المعطيات التي تعتبر في أوجه منها خطيرة، مؤكداً أن «لا مصلحة لأحد في زيادة صعوبة الوضع الحالي أو اعتماد التصعيد في الوقت الراهن».
وكان الرئيس الألماني الذي وصل وقرينته السيدة إلكه بدنبندر إلى بيروت عند الساعة الثالثة من بعد الظهر في مستهل زيارة رسمية تستمرّ حتى يوم غد، قد وصلا القصر الجمهوري في بعبدا عند الساعة الخامسة إلا ربعاً، حيث استقبلهما الرئيس عون واللبنانية الأولى عند مدخل البهو الداخلي قبل أن تقام للرئيس الألماني مراسم الاستقبال الرسمي ويتوجّها إلى المنصة الرئيسية. وبعد عزف النشيد الوطني الألماني ورفع العلم الألماني، عزف النشيد الوطني اللبناني قبل أن يحيي الرئيس الضيف العلم اللبناني. ثم عرض الرئيسان عون وشتاينماير حرس الشرف. بعد ذلك، توجّه الرئيسان عون وشتاينماير الى صالون السفراء حيث عقدا لقاء ثنائياً انضمّ في نهايته اعضاء الوفدين في محادثات موسّعة تناولت مختلف المواضيع ذات الاهتمام المشترك. وقد رحّب الرئيس عون خلال المحادثات بالرئيس الألماني شاكراً له تلبية الدعوة، ليكون أول رئيس ألماني يزور لبنان منذ 120 سنة. وردّ الرئيس الضيف شاكراً الرئيس عون على دعوته، ثم تطرّق الرئيسان إلى المواضيع ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً في مجال التعاون الثنائي في مختلف المجالات، ودور ألمانيا في دعم المؤتمرات الثلاثة التي سوف تعقد في روما وبروكسيل وباريس، حيث أكد الرئيس الألماني مشاركة بلاده في هذه المؤتمرات لدعم لبنان. وتناول البحث أيضاً الأوضاع الإقليمية والدولية والوضع في سورية ومعاناة النازحين السوريين في لبنان والدول التي نزحوا اليها. كذلك تطرّق البحث الى أزمة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية والقرار الأميركي باعتبار القدس عاصمة لـ «إسرائيل». واطلع الرئيس عون الرئيس الألماني على استمرار الانتهاكات «الإسرائيلية» للقرار 1701 وآخرها محاولة اقامة الجدار الاسمنتي على الحدود الجنوبية والتحرك الذي بدأه لبنان لمواجهة هذا الاعتداء على السيادة اللبنانية.
وشكر الرئيس عون الرئيس الألماني على مشاركة البحرية الألمانية في القوة البحرية العاملة ضمن «اليونيفيل» وعلى الدور الذي تقوم به لتطبيق القرارات الدولية والمحافظة على الاستقرار والسلام. وتوافق الرئيسان اللبناني والألماني لجهة ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية الراهنة، كما تطرق البحث ايضاً الى مطالبة لبنان بأن يكون مركزاً لحوار الاديان والحضارات.
وأقام الرئيس عون واللبنانية الأولى مأدبة عشاء على شرف الرئيس الضيف وقرينته حضرها أعضاء الوفدين الرسميين اللبناني والألماني، وسفراء دول الاتحاد الأوروبي في لبنان وامين عام وزارة الخارجية السفير هاني شميطلي وعميد السلك القنصلي جوزف حبيس، واركان الجسم القضائي ومدير عام رئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير وكبار موظفي القصر الجمهوري وعدد من المستشارين، إضافة الى افراد عائلة رئيس الجمهورية وشخصيات اقتصادية وإعلامية. وتمّ خلال العشاء تبادل الأنخاب بين الرئيسين عون وشتاينماير.
وكان رئيس الجمهورية استقبل وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية عناية عز الدين التي اطلعته على الترتيبات التي تعدها وزارة التنمية الادارية لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي التي باتت على مشارف الانتهاء.
وأعربت عز الدين عن املها أن يرعى رئيس الجمهورية المؤتمر الوطني الثاني للتحوّل الرقمي الذي سيتم فيه إطلاق الاستراتيجية في شهر آذار المقبل. وقد أبدى الرئيس عون اهتمامه بالاستراتيجية، مركزاً على أهمية هذا المشروع لمواكبة التطور وثورة المعلومات.
واستقبل الرئيس عون السفير البريطاني في لبنان هوغو شورتر وأجرى معه جولة افق تناولت التطورات على الساحتين المحلية والدولية. كما استقبل سفير لبنان المعين لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسن عباس قبيل تسلمه مهامه الجديدة وزوّده بالتوجيهات اللازمة.