أكثر من نصف الكوريين الجنوبيين يؤيّدون الوحدة مع الشمالية

تقول الكاتبة جي يونغ لي في مقالٍ لها في موقع «The Conversation»: بصفتي عالمة في العلاقات الدولية في شرق آسيا، أنا مفتونة بقضية إعادة التوحيد التي كانت دعامة أساسية للمصالحة والحوار بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية. لسوء الحظ، يشير التاريخ إلى أن الجهود الساعية لإعادة توحيد شبه الجزيرة الكورية لا تتقدّم في معظم الأحيان.

تقول الكاتبة إنّ معظم الكوريين الجنوبيين ليسوا متفائلين في شأن إعادة التوحيد، طبقاً لإستطلاع الرأي بشأن التوحيد لعام 2017 الذي أجراه «معهد دراسات السلام والتوحيد» في جامعة «سيوول الوطنية»، فإن 24.7 في المئة من الكوريّين الجنوبيين لا يؤمنون بإمكانية إتمام التوحيد، و2.3 في المئة من المستطلعين في كوريا الجنوبية يعتقدون بإمكانية حدوثه في غضون خمس سنوات، و13.6 في المئة في غضون عشر سنوات. مع ذلك، فإن الاستطلاع نفسه يشير إلى أن 53.8 في المئة من الكوريين الجنوبيين يؤمنون بضرورة إعادة التوحيد.

هناك توافق في الآراء حول النظام الذي يجب أن تكون عليه كوريا الموحّدة. ويريد حوالى نصف المجيبين في كوريا الجنوبية الحفاظ على النظام السياسي الديمقراطي لكوريا الجنوبية، بينما يؤيد 37.7 في المئة التهجين بين النظامين الجنوبي والشمالي. ومع ذلك، أجاب 13.5 في المئة من الكوريين الجنوبيين أنّهم يفضلون استمرار وجود نظامين داخل دولة واحدة.

وتقول الكاتبة إن كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية اتفقتا على المبادئ الأساسية لإعادة التوحيد بعام 1971 في المحادثات الأولى التي تُجرى بين البلدين منذ الحرب الكورية 1950 ـ 1953. ووفقاً للبيان المشترك بين الجنوب والشمال الصادر في الرابع من تموز، ينبغي تحقيق إعادة التوحيد من خلال أولاً، الجهود المستقلّة للكوريتين، ثانياً، الوسائل السلمية، ثالثاص، تعزيز الوحدة الوطنية التي تتجاوز الاختلافات في الأيديولوجيات والأنظمة.

على رغم أهميتها بالنسبة للاتفاقات اللاحقة، فقد انهارت هذه الاتفاقية سريعاً بسبب عدم وجود نيّة حقيقية لدى القادة. وقد اعتبرت كوريا الشمالية الحوار بين الكوريتين وسيلة لفصل كوريا الجنوبية بعيداً عن الولايات المتحدة واليابان. ووجده زعيم كوريا الجنوبية بارك تشونغ أداة مفيدة لتعزيز حكمه الاستبدادي.

في أواخر الثمانينات، تحرّكت المياه الراكدة مع انهيار الحرب الباردة، وظهرت فكرة المصالحة بين الكوريتين مرة أخرى. ودفعت دورة الألعاب الأولمبية في سيوول عام 1988 كوريا الجنوبية إلى مواصلة تحسين العلاقات مع الدول الشيوعية لضمان مشاركتهم.

وتقول الكاتبة إن دورة الألعاب الأولمبية استضافت عدداً قياسياً من الدول من كلا طرفي الحرب الباردة، بما فيها الاتحاد السوفياتي والصين، رغم محاولة كوريا الشمالية إفساد الألعاب من خلال قصف طائرة كورية جنوبية ما أسفر عن مقتل 115 شخصاً في عام 1987.

وترى الكاتبة أن بيونغ يانغ وافقت على التفاوض مع سيوول بسبب المكانة الدولية الصاعدة لكوريا الجنوبية والدبلوماسية النشطة التي اتجهت لتطبيع العلاقات مع الاتحاد السوفياتي والصين.

بحلول عام 1991، عاد الكوريون الشماليون والجنوبيون مرة أخرى إلى فكرة المصالحة ووقعوا على الاتفاق الأساسي. ونص الاتفاق على أن الكوريتين ليستا دولتين منفصلتين، إنما دولة واحدة تمر بمرحلة انتقالية خاصة في طريق إعادة التوحيد النهائي. وفي عام 1992، أصدرتا الإعلان المشترك المتعلق بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية.

وبحلول نهاية عام 1992، توترت العلاقات بين الكوريتين بشكل خطير، ورفضت كوريا الشمالية قبول عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية واعترضت على استئناف المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.

وفي عام 2000 عقدت كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية القمة الأولى التي بلغت أكبر مشاركة حقيقية بين الكوريتين حتى الآن. وتبنى رئيس كوريا الجنوبية كيم داي جونغ وخليفته روه مو هيون سياسة الشمس المشرقة التي تهدف إلى إجراء تغيير تدريجي لإعادة التوحيد من خلال التعاون بين الكوريتين حول القضايا الإنسانية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. ولكن فقدت هذه السياسة شعبيتها بسبب استمرار استفزازات بيونغ يانغ وبرنامجها النووي.

وحافظت الحكومات المحافظة التي أعقبت ذلك على هدف إعادة التوحيد، ولكنها جعلت المصالحة بين الكوريتين مشروطة بسلوك بيونغ يانغ. وعطلت كوريا الشمالية التقدّم المحرز خلال قمة عام 2000 بسبب تجاربها النووية والصاروخية واستفزازاتها مثل إطلاق طوربيد على سفينة تابعة للبحرية الكورية الجنوبية وقصف جزيرة كورية جنوبية.

وتختم الكاتبة مقالها قائلة إنّ هذه المحادثات السابقة تظهر أن المصالحة لم تكن مستدامة ولم تحرز تقدّماً ملموساً في القضاء على القدرات النووية لكوريا الشمالية.

وفي الوقت نفسه، فإن رئيس كوريا الجنوبية الحالي مون جاي أكثر انفتاحاً نحو مواصلة التفاوض من دون ضمانات من هذا القبيل. ويواجه الرئيس مون جاي الحقائق القاسية نفسها مثل أسلافه. ومع تزايد تهديد بيونغ يانغ، يتعيّن على حكومة كوريا الجنوبية العمل بشكل وثيق مع الدول الأخرى التي تنفّذ حالياً عقوبات ضدّ بيونغ يانغ. وإذا ما نجحت سيول في التوصل إلى اتفاق للتبادلات بين الكوريتين والمشروعات المشتركة، واستمرت استفزازات كوريا الشمالية، فإن الكوريين الجنوبيين المتشككين لن يدعموا سياسة المشاركة الحكومية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى