فرادة قصر العظم الدمشقي فصول من حضارة سورية
يقف قصر العظم شامخاً بين الجامع الأموي وسوق مدحت باشا في دمشق القديمة على مساحة 5500 متر مربع محتضناً بين جدرانه سجلاً تاريخياً أبدياً يضمّ أرقى فنون العمارة الإسلامية وعلى جدرانه كتبت أجمل أبيات الشعر العربي.
ويعكس هذا المبنى الأثري التاريخي العريق إبداع أكثر من 800 حرفي ومعماري دمشقي تفرّغوا عامين كاملين لبنائه في عهد والي دمشق الوزير أسعد العظم فأنجزوا معلماً عمرانياً فريداً هو بحقّ من أهم المباني التاريخية الضخمة الموجودة في مدينة دمشق القديمة، ومن أفضل نماذج العمارة المبكرة لهذا النمط من البيوت الدمشقية الكبيرة.
مديرة قصر العظم ميساء إبراهيم أكدت «أن البناء الحجري لقصر العظم متحف بحد ذاته. فهو يحتوي مختلف فنون العمارة الإسلامية، فنرى فيه الأبلق الجصي والحجري والفنون الأخرى مثل الخشب المزخرف والمطعّم إضافة إلى تزيينات دينية من آيات قرآنية وأشعار، من أبرزها قصيدة البردة النبوية للشاعر المتصوف البوصيري المحفورة على امتداد غرف القصر».
ويتألف القصر من 3 أقسام: الحرملك المخصص للنساء والسلملك المخصص للضيوف الرجال، والخدملك وهو جناح للخدم مشيرة إلى أن قسمي الرجال والنساء منعزلان عن بعضهما تماماً للحفاظ على خصوصية العائلة.
وقالت ابراهيم إن القصر ظل مسكوناً من آل العظم لعام 1925 وافتتح كمتحف في عام 1953 بعد ترميمه وكان أول أمين له شفيق الإمام الذي أسس متاحف التراث الشعبي في سورية واقتنى قطعاً فلكلورية لصالح القصر أثناء عمله فيه.
ويضمّ متحف التقاليد الشعبية والصناعات اليدوية الموجود بالقصر، حسب إبراهيم مجموعة من الأقسام التي تجسّد الحياة الاجتماعية في سورية، خلال فترة الاحتلال العثماني، من حيث المدارس التقليدية والملابس والمقهى الشعبي والعرس التقليدي واليوم الاجتماعي للمرأة السورية، إضافة إلى مراسم الحج الشامي والطقوس المرتبطة بها.
وفي المتحف نحو 25 لوحة للفنان الشعبي صبحي التيناوي تجسّد فنوناً شعبية مختلفة، مثل خيال الظل وصندوق الدنيا والحكواتي، فيما تضم قاعة السلاح مجموعة من الأسلحة التي استخدمها المجاهدون للدفاع عن سورية في فترات تاريخية عديدة.
ومن أجمل ما يضمّه المتحف قاعة الأزياء التي نجد فيها نماذج للأزياء الشعبية التي كان يرتديها أهالي سورية مع تطريزاتها المختلفة ونماذج لصناعات سورية شهيرة مثل صناعة الخشب والزجاج.
وكشفت إبراهيم أن التماثيل الجصية التي يُشتهر بها المتحف صُنعت بورشة المعمل الفني التابعة للمديرية العامة للآثار والمتاحف بيد الفنان أكثم عبد الحميد وتمّ ترميمها عام 2008 من قبل الفنان نفسه، مشيرة إلى وجود مشروع لعمل تماثيل شمع أخرى تكون ذات حيوية أكثر.
ونوّهت بجهود مديرية الآثار للحفاظ على محتويات المتحف من خلال مشاريع الترميم المختلفة، ولم تخف المعاناة في الحفاظ على القطع الأثرية التي يضمها المتحف، حيث إنها تتعرض للأذى بسبب ممارسات غير مدروسة يقوم بها بعض الزوار ومن أكثرها ضرراً التصوير الذي يؤذي القطع المتحفية بمرور الزمن.
ودعت إبراهيم لنشر الوعي بأهمية التراث الشعبي كي لا يتأذى والمحافظة عليه ولا سيما أن ترميم القطع التراثية في الوقت الحالي أصبح صعباً للغاية بسبب الإجراءات الاقتصادية القسرية الأحادية الجانب المفروضة على سورية التي تحول دون جلب المواد اللازمة للترميم والاستعانة بخبرات أجنبية.
سانا