من جنيف إلى دمشق مروراً بسوتشي… درب خلاص سورية ونصر السوريين
سعد الله الخليل
… بينما تقاطرت وفود السوريين إلى مدينة سوتشي الروسية ومنتجعاتها الرائعة على البحر الأسود، ثمة آمال وتساؤلات وإشارات من حق ملايين السوريين طرحها، قبل كلّ محفل يجتمع به ممثلون عن الشعب بغضّ النظر عن الخوض بدوامة أحقية التمثيل وشرعيتها، وغيرها من معادلاتٍ استحال حلها على مدى سنوات الأزمة السورية السبع العجاف، والتي ينتظر من بعدها السوريون سنوات الخير القادم على أمل بارقة أمل من عواصم القرار.
في المنتجع الروسي الفاخر الذي اختير لاحتضان الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014، يجتمع أكثر من ألف وستمئة من السوريين، لبحث قضايا السوريين وسبل الوصول لحلّ لمعاناة طال أمدها، على أمل أن يتعظوا من تاريخ مدينة شهدت مذابح دموية التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، خلال القرن التاسع عشر تجاه القبائل الشركسية والتي دفعتهم للهروب إلى الدولة العثمانية، والتي قامت بدورها بإرسال من تبقى منهم إلى جبهات القتال في البلقان ليموتوا بالحروب والأمراض والغرق في البحر الأسود، فهل ينجحون في مسعى وقف شلال الدم العبثي النازف في سورية والذي تورّطت به كلّ دول العالم؟
يرغب السوريون بأن لا تنسي حرارة سوتشي وأجواء رفاهية فنادقها ومطاراتها شتاء إخوانهم السوريين وبرد كانون ومعاناتهم في تحصيل ما يشعرهم بالبعض من الحرارة، في ظلّ الأوضاع المادية الصعبة لكلّ السوريين في الداخل السوري، والتي أذابت الأزمة دخل من بقي من السوريين، وفي دول الجوار برد شتاء قارص وبرد ذلّ زاد مرارة التشرّد مرارة، ما يحتم على من ينطق باسم السوريين أن يتذكر عائلات تجاهد لإيجاد ما يسدّ رمق أبنائها بالحدّ الأدنى قبل أن يتلذّذ بما طاب من كرم الضيافة الدولي الممزوج بمعاناة السوريين.
منذ أن انطلق أول اجتماع باسم السوريين في اسطنبول لـ»شرعنة» تقاسم الكعكة السورية، تحت شعار تمثيل الشعب السوري وحتى هذه اللحظة، يصرّ الفاعلون في السياسة السورية على الدوران حول الكرة الأرضية لبحث قضية السوريين التي باتت مركز الكون، فمن جنيف فطهران وأستانة ففيينا وسوتشي ثمة قاسم وحيد بينها، يتمثل بإصرار من رضي الحضور على الكلام باسم السوريين، وهذا في الشكل جميل ومطلب لكلّ السوريين، ولكن في كواليس التفاصيل تظهر شياطين تزيد معاناة السوريين فمشاريع التقسيم حاضرة والوصاية الدولية جاهزة واقتسام الموارد والغنائم فُتحت ملفاتها، وما الوثيقة التي كشفت عنها الدول الخمس للأمم المتحدة بشأن إحياء العملية السياسية في جنيف، والتي قالت بأنها تحتوي على ما اعتبرته خطة عمل لاستخدامها ركيزة لحلّ الأزمة السورية، والتي أعدّت رؤية هذه الدول للمبادئ العامة لدستور سوري جديد وتعطي دوراً مركزياً للأمم المتحدة في مراقبة وإدارة العملية الانتخابية، وهو ما يفرض وصاية أممية على العملية الانتخابية، بالإضافة لمشاريع التقسيم المبطنة من بوابة اللامركزية الواسعة ذات الصلاحيات الكبيرة، من حكومات وبرلمانات وموازنات مالية مستقلة بالإضافة لإفراغ مقام الرئاسة من معظم صلاحياته، عبر توسيع صلاحيات رئاسة الحكومة، وبالتالي فإنّ الوثيقة محاولة تحصيل سياسي لمكاسب عجزت حرب السنوات السبع من منحها لأصحاب مشروع الحرب على سورية.
وبالعودة للمسارات التي أوجدتها اللقاءات الدولية حول سورية وبغضّ النظر عن جملة الملاحظات عليها، فإن مسار جنيف أقرّ بشرعية التفاوض السياسي على قاعدة الإقرار بوجود الدولة السورية ومؤسساتها والسير في العملية السياسية، في حين أرسى مسار أستانة قواعد المواجهة العسكرية للتنظيمات الإرهابية وسار في خطى الفصل بين التنظيمات الإرهابية وباقي الفصائل المسلحة، في حين حاولت قوى الحرب تغيير مسار العمل المتعلق بالأزمة السورية إلى مسارات التدويل من بوابة وثيقة الدول الخمسة تحت يافطة ملتقى فينا قبل أيام من عقد مؤتمر الحوار السوري السوري في سوتشي الروسية، التي يأمل السوريون أن يدخل بتفاصيل الحوار السوري السوي الحقيقي ويسمع للصوت الوحيد الغائب حتى اللحظة في الأزمة السورية صوت صارخ في برية السياسة، وينادي السوريين ليلتئم شملهم في دمشق لمناقشة حال السوريين ولسان حالهم يقول «في دمشق منازل كثيرة تليق بمقاماتكم الرفيعة ولن يزعجكم هديل حمامها ولا صوت يمامها من أن ترفعوا صوتكم وتقولوا ما تريدون»، فمتى يُسمع الصوت وتلتقي الإرادات في دمشق ليغدوا بالإمكان بلسمة جراح السوريين بنصر وطن وشعب حقيقيين.