ماي: إنه الوقت المناسب لتعزيز العلاقات التجارية والاستراتيجية مع الصين
تسعى رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي التي بدأت أمس، زيارة رسمية إلى الصين لـ «تعزيز علاقات بلادها التجارية استعداداً لمرحلة ما بعد بريكست»، في حين تواجه مشكلات في بلادها لا سيما داخل حزب المحافظين.
وقالت ماي خلال لقائها نظيرها الصين لي كه تشيانغ «إنه الوقت المناسب للتفكير بسبل تعزيز العصر الذهبي والشراكة الاستراتيجية بين بكين ولندن».
وأضافت ماي خلال حفل استقبال أقيم على شرفها في قصر الشعب «نحن عاقدو العزم على تعميق علاقاتنا التجارية».
ولكن الرهان كبير بالنسبة لها أن تسلط الأنظار على مرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي في بريطانية، حيث ذكرت وسائل الإعلام «أنّ نحو أربعين نائباً محافظاً دعوا إلى إقالتها من رئاسة الحزب نظراً لاستيائهم من الاستراتيجية التي تعتمدها في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي ومن سياستها الداخلية».
ولكن ماي أكدت «ثباتها» أمس، بقولها للصحافيين الذين يرافقونها إلى الصين، «أقوم بخدمة بلدي وحزبي. لست من النوع الذي ينسحب».
ويجعلها هذا تتمسك أكثر بصيغة «العصر الذهبي» الصينية البريطانية التي نشأت بعد الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس شي جين بينغ في 2015.
وخلال مؤتمر صحافي، قالت رئيسة الوزراء التي يرافقها ممثلو نحو خمسين شركة ومؤسسة في ما يُعدّ أكبر وفد يتوجه إلى الخارج في زيارة رسمية في عهدها، «إنه سيتم خلال الزيارة إبرام عقود تجارية بقيمة تسعة مليارات جنيه استرليني 10,2 مليار يورو ».
وقالت «إن البلدين سيحددان القطاعات التي تتصدر اهتماماتهما والتي ستركز عليها المبادلات التجارية والاستثمارات مع التفاوض لرفع الحواجز التجارية، ولا سيما من أجل التقدم باتجاه تصدير لحوم العجل البريطانية إلى الصين».
وفي حال الانسحاب من الاتحاد الجمركي الأوروبي، ستكتسي الشراكة التجارية مع الصين، ثاني اقتصادات العالم والقوة التجارية الرئيسية إلى جانب الولايات المتحدة، أهمية حاسمة بالنسبة لبريطانيا.
من جهته، قال لي كه تشيانغ لدى استقباله ماي «أعتقد أن الربيع الذي حلّ باكراً يمكن أن يحمل ثماراً جديدة ستضفي مزيداً من البريق على العصر الذهبي لعلاقاتنا الثنائية».
وأضاف «أنّ العلاقات الصينية البريطانية لا تعرف شتاء وإنما الربيع فقط ولن تتأثر ببريكست».
يذكر أنّ ماي استهلت زيارتها أمس، من مدينة ووهان الصناعية الكبرى في وسط الصين ثم توجّهت إلى بكين حيث تجتمع اليوم مع الرئيس شي قبل أن تختتمها غداً في شنغهاي في الشرق.
ومهّد وزير الدولة للتجارة الخارجية ليام فوكس للزيارة عبر التباحث مع المسؤولين الصينيين بشأن «فتح الأسواق الصينية أمام الصادرات البريطانية ولا سيما الخدمات المالية».
وعدا عن الملفات التجارية، ستناقش ماي مواضيع مثل التغير المناخي وكوريا الشمالية وسيكون عليها كذلك تناول مسائل سياسية شائكة مثل حقوق الإنسان في الصين أو تدهور الأوضاع السياسية في هونغ كونغ.
وكتب كريس باتن آخر حاكم بريطاني في هونغ كونغ قبل إعادتها للصين في 1997 في رسالة وجّهها إلى الحكومة قبل زيارة ماي، «أنّ المستعمرة البريطانية السابقة التي لا تزال تتمتع بحكم ذاتي تواجه تهديدات متنامية تطال الحريات الأساسية وحقوق الإنسان واستقلاليتها».
وبالمثل، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش ماي إلى «إبداء الحزم مع الصين في مسألة حقوق الإنسان وإساءة معاملة الأصوات المعارضة».
وأكدت ماي في وقت سابق هذا الأسبوع أنّ «عمق علاقاتنا الثنائية تسمح لنا ببحث كل المواضيع بصراحة».
ولكن من دون أن تخفي أنّ التجارة تبقى الموضوع الرئيسي لزيارتها كتبت ماي في مقال نشرته «فايننشال تايمز» إنّ «المملكة المتحدة والصين لا تتفقان تماماً بشأن كل الأمور وإنما بصفتنا شريكين نعمل على دعم التبادل الحر، يمكننا العمل معاً بما يخدم اقتصادينا».
ومن المواضيع الأخرى الحساسة سعي الصين للحصول على تأييد لندن مبادرة «طرق الحرير الجديدة» وهو مشروع ضخم من البنى التحتية في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.
ولكن على غرار العديد من الدول الأوروبية اتخذت لندن «موقفاً متحفظاً» إزاء هذه المبادرة التي يُنظر اليها على أنها «وسيلة لتوسيع النفوذ الصيني».
في هذا الصّدد، قالت ماي أمس، «نحن نرحّب بالفرص التي توفّرها المبادرة»، ولكنها عبّرت مع ذلك عن تحفظها بدعوتها الصين إلى العمل مع بريطانيا من أجل احترام «المعايير الدولية».