غصن: الوكالة ليست جمعية خيرية وعملها مرتبط بحلّ عادل وشامل لقضية اللاجئين الفلسطينيين

زار الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب غسان غصن، على رأس وفد من الاتحاد، مدير شؤون وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا في سورية محمد عبدي أدار وسلّمه رسالة إلى المفوض العام للوكالة بيير كرينبول.

وضمّ الوفد: الأمين العام المساعد للشؤون المالية والإدارية إبراهيم عبيدو، الأمين العام المساعد لشؤون اللجان المختصّة والتشريعات غسان الحسن، مدير الشؤون الإدارية للاتحاد زياد صبري بدر، والمستشارة الإعلامية للأمين العام إنعام خرّوبي.

وعرض الجانبان آخر المستجدات المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين، لا سيما بعد القرار الأميركي تقليص المساعدات للوكالة.

وقدم الأمين العام غسان غصن، في بداية اللقاء، نبذة عن الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، مؤكداً البعد الوطني والعمالي للاتحاد، لا سيما في الشأن المتعلق بالحقوق النقابية والعمالية والحوار الاجتماعي بما يؤمن للعمال العدالة الاجتماعية، وفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية.

وقال: المعايير التي تشغل بالنا، لا سيما في منطقتنا العربية، هي الدفاع عن حقوق العمال بدءاً من احترام الحقوق والحريات النقابية وحقّ التنظيم النقابي وتأمين العمل اللائق وحقوق المرأة، ومكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال، لا سيما في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وشدّد الأمين العام على أنّ الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب يولي اهتماماً كبيراً للقضايا الساخنة في المنطقة العربية، وفي طليعتها القضية الفلسطينية، التي يجب أن تكون الشغل الشاغل للعالم وللأمم المتحدة، لتحقيق العدالة للفلسطينيين وتحصين حقوقهم، وفي طليعتها حقّ العودة.

وذكّر بأنّ «الأونروا» أنشئت لرعاية شؤون الفلسطينيين التربوية والصحية والمعيشية، مع ضمان حقّ عودتهم إلى وطنهم وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة، وهذا الحقّ كفلته الأمم المتحدة، ولو تحقق هذا الأمر في مطلع الخمسينات، لما كانت هناك حاجة اليوم لوكالة الغوث، لكنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تعترف بهذه الحقوق، وهي مستمرة في عدوانها وانتهاكاتها وغطرستها.

ونوّه بالدور الكبير الذي قامت به وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، على صعيد الاهتمام بالفلسطينيين تربوياً وصحياً ومعيشياً، وأيضاً على مستوى التشغيل.

وأضاف: إنّ ما نخشاه هو أن يكون تقليص دور الوكالة تمهيداً لإلغائها وثنيها عن القيام بدورها، خاصة أنّ وجودها يذكّر العالم كله بالقضية الفلسطينية، وبتشريد الفلسطينيين الذين احتُلّت أرضهم وصودرت حقوقهم، خصوصاً حق العودة، لذلك كان موقفنا الرافض للقرار الجائر الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتقليص المساعدات الأميركية لـ«الأونروا»، وانطلاقاً من من هذا الموقف، جئنا حاملين رسالة للسيد كرينبول الذي قال «إنّ الكرامة ليس لها ثمن»، ونحن نقدر له هذا الموقف، ونقول بالتالي إنّ حقّ العودة ليس له ثمن، ونحن متمسكون بهذا الحقّ ونطالب المجتمع الدولي بأن يحترم قرارات الأمم المتحدة، خصوصاً تلك المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني. وإذا كانت الأحادية القطبية هي المسيطرة في العالم، فإنّ الحق لن تنتصر عليه أي قوة غاشمة. ولأننا شعب محبّ للسلام، فإننا نؤمن بأنّ العمال لا ينالون حقوقهم إلا في ميادين السلام، ولن يسكت الفلسطينيون عن حقهم وقد جئنا نرفع الصوت عبر «الأونروا» للمجتمع الدولي لحماية حقوق الفلسطينيين، وحقّ العودة بشكل أساسي، عندها لن تكون هناك حاجة لأي منظمة وأي مساعدة من أي جهة كانت.

وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تُمارس الإرهاب وتجوِّع الناس، ومحاولاتها الدائمة إشغال المنطقة بالحروب هدفها إضاعة حقّ الفلسطينيين، لافتاً إلى أنّ ما شهدناه في منطقتنا، وما سمي زوراً «ربيعاً عربياً»، بحجة نشر الديمقراطية، جاء بأنظمة ديكتاتوريات الجماعة عبر المجموعات الإرهابية التكفيرية التي ترفض الآخر لمجرد أنه يخالف أفكارها وتوجُّهاتها المتطرفة.

وختم الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب غسان غصن قائلاً: قد يكون بعض الحكام العرب قد ضيّعوا البوصلة عن فلسطين وشغلونا بحروب موّلوها ودعموها في منطقتنا، إلا أنّ العمال لن يكونوا إلا إلى جانب فلسطين وعاصمتها القدس. ونحن نعتبر أنّ الهدف من استهداف الدول العربية، وخصوصاً الحرب على سورية، هو إلهاؤنا عن قضيتنا المركزية فلسطين، وإشغالنا بالحرب على الإرهاب التكفيري الذي هو الوجه الآخر للإرهاب العنصري الصهيوني.

أدار

من جهته، رحب مدير شؤون وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في الجمهورية العربية السورية محمد عبدي أدار بزيارة الوفد لمكتب الوكالة في دمشق.

وقال: أود أن أعرب لكم عن امتناني الكبير لموقفكم الداعم، وبشكل كبير، لـ«الأونروا» التي تمر بمرحلة صعبة، وقد فوجئنا بقرار تقليص المساعدات، بحيث لم تعط لنا الفرصة ليتسنّى لنا تعديل البرامج. وأريد أن أذكر بأنّ الوكالة تتلقى 365 مليون دولار من الولايات المتحدة الأمريكية وهي أكبر جهة مانحة لها.

وأضاف: في المقابل، وفي إطار البحث عن حلول بديلة، فإننا إذا نظرنا إلى أوضاع الدول العربية الغنية نجد أنها قادرة على منح الوكالة ما تحتاجه لتستمر في دورها الذي وجدت من أجله، وقد أطلق المفوض العام السيد بيير كرينبول حملة اسمها «الكرامة لا ثمن لها»، من أجل حشد الموارد للوكالة وهذه الحملة هدفها أن تغطي كلّ ما يتطلبه اللاجئون الفلسطينيون على الصعد كافة، وأن نصل إلى كل البيوت والأسر، ونحن نتطلع إلى الحصول على تبرعات تفوق الـ500 مليون دولار أميركي، ونتمنى المساعدة من اتحادكم الذي له امتداد عربي ودولي واسع لكي تصل الحملة إلى أكبر عدد ممكن من الدول والشعوب، فهذا الدعم ليس لـ«الأونروا»، بل للفلسطينيين، وبذلك نثبت لأميركا أنّ القضية الفلسطينية ليست للبيع.

ورأى أدار أنّ مواقف الشجب والتنديد قد تساعد، في جانب معين، لكنها ليست كافية ويجب أن نبحث عن موارد من جيوبنا لتمويل الوكالة وبالتالي الحفاظ على استمرارية عملها.

وتوجّه أدار إلى الأمين العام غسان غصن قائلاً: اتفق تماماً معكم حين قلتم إنّ الدوّل العربية مقسّمة فيما بينها وهذا ما يضعف القدرة على دعم القضايا الأساسية، خصوصاً فلسطين، وسنقوم بكلّ ما في وسعنا لتقديم الخدمات لكلّ اللاجئين في مناطق عمليات «الأونروا» الخمس. لدينا في سورية موظفون بينهم مدرسون وأطباء وأصحاب مهارات أخرى، ومعظمهم لهم الرغبة والإرادة للعمل من دون أجر، لكننا نأمل الحصول على الموارد التي نتوخّاها. الأمة العربية كريمة وسخية وكلّ الأديان جوهرها العطاء، وأعتقد أننا إذا توجهنا إلى هذه الأمة بطريقة صحيحة سنحصل على الدعم المطلوب.

وشدّد أدار على أنّ هدف «الأونروا» إنساني وهي تُعنى بتأمين الخدمات والحقوق للفلسطينيين، وهي ليست جهة سياسية، ودائماً يتحدث المفوض العام السيد كرينبول عن حقوق اللاجئين وغياب العدالة، وليس فقط عن المساعدات، وهو يتحدث عن قرار قطع المساعدات عن «الأونروا كلّ يوم، وهو يعتبر أنّ القرار الأمريكي بشأن القدس كان بمثابة وضع الملح على الجرح وهذا يخلق خطراً كبيراً في المنطقة.

وتابع: عملنا إنساني بحت ونقدم خدمات تعليمية وصحية وغيرها للاجئين لكن لا نستطيع حلّ مشكلتهم ولا نمتلك أدوات هذا الحلّ، ولكن أريد أن ألفت الانتباه إلى مسألة مهمة جداً وهي أنّ لدينا نحو نصف مليون طالب فلسطيني وهولاء إذا تمّ قطع المساعدات سيصبحون في الشارع وستكون لذلك آثار سلبية كبيرة.

ثم تحدث غصن، فقال: سيد أدار أريد أن أوضح نقطتين هامين: أولاً أذكر الجميع بأنّ وكالة «الأونروا» ليست جمعية خيرية، والتبرعات التي مُنحت لها بالأساس كانت بناء على التزام الدول ضمان حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين، وليس فقط التكفل بإعالتهم وتشغيلهم وإيوائهم.

ثانياً: اتفق معكم على أنّ وكالة «الأونروا» ليست وكالة سياسية ولا تلعب دوراً سياسياً، لكن من المفيد أن نوضح أنّ قرار الولايات المتحدة قطع المساعدات عن الوكالة كان سياسياً بامتياز، بهدف الضغط على الفلسطينيين ليرضخوا لشروطها وإملاءاتها، وقد قالها ترامب علانية للفلسطينيين: «لا مساعدات قبل أن تقبلوا بشروط المفاوضات».

من جهته، أشار أدار إلى أنّ الوكالة اعتادت على الأزمات المالية لكنّ الأزمة هذه المرة أكبر وأكثر صعوبة.

وقال متوجهاً إلى الأمين العام للاتحاد الأستاذ غسان غصن: نودّ أن يعرف الجميع أثر هذه الأزمة على اللاجئين ولا مانع لدينا أن نطرق أبواباً أخرى، ولنا ولاية مسندة من الأمم المتحدة جُدّدت العام الماضي لمدة ثلاث سنوات. الدعم يحتاج إلى مصادر ولا يمكننا الاعتماد على مانح واحد يملي علينا ويحاول ليّ ذراعنا بشروطه وسنبقى على اتصال مع اتحادكم ونقدر كلّ المخاوف التي أثرتموها في هذا الاجتماع الهام.

وفي ما يلي نص الرسالة التي وجهها غصن إلى المفوض العام لـ«الأونروا»:

تتوجه إليكم الأمانة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بالتحية والتقدير وتود أن تشير بداية إلى أنّ اتحادنا الذي تأسّس في الرابع والعشرين من مارس/ آذار 1956 كإطار يعبّر عن وحدة وكفاح الطبقة العاملة العربية من أهدافه المعبّرة عن شخصيته العمل على إقامة الوحدة العربية، وتحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة من الاستعمار، وتدعيم مؤسّسات العمل العربي المشترك، والتعاون مع المنظمات والهيئات الدولية التي لها علاقة بالعمل والعمال، وترسيخ التضامن العمالي العالمي وتطويره والإسهام في وحدة الحركة النقابية العمالية العالمية من خلال تمثيله لأكثر من مئة مليون عامل عربي.

تعلمون سيادتكم بقرار الولايات المتحدة الأمريكية بتقليص حصتها من المساهمة في موازنة وكالة غوث اللاجئين « الأونروا» وما يترتب على ذلك من آثار سلبية على وضع اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمل المنظمة الخمس «الضفة الغربية قطاع غزة الأردن لبنان سورية « حيث يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في هذه المناطق أكثر من 5.5 مليون لاجئ يعيشون في حالة من البؤس والجوع والبطالة، رغم برامج الإغاثة المباشرة وبرامج التشغيل التي تقوم بها وكالة «الأونروا» حيث أنّ تخفيض مساهمات بعض الدول وتقليص موازنة المنظمة يمكن أن يؤدي إلى جملة من المؤثرات السيكولوجية وإلى حالة من الضياع والتطرف، ما يؤدي بالتالي إلى زعزعة الاستقرار والأمن في هذه المنطقة الساخنة أصلاً كما سيؤثر على مصالح الدول عامة وعلى الاستقرار الإقليمي والدولي.

وإننا في هذا المجال نثمن بيان السيد بيير كرينبول المفوض العام لـ«الأونروا» والذي أكد فيه على استمرار الوكالة في تأدية واجباتها ومهامها وتقديم خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية وتصميم الوكالة على توسيع قاعدة المتبرعين بإيجاد دول متبرعة جديدة لسدّ النقص في التمويل الذي أحدثته الولايات المتحدة الأمريكية، كما نعرب عن تقديرنا وترحيبنا بالحملة العالمية التي أطلقها المفوض العام لجمع التبرعات تحت عنوان «الكرامة لا تقدر بثمن».

كما ندعو المنظمات الدولية والأمم المتحدة إلى مواجهة هذه القضية بكلّ مسؤولية ونعرب عن شجبنا لكافة المحاولات الرامية إلى إلغاء حق العودة وشطب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، مع تأكيدنا على ارتباط عمل الوكالة بحلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل عادل وشامل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى