صفعة من واشنطن لأنقرة عنوانها… سجّادة!
يفقد نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوماً بعد يوم حلفاءه الإقليميين والدوليين، بسبب مواقف أنقرة المتناقضة ضدّ عددٍ من الدول العربية والأخرى المؤيّدة للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «الإخوان» وتنظيم «داعش» الإرهابي و«جبهة النصرة». فبعد أيام قليلة من خسارة تركيا مقعد مجلس الأمن الذي لطالما سعت إليه أنقرة، وجّهت أميركا صفعة جديدة لأردوغان وحكومته. ففي خطوة مفاجئة، أعلن البيت الأبيض عن عرض سجّادة ترمز إلى مذبحة الإبادة الجماعية ضدّ الأرمن عام 1915 لجميع زوّاره في تشرين الثاني المقبل، في إشارة جديدة إلى التوتّر الذي تمرّ به العلاقات التركية ـ الأميركية في عهد باراك أوباما. وأفادت صحيفة «حرييت» التركية أنّ إدارة أوباما، وفي خطوة مفاجئة على الصعيد الدبلوماسي، في ظل تراجع العلاقات التركية ـ الأميركية، قرّرت عرض سجّادة ترمز إلى إبادة الأرمن. وذكرت الصحيفة أن هناك أمراً مهماً آخر إلى جانب قبول إدارة البيت الأبيض طلب اللوبي الأرميني، ويتمثل بأنّ التصريح بهذا الأمر جاء على لسان المتحدّثة بِاسم مستشارة أوباما لشؤون الأمن القومي سوزان رايس. وأعلنت برناديت ميهان، المتحدثة بِاسم رايس، أنّ سجادة «غزير» ستُعرض على زوّار البيت الأبيض في الجناح المفتوح لهم بين 18 و23 تشرين الثاني المقبل.
وقالت الصحيفة إنّ هذا القرار الصادر عن البيت الأبيض ذو أهمية لعدّة أسباب أوّلها أنّ هذا الطلب للأرمن رُفض السنة الماضية من قبل إدارة البيت الأبيض، ومعلوم أن تركيا تدخلت بهدوء محاوِلةً عدم عرض السجادة، فوجدت الإدراة الأميركية أنّ عرض السجادة في السنة الماضية كان سيشكل نوعاً من الخطر، إلّا أنّها لا ترى حرجاً في ذلك هذه السنة. أما البعد الثاني المهم في هذا القرار، فهو أنّ اللوبي الأرميني سينظّم هذا المعرض السنة المقبلة في مختلف دول العالم، بمناسبة مرور 100 سنة على أحداث تهجيرهم.
وقال إسلام أوزكان، المحلل السياسي التركي، إن سياسة أنقرة دفعت إلى خلق عدّة نقاط ضعف أبرزها مذبحة الأرمن وقضية الأكراد. مشيراً إلى أن القضيتين تعدّان إشكالية حقيقية لنظام أردوغان، الذي أدخل أنقرة في دائرة صراع مع أطراف عربية وإقليمية، بلاده في غنى عنها. وأكد أوزكان أنّ البيت الأبيض يعلن عن عرض مذبحة الأرمن على مجلس الشيوخ، والذي يقرّ بالموافقة أحياناً، مشيراً إلى أنّ واشنطن تستخدم الأرمن ورقة ضغط على أنقرة التي تشذّ بسياستها عن دول حلف شمال الأطلسي «الناتو» وعددٍ من الدول الغربية، مؤكّداً أن تبنّي البيت الأبيض قضية الأرمن، يعدّ نتيجة موقف أنقرة الداعم لتنظيم «داعش» الإرهابي. وأوضح الخبير السياسي أن هناك تحركات سيقوم بها الأرمن في عددٍ من الدول الغربية، خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية من أجل الضغط على تركيا للاعتراف بمذابحها ضدّ الأرمن. وشدّد أوزكان على أن الأرمن منتشرون في أوروبا ولديهم جمعيات كثيرة وبإمكانهم إقناع المجتمع الدولي في أوروبا والدولة الأميركية بقضيتهم. مشيراً إلى أن واشنطن تربطها مصالح أكثر مع أنقرة لكنها تستخدم الأرمن ورقة سياسية ضدّ تركيا.
وقال الدكتور نشأت الديهي المتخصّص في شؤون العلاقات الدولية الدبلوماسية، إنّ واشنطن بدأت تتحرّك عكس التيار الذي يريده الرئيس أردوغان الذي كان يستخدم موقعه في الناتو في شكل الندّية لأميركا. مشيراً إلى وجود لعنتين تلحقان بتركيا، منها الموقع الجغرافي الذي وضعها في مرمى الصراعات الموجودة في المنطقة، ولعنة التاريخ التي تطاردها وهي المذابح التي ارتكبتها ضد الأرمن الذين يتحرّكون على كل المستويات للضغط على تركيا من أجل الاعتراف بالمذابح التي ارتكبتها بحقّهم وأودت بحياة مليون و200 ألف أرميني.
وأوضح الديهي أنّ الوضع بالنسبة إلى أنقرة يتأزّم، فالوضع الداخلي معرّض للانهيار، إذ إن خسارة أردوغان عدداً من الأطراف السياسية داخل بلاده انعكس على سلوكه، وأصبح عدوّاً لسورية ومصر والعراق، ويعدّ ذلك من أسباب خسارة تركيا مقعد مجلس الأمن. كما أكد أنّ الولايات المتحدة وجدت بديلاً عن تركيا في المنطقة، وهي طهران، التي بدأت تلعب دوراً إقليمياً بارزاً في عددٍ من الدول. مشيراً إلى أنّ كفّة واشنطن في العلاقات الثنائية مع طهران وأنقرة بدأت تميل نحو إيران، وأنّ واشنطن بدأت في التحرّك بما يحقّق مصالحها بعيداً عن الدول التي تسعى إلى إثارة الصراعات والمشكلات في المنطقة.