«وجوه أحنّ لرؤيتها»… مونودراما على خشبة «القبّاني»
أحال الفنان إسماعيل خلف نصوص مقالات وقصصاً ومرويات شعبية إلى عمل مسرحيّ قام بإعداده وإخراجه تحت عنوان «وجوه أحنّ لرؤيتها»، مطوّعاً فنّ السرد لمسرحية الممثل الواحد التي برع الممثل باسل حريب في أدائها مترجماً ستّ قصص على لسان شخصية حفّار قبور يستعيد سيرة موتاه واحداً تلو الآخر مع كلّ نقلة من شاهدة قبر إلى أخرى وصولاً إلى ضريحه.
وتناولت المسرحية التي تعرض حالياً على خشبة مسرح «القبّاني» في دمشق، حكايات متعدّدة أبرزها حكاية العجوز الذي تمرّ به السنون ولا يحقّق حلمه الطفولي الأول باقتناء دراجة إلّا بعد أن يكون بلغ من العمر عتيّاً، فيموت مقهوراً بحسرته إلى حكاية الأب الذي يقتل ابنه عن طريق الخطأ أثناء قيامه برحلة صيد. مروراً بحكاية الأم وابنها الطبيب الذي يتنكر لها بعد أن تقضي عمرها تعمل كغسالة في بيوت الآخرين لتدبر تربيته وتعليمه وصولاً. إلى حكاية «مريجلا» المرأة التي ستطلب من العكش حفّار القبور أن يحفر لها قبرها بعد أن شعرت بدنو أجلها انتهاء بحكاية الحفّار نفسه الذي مات وهو يغنّي.
وحاول المخرج في هذه التجربة العودة إلى مسرح المونودراما كفنّ جماعي من خلال جسد وصوت ممثل واحد تنقل عبر سينوغرافيا هاشم غزال من لوحة إلى لوحة معتمداً في ذلك على الاستفادة من عناصر ديكور إبراهيم عزي وموسيقى مستقاة من بيئة الجزيرة السورية ملامساً في ذلك الحرب على الإرهاب من خلال حوارية جريئة ومكاشفات برّرها جسد الممثل بحركية ولياقة لافتة، دامجاً بين مستويين من الخطاب باللغة العربية والفصحى واللهجة العامية، ليتردّد صدى صرخة الشخصية «أنا المقبرة والمقبرة أنا» في تماهٍ بين الذات والموضوع على الخشبة.
ونجح المخرج في سوق حكايات شخوصه المتعددة عبر ممثل واحد تاركاً المساحة للمخاطب الغائب في هذا النوع من العروض لشواهد القبور التي توزّعت على الخشبة ليعول المخرج على جسد الممثل وصوته في إيصال طبقات متنوعة من الأداء بين الطفل والشاب والعجوز والأم والطبيب والشيخ والمرأة وعبر تنميط واضح في تقليد لسان حال الشخصيات المتخيّلة من خلال تقنية الحكواتي في مسامرات مع الموتى معيداً بذلك سيرة ناقصة لحيوات الشخصيات التي تناولها العرض.
يذكر أن عرض «وجوه أحنّ لرؤيتها» من إعداد وإخراج إسماعيل خلف أداء وتمثيل باسل حريب سينوغرافيا هاشم غزال ديكور إبراهيم عزي والعرض من إنتاج وزارة الثقافة ـ مديرية المسارح والموسيقى ـ المسرح القومي في الحسكة، حيث قدّم هناك للمرّة الأولى قبل أن يشارك في الأسبوع الثقافي السوري في تونس ومهرجان نقابة الفنانين في اللاذقية.