خليل يُحاضر عن التحديات التي تواجه الاقتصاد اللبناني: الإصلاحات البنيوية تحتاج إلى قرار سياسي حاسم
اعتبر وزير المال علي حسن خليل «أنّ واقعنا الاقتصادي والمالي هو واقع صعب نواجه فيه تحديات كبرى بنيوية لها علاقة بقدرة الدولة على الاستمرار وبقدرتنا على تلبية الحاجات في المرحلة المقبلة، خاصة أننا أمام أنظار المؤسّسات الدولية التي تراقب بكلّ دقة وتتعاطى معنا على هذا الأساس».
وقال خليل خلال ندوة بعنوان «التحديات التي تواجه الاقتصاد اللبناني» في دار الطائفة الدرزية: «نحن أمام ركود اقتصادي وهو نتيجة ما حصل خلال السنوات الماضية ونتيجة ظروف سياسية إقليمية ومحلية. لبنان بلد يقوم بجزء من اقتصاده على الخدمات ويتأثر بالعوامل السياسية الإقليمية والأزمات الاقتصادية في المنطقة مع تراكم الأزمات السياسية التي تراكمت في السنوات الماضية وصلنا إلى واقع من الجمود الاقتصادي، وأمام معدلات نمو منخفضة في جميع القطاعات، وعجز عن استقبال اليد العاملة الناشئة المؤهلة والعادية ما وسع نسبة البطالة الموجودة بين الشباب على أكثر من مستوى، وأدى إلى نقص في الاستثمارات التي تعزِّز الخدمات في الصحة والنقل وغيرها. نحن بلد نعتمد على الاستيراد في معطم ما نستهلكه وهو ما يسبب عجزاً في الميزان التجاري إلى حدود 14 مليار دولار أميركي، وهو ناتج عن طبيعة الاتفاقيات مع الجهات المختلفة عندما نصدر إلى دول الاتحاد الأوروبي حوالي 500 مليون دولار مقابل استيراد 9 أو 10 مليارات دولار».
ولفت إلى وجود «ضعف في القدرة التنافسية نتيجة الكلفة في إنتاجنا في الزراعة والصناعة وكلّ المجالات، وارتفاع الكلفة بالتالي سيؤدي إلى ضعف الإنتاج، وهي كلفة مرتبطة بالطاقة واليد العاملة والبنى التحتية والنقل وتسهيل عملية التصدير وارتفاع كلفة المواد الاستهلاكية، إضافة إلى كلفة رأس المال لأننا وللأسف في واقع مصارفنا تحول جزء كبير من التوظيفات المالية إلى سندات الخزينة أي إلى الربحية الأسهل على حساب التوظيف في مساحات استثمارية في القطاعات المختلفة».
وأشار إلى «أنّ العجز في الميزان يؤدي إلى عجز في احتياط العملات الصعبة وذلك أدى إلى القيام ببعض الخطط التي طرحت حولها علامات استفهام»، مضيفاً: «لو أردنا أن نحلّل علمياً نحتاج إلى مقاربة مختلفة شبيهة إلى حدّ ما بما أوصانا به صندوق النقد الدولي عندما أعدّ تقريره عن مسار الأوضاع المالية والنقدية في البلد خلال الأشهر الماضية، وهو ما طرحناه بما يتعلق بإصدارات وزارة المالية من السندات بالعملات الأجنبية أو بالعملة اللبنانية».
ورأى «أنّ علينا أن نزيد من القدرة التنافسية وزيادة الصادرات وهو ما يحتاج إلى إصلاحات بنيوية، وفي موازنات العشر سنوات الماضية لم ترتفع نسبة الإنفاق الاستثماري في الموازنة إلى أكثر من 10 في المئة ،
وإنفاق 2017 الاستثماري كان بحوالي 8,8 في المئة من مجمل الإنفاق في الموازنة العامة».
واعتبر خليل أنّ «هذا الواقع الاقتصادي الصعب ليس ميؤوساً منه إذا ما أجرينا بعض الإصلاحات البنيوية مثل تأمين الكهرباء وخطوط النقل، وهي أمور غير مستعصية إذا كان هناك قرار سياسي حاسم استراتيجي يعالج المشكلة القائمة».
وسأل: «لماذا لم تنشأ معامل لإنتاج الكهرباء في السنوات الماضية؟ نحن استأجرنا باخرتين لمدة سنة ونصف واليوم أصبحنا في سبع سنوات وربما في تمديد جديد لثلاث سنوات. وهل الأمر يعالج بهذه الطريقة أم نذهب إلى خيارات جذرية جدية تتحمل فيها الناس مسؤولية حقيقية للإنتاج»؟
وتابع: «الأمر نفسه يتعلق بقطاع الاتصالات، ونحن نريد أن يكون على أساس الشفافية وأن يكون قطاعاً مربحاً للدولة وليس لأصحاب المصالح الخاصة، لأنها نفط الهواء في أي دولة ومصدر جوهري لاقتصاد الوطن. رغم اتساع تطوره لم يساهم بعد بشكل فاعل في اقتصاد البلد».
ولفت إلى «أنّ الموازنة اليوم في لبنان تقوم على 37,88 في المئة من الموازنة لبند الرواتب ومكملات الرواتب بين العاملين والمتقاعدين، و33,5 في المئة لخدمة الدين العام أي 77 في المئة من الموازنة. وللأسف الحكومات المتعاقبة بما فيها هذه الحكومة رغم صدور قانون في موازنة العام 2017 بوقف التوظيف تم توظيف 4500 شخص بين أجهزة عسكرية وأمنية وإدارات مختلفة، وبالتالي لم نحترم القانون وارتفع في بعض القطاعات إلى 26 ألف موظف، لنكون أمام انفجار اقتصادي».
وقال: «نحن دفعنا 2100 مليار ليرة في السنة الماضية عجز الكهرباء، ومن المتوقع مع ازدياد أسعار الفيول أن نصل إلى حدود 2600 مليار ليرة وإذا ما أضيف إليهم تكلفة معامل مثل البواخر سنزيد أيضاً حوالي 500 مليار من العجز، لأننا بلد نبيع الكهرباء بأقل من ثلث الكلفة الحقيقية، وهذا لا يستفيد منه سوى المافيات».
أضاف: «نحن بحاجة إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي، وهو مدار نقاش في رئاسة الحكومة وفي التحضير لمؤتمر باريس 4، لأنّ المشاريع المطروحة حوالي 17 مليار دولار هي قروض وعلينا أن نركز على رسم أولويات واضحة لهذه المشاريع لتطلق عجلة النمو الاقتصادي وتخلق إنجازات. أمامنا فرصة للنمو ولنخفف العجز وإلا سنزيد العبء على واقعنا. يجب أن نقرّ بخطة عمل استراتيجية تحدّد فيها مراحل قريبة الأمد، وإلا سوف نبقى نستهلك أنفسنا وإمكانياتنا، والأمر ليس مستحيلاً. صحيح أننا أمام تحديات كبرى، لكن إذا ما خلصت النوايا وإذا كانت هناك سياسة حقيقية، باستطاعتنا أن نحقق إنجازات ونضع حداً لارتفاع المديونية العامة من خلال ضبط الإنفاق ومراجعة الأساليب التي تساهم في خفض الدين العام والالتزام بالقوانين التي أقرت والتي تمنع الانفلاش في التوظيف والجدية في قطاع الكهرباء والأهم هو مستوى الهدر والفساد في هذه الدولة».