عن الذين استعجلوا دخول الجيش السوري إلى عفرين
حميدي العبدالله
ثمة من ألحّ على دخول الجيش السوري إلى عفرين واستهجن الاكتفاء بنشر القوات الشعبية متجاهلاً الكثير من الوقائع والمعطيات التي تتصل بمجمل الصراع المعقد والمركّب الذي يدور في أكثر من منطقة سورية.
حدّدت الدولة السورية موقفها المبدئي وهو يقوم على ثلاثة ركائز أساسية: الأولى أنها ضدّ الغزو التركي لعفرين وأنها لن تقبل ولن تسمح بذلك وما حدث في جرابلس الباب لن يتكرّر في عفرين لأنّ الظروف قد تغيّرت ولا سيما على المستوى الميداني لمصلحة الدولة السورية.
الثانية أنّ الدولة السورية لا تريد وليس من مصلحتها تجاهل متطلبات حلفائها في إدارة العلاقة مع تركيا بما يساعد على تعميق الشرخ والتصدّع بين تركيا والولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي لأنقرة التي لا تزال تسعى إلى التفاهم مع الولايات المتحدة على قاعدة العداء للدولة السورية لأنّ تسهيل عمل حلفاء سورية وتحديداً روسيا وإيران في إدارة العلاقة مع تركيا ستكون له تداعيات إيجابية على مجمل الصراع في سورية ولا سيما في مواجهة الحلقة الأخطر وهي الوجود الأميركي في شرق سورية إذ ليس من مصلحة سورية دفع تركيا للارتماء في أحضان أميركا والتراصف إلى جانبها دون الحصول على التزامات واضحة من وحدات الحماية الكردية بتغليب أولوية التعاون مع الدولة السورية على السير في ركاب الخطط الأميركية.
كما انه ليس من مصلحة سورية الصدام مع المكوّن الكردي الذي كان خصماً للمنظمات الإرهابية قبل ان تستثمر واشنطن تهديد التنظيمات الإرهابية لدفعه للتحوّل إلى جزء من الاستراتيجية الأميركية.
إدارة هذه العلاقة المعقدة لا تسمح بمواقف أسود أو أبيض مع التركي أم مع الكردي بل تستدعي إدارة دقيقة لهذه العلاقة الحساسة والدولة السورية لا تستطيع تجاهل أنّ أطرافاً كردية ذهبت بعيداً في التنسيق مع الولايات المتحدة والعمل تحت القيادة الأميركية بهدف تقسيم سورية والسعي إلى زرع نفوذ دائم للولايات المتحدة داخل سورية والتي عبّرت عنها تصريحات صالح مسلّم الذي نفى موافقة أكراد عفرين على دخول الجيش السوري ووضع الدولة السورية بمصاف الدولة التركية في مواقفها من الأكراد.
الدولة السورية مستعدّة للدفاع عن الأرض السورية في عفرين وغيرها ولكن ليس من خلال شروط ومسارات تفرض عليها من قبل هذه الجهة أو تلك من الجهات النافذة على الأرض السورية.
الدولة السورية تقدّم الدعم لحامية عفرين وستساهم في استنزاف القوات التركية الغازية وستساعد على إفشال الغزو ولكن من خلال خطوات بعيدة عن الاستعراض الإعلامي والسياسي وعلى نحو يأخذ بعين الاعتبار الحسابات التي تمّ عرضها.
ستدخل الدولة السورية إلى عفرين إما عن طريق نجاح موسكو وطهران بإقناع الحكومة التركية بوقف غزوها وانتشار الجيش السوري أو قوات حرس الحدود على الحدود المشتركة بين البلدين أو من خلال انتشار القوات الشعبية الرديفة التي باتت على جبهات القتال في عفرين تحسّباً لإصرار تركيا على مواصلة غزوها لعفرين ولمنعها من تحقيق أهداف هذا الغزو.