بعد قرار مجلس الأمن: الكرة في المرمى الأميركي والغربي
حميدي العبدالله
بات واضحاً أنّ تنفيذ قرار مجلس الأمن 2401 يشكل تحدّياً للولايات المتحدة وليس للدولة السورية وروسيا.
القرار ينصّ صراحةً وبوضوح على أنّ وقف العمليات العدائية يجب أن يكون وقفاً يشمل كلّ أنحاء سورية، بما في ذلك العدوان التركي على عفرين والاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على القوات السورية، فهل الولايات المتحدة والحكومات الغربية مستعدة لإقناع الحكومة التركية بوقف اعتداءاتها على عفرين، علماً أنّ عفرين كانت تحت سيطرة جماعة مسلحة هي حليفة الولايات المتحدة والغرب ولم تصنّف لا من قبل الدول الغربية، ولا من قبل روسيا والولايات المتحدة ولا من قبل أيّ جهة أخرى بأنها جماعة إرهابية.
كما أنّ الطلب إلى الدولة السورية وقف عملياتها ضدّ النصرة وتنظيمات القاعدة، والسماح للولايات المتحدة بمواصلة استهداف داعش في دير الزور، ألا يعني هذا تطبيقاً استنسابياً للقرار 2401؟ أما أن يطلب من الدولة السورية وحدها وقف هجماتها ضدّ الجماعات الإرهابية، واستثناء تركيا و«إسرائيل» والولايات المتحدة، فهذا يعني تطبيقاً استنسابياً للقرار، وهذا لن تقبله الدولة السورية أولاً، وهذا ما شدّد عليه مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة، وسترفضه روسيا ثانياً الشريك في وضع مسودة القرار الأخير الذي تمّ التصويت عليه.
القرار ينص صراحةً أيضاً على استثناء جبهة النصرة، وتنظيمات القاعدة، أو التنظيمات المسلحة المتعاونة مع تنظيمات القاعدة من وقف العمليات العسكرية، ومعروف أنّ جبهة النصرة تسيطر على أجزاء واسعة من الغوطة الشرقية وإدلب ودرعا، فهل تتوقع الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون أن تقبل الدولة السورية وروسيا، تجميد العمليات العسكرية ضدّ هذه التنظيمات التي استثناها قرار مجلس الأمن؟
ألا يعني ذلك أنّ هذا المطلب على هذا الصعيد يشكل تطبيقاً استنسابياً لقرار مجلس الأمن، وهل توافق دمشق وموسكو على ذلك، وهما في وضعية تؤهّلهما لرفض كلّ ما يتعارض مع مصالحهما الحيوية؟
قطعاً موقف دمشق واضح جداً منذ فترة طويلة، وموقف موسكو أوضحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع كلّ من المستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي، والذي شدّد فيه على مواصلة العمل لمكافحة التنظيمات الإرهابية، وأكده البيان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية.
المطروح اليوم، إما تنفيذ قرار مجلس الأمن بكلّ فقراته وبشكل متزامن، وإما أن تكون الولايات المتحدة وحلفاؤها المسؤولين عن تعثر تطبيق هذا القرار نتيجة لتمسكهم بالتنفيذ الاستنسابي، الأمر الذي لم يعد مقبولاً ومسموحاً به من قبل سورية وحلفائها.