الهبة الإيرانية محمودة في أربيل ومرذولة في لبنان؟
جهاد أيوب
من عجائب جماعات النائب سعد الحريري والتيار الأزرق، وزمر «14 شباط» تغنّيهم بالجيش اللبناني قولاً، بينما إعلامهم يطلق على مَن يقاتل الجيش صفة «الثوار»، ويعملون ليلاً نهاراً على اضعافه وشحن مناصريهم ضده، وترك نوابهم ومسؤوليهم يتطاولون عليه، ووصلت بعض ألسنتهم إلى القول عنه إنه «جيش صليبي»، ومع ذلك يلغون الذاكرة، ويريدوننا من خلال ألسنتهم التي عادت لهم هذه المرة أن نصدق أنهم مع الجيش، وأكبر دليل على الفوضى الوطنية التي يعانونها عن قصد أو من غير قصد هجومهم الغريب على الهبة الإيرانية المقدمة لتسليح الجيش اللبناني دون منة أو شرط، وتهليلهم للهبة الورقية السعودية المشروطة بموافقة أميركا وبرضا «إسرائيل»؟!
والسؤال الواجب طرحه هنا، وبعيداً عن أي التباسات أو محسوبيات، بل جراء المشاهدة والوقائع، هو كيف يُسمح لإيران بأن تسلّح البيشمركة الكردية بالخبرات العسكرية والأسلحة المتطوّرة من أجل محاربة التنظيم الإرهابي «داعش»، وبناء على طلب رسمي من رئاسة إقليم كردستان أكده رئيس الإقليم في مؤتمر صحافي عقده مع وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف حيث قال: «طالبنا العالم أجمع بمساعدتنا بتسليح قوات البيشمركة في إطار حربنا على الإرهاب، والدفاع عن الإقليم في مواجهة «داعش» ومناصريه التكفيريين، ولم يستجب أحداً لنا، فقط استجابت وفوراً ومن دون شروط ومقدمات الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
وفي حين أنّ الجيش اللبناني تلقى هبات على الورق بقيمة 4 مليارات دولار من السعودية، ودخلت تلك الهبات في زواريب السمسرات، والمحسوبيات، وتسديد ديون المكلفين بالإشراف على بعضها، وإرضاء «إسرائيل» وأخذ خاطرها لتحدّد نوعية السلاح الذي يسمح للجيش اللبناني بالحصول عليه، ومباركة أميركا وربما بموافقة أصغر موظف في البيت الأبيض، ومع ذلك لم تصل حتى اللحظة أي قطعة سلاح. في المقابل أعلنت إيران على لسان رئيس مجلس الأمن القومي علي شمخاني ومن بيروت أنها على استعداد تامّ وجاهز لتقديم هبة غير مدفوعة وغير مشروطة للجيش اللبناني وتنتظر أن تتسلّمها الدولة اللبنانية وفوراً ليخرج علينا جهابذة «14 شباط» من هنا وهناك، وكلّ من يعمل في «تيار المستقبل» وإعلام السعودية في لبنان رافضين الهبة الإيرانية الواقعية والحقيقية والجاهزة، ومهلّلين للهبة الورقية السعودية التائهة!!
رفض جهابذة فريق سعد الحريري و«14 شباط» جاء بتوجيه أميركي صرف، وتسليحاً بالعقوبات المفروضة على طهران… لذلك يعاود السؤال لهؤلاء المحبّين والغيار على الجيش اللبناني، ويطالبونه بدور أكبر من دون أن يفكروا جدياً بتسليحه، كيف تسقط العقوبات المفروضة على طهران في أربيل وتظهر مرذولة في بيروت؟ علماً أنّ الهبة الإيرانية مقدمة من دولة إلى دولة وليست صفقة بيع وشراء كي تشملها العقوبات الدولية المتأمركة ووفق قرارات أميركا الخاصة؟!
وعليه… تسقط الأصوات المرتفعة والخافتة حسب دور مرددها، والتي كانت توجه الاسئلة إلى السيد حسن نصر الله عن عدم مساعدة إيران للجيش اللبناني، ولماذا لا تسلحه؟
وهذا الرفض الشباطي المسعور للهبة الإيرانية يكشف عن النية الحقيقية عند فريق «14 شباط» وسعد الحريري بعدم تسليح الجيش اللبناني، وتركه فريسة سهلة للتيارات التكفيرية، ولعناصر المستقبل، ورميه لقمة سائغة أمام حروبه ضدّ «داعش» و«جبهة النصرة»، وأيضاً يلغي صراخهم الجديد حول نيتهم بمحاربة التكفيريين الذين قدّموا لهم التسهيلات والتعزيزات الميدانية، وربما المالية كي يتواجدوا ويتكاثروا بحجة ضرب سورية وحزب الله والمقاومة!!
إنّ رفض جماعة سعد الحريري وفريق «14 شباط» للهبة الإيرانية يعني بكلّ وضوح أنهم يدعمون مفهومهم للدويلة داخل الدولة مهما نظّروا عكس ذلك، ومنذ تسلّم الرئيس فؤاد السنيورة مقاليد الحكم في مجلس الوزراء وحتى اليوم ينحصر دور هذا الفريق بلجم قوة الجيش وجعلة شرطياً في شوارع بيروت ليس أكثر!!