الغوطة: سيناريو حلب ومصر بدلاً من تركيا
حميدي العبدالله
بات واضحاً في ضوء حجم الحشود العسكرية، وفي ضوء تصريحات المسؤولين السوريين، وتصريحات المسؤولين الروس، ولا سيما التصريحات الروسية التي صدرت على أعلى المستويات بعد التصويت على قرار مجلس الأمن 2401، أنّ الهدنة التي دعا إليها مجلس الأمن عبر هذا القرار لا تعني وقف عملية استعادة الغوطة الشرقية إلى كنف الدولة وإلغاء الوجود المسلح في هذه المنطقة، سواء كان المسلحون ينتمون إلى التنظيمات الإرهابية، أم إلى التنظيمات المصنّفة من قبل الغرب تنظيمات معتدلة، ولعلّ تصريح وزير خارجية روسيا الذي أكد فيه أنّ أحرار الشام وجيش الإسلام مستثنيان من الهدنة لأنهما كيانات تتعاون مع جبهة النصرة، يؤكد ذلك. وواضح أيضاً من تصريحات المسؤولين الروس، ولا سيما بعد اجتماع مجلس الأمن الروسي برئاسة الرئيس فلاديمير بوتين والذي عقد بعد صدور قرار مجلس الأمن، وكرّس للبحث في وضع الغوطة، وما أعقبه من إعلان لهدنة يومية تبدأ عند الساعة التاسعة من صباح كلّ يوم وتنتهي عند الساعة الثانية، أنّ العملية العسكرية مستمرة في هذه المنطقة وفقاً للسيناريو ذاته الذي وُضع لاستعادة الأحياء الشرقية من مدنية حلب.
سيناريو تحرير الأحياء الشرقية قضى بأن تستمرّ العملية العسكرية حتى استعادة هذه الأحياء بشكل كامل، ورفض أيّ هدنة تعني بقاء المجموعة المسلحة داخل هذه الأحياء مهما بلغت الضغوط الإقليمية والدولية، هذا أولاً، وقضى هذا السيناريو ثانياً أن تكون روسيا إلى جانب الدولة السورية، والجيش السوري في مواجهة أيّ تهديدات خارجية تسعى لعرقلة التقدّم وتحقيق السيطرة الكاملة والاستعداد لمواجهة كلّ الاحتمالات، بما في ذلك التصدي لأيّ اعتداء خارجي من أيّ دولة جاء هذا الاعتداء، ولذلك تولت القيادة الروسية، السياسية والعسكرية، الإعلان عن الخطوات الميدانية المواكبة عملية الجيش، وقضى سيناريو حلب ثالثاً، أن تتولى تركيا الاتصال مع المجموعات المسلحة لتأمين تسوية من يريد تسوية وضعه وسحب من يريد الانسحاب إلى خارج الأحياء الشرقية.
اليوم يتكرّر السيناريو ذاته مع فارق وحيد، أنّ تركيا لن يكون لها أيّ دور في هذه المنطقة، وأنّ مصر بسبب علاقاتها الجيدة مع المملكة العربية السعودية، الداعم الرئيسي لمسلحي الغوطة، وعلاقتها الطيبة مع روسيا، وأيضاً بسبب علاقاتها مع الدولة السورية، مرشّحة لأن تلعب الدور الذي لعبته تركيا في حلب لجهة تسهيل خروج أو تسوية أوضاع مسلحي الغوطة.