تحت عنوان «شراكتنا المستقبلية».. ماي تعرض رؤيتها وتناشد الاتحاد الأوروبي إظهار المرونة
أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عن «طموحات في اتفاقية تجارية تحقق مصالحها تشمل الخدمات المالية»، وقالت في كلمة طال انتظارها، «إنّ بريطانيا ستسعى إلى عضوية انتساب في هيئات تنظيمية بالاتحاد الأوروبي تشمل قطاعات الكيماويات والأدوية والطيران والفضاء».
حثت الاتحاد الأوروبي أمس، على أن «يظهر مرونة أكبر في المحادثات بشأن العلاقة بين الجانبين في المستقبل»، قائلة «إنّ بريطانيا تدرك أنها لا يمكنها أن تحصل على كل ما تريده، لكنها تعتقد أنّ اتفاقية تجارية طموحة ما زالت ممكنة».
وناشدت ماي الاتحاد الأوروبي «العمل معاً» لـ»حلّ بضع مشاكل هي الأكثر صعوبة بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد»، بما في ذلك ما يتعلق بأيرلندا، حيث يخشى البعض العودة إلى «حدود جامدة» مع إقليم إيرلندا الشمالية بعد بريكست.
لكن باقتراحها أن تقبل بريطانيا بعض قواعد الاتحاد الأوروبي وأن محكمة العدل الأوروبية ستظل تقوم بدور في القانون البريطاني، خاطرت ماي أيضاً بـ «إثارة انزعاج لدى قادة الحملة المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد في حزب رئيسة الوزراء».
لكن ماي قالت «إنّ الوقت حان كي تكون صريحة مع الشعب بشأن ما يمكن تحقيقه»، بعد نحو 20 شهراً من تصويت الناخبين على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وبدء حكومتها في تفكيك تكامل مضى عليه 40 عاماً. ومن المقرّر أن تغادر بريطانيا الاتحاد في 29 آذار 2019.
وأبلغت ماي سفراء ورؤساء شركات في قلب الحي المالي بالعاصمة لندن «علينا جميعا أن نواجه بعض الحقائق الصعبة».
وقالت ماي «لا يمكن لأي منا أن يحصل على ما نريده تماماً… لذا علينا أن نحقق توازناً جديداً».
والكلمة التي جاءت تحت عنوان «شراكتنا المستقبلية» هي محاولة لـ «تهدئة المخاوف بشأن الكيفية التي ترى بها بريطانيا مستقبلها خارج الاتحاد الأوروبي وبنيتها الاقتصادية، ومسعى لتخفيف الإحباط في بروكسل»، بشأن ما يقولون إنه «غياب للتفاصيل».
ورفضت ماي «الترتيبات التجارية الجاهزة» التي لدى الاتحاد الأوروبي بالفعل مع دول مثل النرويج، قائلة «إنها لا توفر الطريق الأفضل للسير قدماً لبريطانيا أو الاتحاد الأوروبي».
لكن رؤيتها تغيّرت قليلاً عن اقتراح أولي لبريطانيا بأن «تكون قادرة على الابتعاد عن بعض القواعد واللوائح التنظيمية للاتحاد الأوروبي بينما تتمسك بقواعد ولوائح أخرى تعود بالفائدة على بريطانيا»، وهي الخطة التي وصفها الاتحاد بأنها «محض وهم».
وقالت ماي «لذا فإنّ رسالتي إلى أصدقائنا في أوروبا واضحة. نحن نعرف ما نريد. نحن نتفهم مبادئكم. لدينا مصلحة مشتركة في فعل هذا بشكل صحيح. لذلك دعونا نمضِ قدماً».
ورحّب ميشيل بارنييه كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي بكلمة ماي، قائلاً «إنها توفر وضوحاً واعترافاً ببعض الحلول الوسط الضرورية».
ولفترة طويلة أبقت ماي على أوراقها طي الكتمان، ساعية إلى «تجنّب استفزاز أولئك الذين يريدون انفصالاً كاملاً من الاتحاد الأوروبي، أو آخرين ينتابهم الخوف من أن سادس أكبر اقتصاد في العالم سيواجه صعوبات، إذا رفع الحواجز في مواجهة شريك تجاري كبير.
وقال مصدر حكومي «إنّ كلمة ماي تهدف إلى إظهار موقف أكثر واقعية في المحادثات بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتي تواجه صعوبات في الوقت الحالي بشأن الجزء الأسهل نسبياً الخاص بالاتفاق على فترة انتقالية بعد أن تخرج بريطانيا من الاتحاد في مارس آذار العام المقبل».
ورحّب أحد قادة الحملة المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد بالكلمة، وأشاد برئيسة الوزراء، التي تتعرّض لضغوط من فصيلين متخاصمين في حزب المحافظين الذي تتزعمه، لأنها وضعت الكرة بقوة في ملعب الاتحاد الأوروبي.
وقال ديفيد جونز، وهو نائب بالبرلمان عن حزب المحافظين ومسؤول وزاري سابق عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يدرس ما إذا كان سيعطي الأولوية لمبدأ جامد على المصالح المتبادلة لشعبه ولشعب المملكة المتحدة».
وأضاف قائلاً «يجب أن نأمل في أن يكونوا إيجابيين وعمليين مثل تيريزا ماي».
وبعد أن عرض الاتحاد الأوروبي في مسودة اتفاق الانسحاب خطة احتياطية ستتضمّن بقاء أيرلندا الشمالية جزءاً من الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، تعرّضت ماي إلى ضغوط للتوصل إلى حل.
لكن مصدراً حكومياً قال «إنّ أحد اقتراحاتها على الأقل والذي يتعلق بإبرام شراكة جمركية، حيث ستطبق بريطانيا الرسوم الجمركية للاتحاد الأوروبي على حدودها، فيما يخصّ البضائع المرسلة إلى الاتحاد، أو ترتيب جمركي مبسط، حيث يطبق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على نحو مشترك معايير تقلص الاحتكاكات، ربما يحتاج إلى المزيد من العمل».
كما أن من غير الواضح ما إذا كانت بروكسل ستقبل أن يكون لبريطانيا حق الدخول إلى الأسواق المالية للاتحاد الأوروبي في مقابل أن يكون لديها معايير مماثلة لتلك التي لدى الاتحاد.
وبصفة عامة فإن ماي ناشدت الاتحاد الأوروبي أن يعملا معاً.
وقالت «نعم، ستكون هناك نجاحات وإخفاقات في الأشهر المقبلة. وكما في أيّ تفاوض، لا أحد سيحصل على كل ما يريد. لن نهتز بالمطالب التي تدعونا للتحدث بصرامة أو التهديد بالانسحاب».
وأضافت قائلة «باتباع المسار الذي عرضته اليوم، أنا واثقة بأننا سنحقق نجاحاً وسنحصل على النتيجة الصحيحة لبريطانيا والاتحاد الأوروبي».