ظريف: أوروبا مطالبة بالضغط على أمیركا لتنفیذ تعهداتها لودريان: نؤمن تماماً بضرورة تنفیذ الاتفاق النووي
قال وزیر الخارجیة محمد جواد ظریف «إنّ أوروبا تضطلع بدور أكثر فاعلیة للحفاظ على الاتفاق النووي»، مضیفاً «أنّ أوروبا مطالبة بالضغط على أمیركا لتنفیذ تعهداتها في إطار الاتفاق وأن لا تسمح لها بتحقیق مطالبها غیر المنطقیة وغیر القانونیة».
جاءت تصریحات وزیر الخارجیة الإیراني خلال لقائه أمس مع نظیره الفرنسي جان إیف لودریان الذي أجرى والوفد المرافق زیارة لطهران.
وفیما نوّه إلى موقف أوروبا وفرنسا «المبدئیة» إزاء الإتفاق النووي. أعرب ظریف عن «انتقاده لبعض الإجراءات وتصریحات المسؤولین الأوروبیین فیما یخصّ تنفیذ الاتفاق وأیضاً تأثرها بالضغوط الأمیركیة في هذا الخصوص».
وقال وزیر الخارجیة الإیراني «إنّ الاتفاق النووي هو وثیقة متعددة الأطراف، ساهمت أوروبا في إنجازه أیضاً»، مضیفاً: «أنه بشهادة 10 تقاریر صادرة عن الوكالة الدولیة للطاقة الذریة فقد التزمت إیران بكامل تعهداتها في إطار الاتفاق النووي».
وتابع ظریف، «لكن هذا الاتفاق یتعرّض حالیاً لألاعیب غیر منطقیة وتسییس من جانب الأمیركان، وبالتالي فمن شأن أوروبا أن تتولى دوراً یهدف للحفاظ على هذا الإنجاز الدولي وقبل كل شيء وبالتزامن مع تنفیذها كامل بنود الاتفاق، فإنّ أوروبا مطالبة بفرض الضغط على أمیركا لتنفذ تعهداتها فی إطار الاتفاق النووي وأن لا تسمح لها رغم كافة انتهاكاتها ونقضها للعهود بأن تحقق مطالبها غیر المنطقیة وغیر القانونیة».
وشدّد ظریف على أنّ «الحفاظ على هذا الإنجاز الدبلوماسي الدولي یجب أن یحظى باهتمام وبالمستوى نفسه لدى الجمیع، وأن لا یقتصر على التصریحات فقط»، مبیناً «أنّ أمیركا لم تنقض تنفیذ تعهداتها، فحسب إنما تعمد إلى منع أوروبا من تنفیذ هذا الاتفاق».
وفي معرض الإشارة إلى التطورات الإقلیمیة، نوّه وزیر الخارجیة الإیراني بـ «جهود طهران ومقترحاتها بهدف تسویة التحدیات الراهنة في المنطقة»، معرباً عن «أسفه من أنّ بعض الأطراف لا تحمل أي رغبة لحل هذه التحدیات».
وأردف قائلاً: «نحن على یقین بأنّ أوروبا إذا كانت جادة في مواقفها لوقف الكوارث الإنسانیة في المنطقة، فهي قادرة على إجراء تشاورات مع إیران في هذا الخصوص، لكن إذا كانت تسعى وراء أهداف دعائیة أو إرضاء أمیركا فإنّ الجمهوریة الإسلامیة لن تدخل في هذه اللعبة».
ورداً على تصریحات وزیر الخارجیة الفرنسي حول القدرات الصاروخیة الإیرانیة، قدّم ظریف شرحاً حول المفاوضات النوویة والتركیز المبرهن على أنّ «موضوع الصواریخ خارج عن الاتفاق النووي وأیضاً القرار 2231»، منوهاً إلى أنّ «أمیركا وسائر الدول التي حوّلت منطقتنا برمیلاً من البارود عبر صفقاتها لبیع السلاح ینبغي علیها أن تكف عن مواصلة هذه الإجراءات».
وقال ظریف «إنّ القوة العسكریة الإیرانیة هي للدفاع عن البلاد والردع»، مردفاً «إنّ إیران وفي ضوء تجاربها المریرة خلال الحرب المفروضة، أدركت بضرورة الاستناد إلى قدراتها الردعیة من أجل الدفاع عن مواطنیها».
وكان قد صرّح ظريف لصحيفة «اعتماد الإصلاحية»، في وقت سابق أمس، «أنّ البلدان الأوروبية وبهدف إبقاء أميركا في الاتفاق النووي اندفعت نحو مواقف متطرفة، وأن هذا التطرّف سيوجه ضربة للسياسة الأوروبية نفسها».
وأضاف ظريف خلال حديث مع «أنّ الأوروبيين يحاولون إرضاء الولايات المتحدة»، مشيراً إلى أنّ «هذه السياسة غير مفيدة، لأنهم لم يحققوا منها نتيجة مفيدة في الماضي».
ورأى أنّ «إثارة واشنطن وبعض الدول الأوروبية لمسألة الدور الإقليمي لإيران وبرنامجها الصاروخي هي مجرد شعارات غير قابلة للتطبيق».
وحول السياسة الأوروبية إزاء تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ «الانسحاب من الاتفاق النووي خلال أيار المقبل»، قال ظريف «الأميركيون والأوروبيون لم يلتزموا بتعهداتهم في الاتفاق النووي، وهم ليسوا في ظرف يمكّنهم من فرض شروطهما علينا».
وأكد ظريف «أنّ أميركا لم تلتزم بالاتفاق بسبب سياسة البيت الأبيض، وأنّ أوروبا لم تلتزم بالاتفاق خصوصاً في الأمور المتعلقة بالتبادل المصرفي».
وقد أوضح أنّ «الأوروبيين يدركون أنّ إيران لن تكون غير مبالية إزاء مواقفهم هذه»، مضيفاً «سيندمون على خطئهم هذا، مثلما ندموا في السابق على دعمهم للعراق في استخدامه للسلاح الكيميائي خلال حرب السنوات الثماني».
ونوّه الدبلوماسي الإيراني إلى أنّ «طهران كانت وما تزال تقف في الصف الأول لمواجهة الإرهاب، وصواريخها غير مصمّمة لحمل رؤوس نووية».
فيما ذكر أنه «خلال العام الماضي فقط أنفقت السعودية 67 مليار دولار لشراء الأسلحة، بينما أنفقت بلدان مجلس التعاون الخليجي بمجموعها 116 مليار دولار لشراء الأسلحة».
وحول مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا الأسبوع الماضي لمجلس الأمن بشأن اليمن الذي تضمن فقرات «تدين فيها إيران»، أكد ظريف أنّ «مشروع القرار يمثّل إهانة لمشاعر العالم أجمع لأنه دافع عن المعتدي».
واعتبر أنه «إذا أرادت أوروبا أداء دور إيجابي وواقعي لإنهاء الأزمة اليمنية فإنّ إيران مستعدّة لمساعدتها، أما إذا كانت تريد ممارسة مجرد دور إعلامي لإرضاء الولايات المتحدة فإنّ طهران غير مستعدة لدخول ألاعيب كهذه».
وفي هذا السياق، اعتبر «أنّ روسيا باستخدامها حق النقض الفيتو ضدّ القرار البريطاني حول اليمن تكون قد أنقذت اعتبار ومكانة مجلس الأمن الدولي»، لافتاً إلى أنّ «واشنطن لا تلتزم بتعهداتها وفي الوقت نفسه تمنع أوروبا أيضاً من الالتزام بهذه التعهدات»، مضيفاً أن «الاتفاق النووي أصبح ألعوبة بيد أميركا».
لودريان
من جانبه، قال وزیر الخارجیة الفرنسي في هذا اللقاء «إنّ بلاده تؤمن تماماً بضرورة تنفیذ الاتفاق النووي واتخذت إجراءات عملیة عدیدة وواسعة النطاق بهدف تنفیذ هذا الاتفاق»، لافتاً في السیاق ذاته إلى «استثمارات بلاده في صناعة السیارات والطاقة الإیرانیة وفتح خطوط ائتمان خاصة للتعاون التجاري والاستثماري في المشاریع المشتركة مع إیران».
وقال لودریان «إنّ فرنسا وأوروبا خاصة، متعهّدة وترغب في تنفیذ الاتفاق النووي رغم وجود الضغوط الأمیركیة».
وبحسب الوزیر الفرنسي، «بادرت باریس إلى إجراءات جیدة في ما یخصّ التعاون المصرفي»، مضیفاً «أنّ حجم استثمارات الشركات الفرنسیة في إیران شهد نمواً ملحوظاً في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي».
یذكر أنّ الجانبین الإیراني والفرنسي استعرضا في محادثاتهما، أمس مختلف القضایا ذات الاهتمام المشترك، كما تطرقا إلى التطورات الراهنة في المنطقة ولا سیّما الوضع في سوریة والیمن.
شمخاني
من جهته، أبلغ أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني ضيفه الفرنسي خلال لقاء بينهما بأنّ «على كل الأطراف والمجتمع الدولي الحفاظ على الاتفاق النووي»، مشدّداً على أنّ «عدم الالتزام به من قبل البعض لم يعُد مقبولاً»، واعتبر أنّ «عدم نجاح الاتفاق سيؤدي إلى فشل باقي الاتفاقيات الدولية ومنطق الحوار لحل القضايا العالمية».
وبحسب شمخاني فإنّ «سياسة أوروبا بمنح الولايات المتحدة بعض الامتيازات لضمان بقائها في الاتفاق غير صحيحة» وتعني «الاستسلام أمام الحرب النفسية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب».
وتابع شمخاني «لولا تصدّي إيران للإرهاب لكانت أزمة الأمن وعدم الاستقرار قد طالت أوروبا ولاسيما فرنسا»، مضيفاً «أنّ عدم التصدّي للتنظيمات الإرهابية المعارضة لإيران والمقيمة في فرنسا يتعارض مع مسؤوليات باريس الدولية ولا يعزّز مسيرة تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين».
وعن مشروع القرار الأوروبي الأخير حول اليمن قال شمخاني «إنه كان مُحبِطاً ودليل على لا مبالاة الدول الغربية حيال الإبادة الجماعية وعمليات انتهاك حقوق الإنسان التي يتعرّض لها الشعب اليمني».
بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي لشمخاني «إنّ حكومة بلاده تكرّر تأكيدها ضرورة التزام كافة أطراف الاتفاق النووي بتعهداتها، وإنّها تعتبر المواقف الأميركية عاملاً مخلاً بالاتفاق وتعارضها».
وأضاف أنه «سيتمّ الإعلان عن حلول جديدة من أجل حصول انفراجات جادة في العلاقات المالية والمصرفية بين إيران وفرنسا».
جزائري
من جهته، قال المتحدّث باسم القوات المسلحة الإيرانية مسعود جزائري «إنّ بلاده ستمضي قدماً في برنامجها الصاروخي رغم الضغوط الغربية».
وفي تصريحات له أوضح جزائري أنّ «البرنامج الصاروخي الإيراني سيستمرّ دون توقف وليس من حق القوى الأجنبية التدخل في هذا الأمر»، مشيراً إلى أنه «من غير المسموح لأي مسؤول إيراني بحث هذه القضية مع أجانب».
قاسمي
وكان المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي قال أول أمس، عشية زيارة وزير الخارجية الفرنسي لطهران، إنّ «هواجس باريس حول سياسة إيران الإقليمية مجرد أوهام»، مؤكداً أنّ بلاده «لن تأخذ رخصة أو موافقة أي كان في تحديد سياستها الدفاعية الصاروخية».
وتأتي زيارة وزير الخارجية الفرنسي لإيران للتشديد على «التزام أوروبا بالاتفاق النووي» الذي توصلت إليه قوى عالمية مع طهران، لكنه سيطرح أيضاً مخاوف أثارها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي هدّد بالانسحاب من الاتفاق.