بين الغوطة وعفرين … ازدواجية المصالح مع فائض إنسانية
يارا بليبل
أعلنت الخارجية التركية أمس، عن عقد قمة ثلاثية روسية تركية – إيرانية في نيسان، لبحث الوضع في سورية والخطوات المحتملة في المنطقة، هذا في البيان.
أما في الميدان، فإن ما تشهده كل من الغوطة الشرقية في ريف دمشق وعفرين في الشمال الغربي، على الحدود مع تركيا على اختلاف الجهات المتحاربة، يجعلنا أمام ازدواجية دولية، بالدرجة الأولى لجهة المواقف المعلنة إزاء كل من العمليتين وازدواجية على صعيد الدول الأطراف في القمة المزمع عقدها.
ففي عفرين، تقوم القوات التركية منذ 20 كانون الثاني بعدوانها العسكري تحت مسمّى «غصن الزيتون» بهدف طرد قوات حماية الشعب الكردية منها، تشاركها في ذلك فصائل عميلة كـ «الجيش الحر» وفصائل إرهابية أخرى تم جلبهم من مناطق أدلب.
لا جدال في أن الهم الأول للأتراك يرتكز على عدم قيام كيان كردي في المنطقة، لا في الأمد القريب ولا البعيد منه. وهذا ما يبرر الحساسيّة المفرطة لدى أنقرة حدّ الصدام الدموي بين الطرفين، إن كان في عملية درع الفرات سابقاً أو ما تشهده منطقة عفرين المنفصلة جغرافياً عن المناطق السورية الشرقية على طول الحدود مع تركيا.
على صعيد آخر، تسيطر «جبهة النصرة» وغيرها من الجماعات الإرهابية منذ ما يقارب 5 سنوات على الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، ما شكّل عامل خطر دائم للاستقرار النسبي الذي تعيشه المدينة. وطيلة تلك الفترة كانت قذائف الهاون تطلق بشكل عشوائي على الأحياء.
وفي خطوة تدل على اتخاذ قرار لدى الجيش السوري بدعم روسي لخوض غمار معركة لا بدّ منها، وفي سياق معلومات تتحدّث عن سيناريو دولي لتحويل المنطقة الى قاعدة عسكرية أميركية. الأمر الذي يظهر جلياً سبب تصاعد الأصوات الدولية المندّدة بالعملية العسكرية وجلاء التعاطف الإنساني مع أطفال الغوطة في مواقف رؤساء كل من فرنسا وأميركا مع سيل من الاتهامات المعدّة مسبقاً ضد ممارسات القيادة العسكرية السورية والتهويل باستهداف كيميائي وانتهاك القوانين الدولية وصولاً الى طرح القضية في جلسة لمجلس الأمن.
في الوقت الذي قدّرت القيادة الأميركية على لسان وزير خارجيتها ريكس تيلرسون، حق تركيا في الدفاع عن نفسها ضد كرد عفرين في موقف يعكس بطبيعة الحال ازدواجية التعاطف الدولي والأهم عدم وجود رغبة أميركية لدفع تركيا أكثر الى الحضن الروسي.
بالعودة الى القمة المنتظر عقدها، من الواضح التفهم إن لم نقل الرضى، على أقل تقدير، الإيراني الروسي لعملية «غصن الزيتون» لكن ماذا عن تصاعد وتيرة التصريحات التركية التي لم تقل حدّة إزاء عملية الغوطة.
يبدو أن سمة الإرهاب حمّالة أوجه في العقل العسكري التركي، وفقاً لما تقتضيه أصول التموضع السياسي والبراغماتية والانتفاع من اللاعبين على مختلف توجهاتهم.
إن المقرّر ظاهرياً يتجلى بالاستمرار في الـ»مسايرة» من جانب روسيا وإيران لما فيه صالح التحالف، طالما أن الأمر لم يعد يتعدى التصريحات البهلوانية فقد اكتفى أردوغان بجامعه الأزرق وترك الجامع الأموي لأهله.