«تهيّأ لدويّ حضوري»… نتائج طيّبة لنصوص طالبية متميّزة

اعتدال صادق شومان

في كسر للنظرة النمطية السائدة بين الأستاذ وطلّابه القائمة على التلقين والتلقّي، وفي مبادرة رائدة في تسويغ نمط جديد ومبدع في أصول التدريس والتعليم، من خلال استنفار طاقات الطالب وقدراته ومواهبه، وفي خطوة من شأنها الارتقاء بفنون الآداب والاهتمام بالمواهب والقدرات الكامنة عند طلابه، أنجز المربّي والأديب رشيد الضعيف عبر منصّة «ألواح»، صفّ الكتابة الإبداعية في الجامعة الأميركية في بيروت نصوصاً «تامّة الجودة»، هي باكورة نتاج أدبي لطلابه على دروب القصة القصيرة والشعر والنصّ المسرحي، ونصوص أخرى تفلّتت خارج «التفعيلة الموزونة»، اختارها الرشيد من مئات النصوص التي وضعت على مدى أربع سنوات، لتخرج في النهاية بتواقيع الطلاب: ليلى السيد حسين، يارا سليم، مهى مراد، آلاء خالد، ساره براهمة، فوزية عثمان، ونوفل شهاب.

والمدهش أنّ هؤلاء الطلاب بالكاد تخطّوا سنين المراهقة ومقاعدها الثانوية، إلى المستوى الجامعي. وخارج سياق التكهّنات، جميعهم أتوا على غير منهاج «أهل القلم» وأرباب البيان في الآداب واللغة الركن الثابت لمن يريد التوجّه إلى هذا النوع من الفنون، خصوصاً أنهم طلاب جامعة إنكليزية اللكنة، وتوجّهُهم أكاديميّ علميّ بحت هندسة معمارية، هندسة كيماوية، مدنية، بيولوجيا، اتصالات تمريض ما يبرّر اتّسام مفرداتهم بطابع خاص جاءت نتاج ثقافتهم العلمية والحياتية صوراً وتوصيفاً، اقتضى حكماً تجديداً في استعمال لغة معاصرة تشبهم، فلا تعود الكتابة مجرد فضاء يبرزون فيه قدراتهم البلاغية والتخيّلية والسردية، بل لغة مطواع دينامية تتسم ببساطة الحوارات ولا تخضع لقواعد صارمة أو معقدة ليقدموا أشكالاً أدبية لحكايتهم سواء تلك على المستوى التجربة الشخصية، أو في التقاطهم للواقع وفلسفته، أو حتى في تجريبية الخيال الشبابية.

كتاب «تهيّأ لدويّ حضوري» يخرج من دائرة التنبّؤ إلى الحيّز الحسّي الملموس، بأن هناك نبضاً نضراً في الساحة الأدبية، يُؤْذن بميلاد حركة أدبية جديدة، كُتّابها شباب هواة لا محترفين تمكّنوا من تدشين مساحة فريدة نصاً أدبياً، شعراً ونثراً، وظفروا في فرض فنونهم الجميلة، لأخذنا إلى خزين مشاعرهم نستكشف تساؤلاتهم وقلقهم وتطلعاتهم واستبطان ذواتهم وهواجسهم الاجتماعية والسياسية في مواجهة لغوية أقل انفعالية، وفي غياب أي اشتباك مع «سيبويه»، ورؤية أكثر وعياً للقضايا، وإن من منظور مختلف تماشياً مع لغة العصر.

وقد كتب الطلاب نصوصهم ببلاغة وبمذاق شبابي مختلف، يعزّزان ثقتنا بأنّ الساحة الثقافية لم يزل حصادها مشعاً، وترسل زفرات تشي بمثل هذه النتائج الطيبة التي أفصح عنها كتاب «تهيّأ لدويّ حضوري».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى