«المقاومة هي الدفاع المقدّس عن الحقّ»… محور الملتقى الشعري الأوّل

دمشق ـ لورا محمود

يقول الكاتب الإنكليزي وليم هازلت: «أدب أيّ أمّة هو الصورة الصادقة التي تنعكس عليها أفكارها»، ماذا لو كان أدب هذه الأمة هو أدب مقاومة، فالمقاومة ليست رصاصاً وبندقية فقط، بل الكلمة، الكلمة التي تكون في أحيان كثيرة أقوى من صوت المدافع. والفعل المقاوم يبدأ بالكلمة والموقف، والوقوف مع الحقّ ومواجهة أيّ فكر متطرّف يلغي الآخر ويكفّره.

لذا كان أدب المقاومة الأدب الأكثر مواجهة لهذا الفكر، والمثقف المقاوم كان الأكثر قدرة على القيام بدور فعّال في نشر ثقافة الحياة وزرع الأمل في نفوس وعقول الشعوب من جديد، وأيضاً نشر ثقافة المقاومة بعد الإنجازات التي حقّقها الفكر المقاوم من استنهاض الهمم وتحرير الأوطان والإنسان.

ونظراً إلى أهمية أدب المقاومة، عقد اتحاد الكتّاب العرب في سورية مؤتمراً أطلق من خلاله الملتقى الشعريّ الأول للمقاومة تحت شعار «المقاومة هي الدفاع المقدّس عن الحقّ» في قاعة المحاضرات في مبنى اتحاد الكتّاب العرب في دمشق والذي سيستمر لمدة يومين، وهو استجابة للفكرة المقترحة من «المركز الثقافي الإيراني» في دمشق إلى إقامة مهرجان شعري مشترك يضمّ كوكبة من الشعراء.

الصالح

وقد تحدّث رئيس الاتحاد الدكتور نضال الصالح، وقال: لا بدّ من أن تكون ثقافة المقاومة ركناً أساسياً في اتحاد الكتّاب العرب، وبالتالي لا بدّ أن يكون له دور في تعزيز هذه الثقافة وفي تمكينها في الوعي الجمعي والإنساني وليس الخاص في محور المقاومة وحده، لأن تاريخ الإنسانية هو تاريخ المقاومة، منذ أن ظهر الإنسان على كوكب الأرض اختار ثقافة المقاومة يقيناً منه بأن انتصاره على ظواهر الطبيعة التي لم يكن يجد تفسيراً لها إلّا عبر مقاومتها بالأسئلة الكثيرة، والأسئلة هي الطريق الأول لبناء حياة خالية من أيّ شيء يمكن أن يلوّثها أو يدمّرها.

وتابع الصالح: ضمن هذا المنظور في اتحادنا ووفقه، وتأسيساً عليه، استجبنا فوراً في المكتب التنفيذي، للفكرة التي قدّمها «المركز الثقافي الإيراني» في دمشق، بأن نقيم مهرجاناً مشتركاً شعريّاً، ننظّمه ونتبنّاه معاً، ونعمل على إنجازه معاً، نحن اتحاد الكتاب والمركز الثقافي الايراني في دمشق ليضمّ كوكبة من الشعراء المؤمنين بثقافة المقاومة، ومن المبدعين الذي يمثّلون علامات مهمة في ثقافة المقاومة بمشاركة ستّ دول عربية وإقليمية من إيران، وسورية والعراق وفلسطين إلى لبنان واليمن.

وأضاف الصالح: سوف يتبارى هؤلاء الشعراء في ما بينهم خلال يومين من الساعة الواحدة حتى الساعة الخامسة لتقديم رؤاهم الإبداعية حول ثقافة المقاومة عبر النصوص الشعريّة التي سيقدّمها كلّ منهم، وسيشارك من سورية عشرة شعراء وقد حرصنا في المكتب التنفيذي وبعد التشاور في ما بيننا على أن يمثّل هؤلاء الشعراء السوريّون مختلف أجزاء الجغرافيا السورية، إيماناً منّا بأنّ سورية واحدة موحّدة مهما شاء لها أعداؤها تفتيتها وتشظيتها، حتى تلك المدن التي لا تزال تحت أيدي الإرهابيين أردنا أن يكون لها تمثيل في هذا الملتقى لذا حرصنا على أن يكون زملاؤنا الشعراء جميعاً حاضرين ومشاركين وهم من معظم المحافظات السورية من حمص وحماه واللاذقية ودمشق والحسكة.

وتابع: من إيران سيشاركنا أربعة شعراء منهم ثلاثة شعراء قادرون على قراءة القصيدة باللغة العربية، أما الشاعر الرابع فستُترجم قصائده إلى العربية، ومن لبنان سيشاركنا ثلاثة شعراء، وشاعر من العراق، وأيضاً شاعران من اليمن، وخمسة شعراء من فلسطين التي هي قضيتنا المركزية.

ولفت الصالح إلى أنّ الملتقى يركّز على طرح نصوص كُتبت عن مقاومة الفكر التكفيري الإرهابي في مسعى من اتحاد الكتاب إلى إثبات دور الشعر في هذه الحرب التي تتعرّض لها سورية والمنطقة، لذلك تمت دعوة شعراء من أقطار مختلفة عانت من ويلات هذا الإرهاب ومن يقف خلفه ويدعمه.

وتابع: أستطيع القول بكلّ زهو إنّ هذا التعاون بيننا وبين «المركز الثقافي الإيراني» في دمشق، هو ثمرة وعينا في الاتحاد وأيضاً الوعي الثقافي لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بأنه ما من خلاص لما يحدق بهذه الأمة من شرور سوى المقاومة، وهذه الوعي يحتّم علينا هذا الخيار الوحيد والأول والأجدى لكي نستعيد لكوكب الأرض صفاءه وبهاءه. ونحن عندما ندافع عن ثقافة المقاومة، لا ندافع عن إنسان بعينه، كما قد يقول البعض أو يتوهّمون، إنّما ندافع عن الإنسان عموماً وننتصر للإنسانية جمعاء. لقد ناقشنا مع أشقائنا المعنيّين في «المركز الثقافي الإيراني» إمكانية أن يكون هذا المهرجان مهرجاناً يشمل الفنون الأدبية كلّها، عنيت مهرجاناً للقصّة القصيرة وللمقام الأدبي والمسرح وأيضاً مهرجاناً للبحوث والدراسات. لكننا أردنا أن تكون خطوتنا الأولى بالشعر لأن الشعر ديوان العرب وهو أحد ركائز الحسّ الجمعي العالمي لا العربي.

وختم الصالح قائلاً: أقترح على وزير التربية أن نضمّ إلى مناهج اللغة العربية التي أشرف عليها بعض هذه القصائد المشاركة في هذا المهرجان.

آل كثير

بدوره تحدّث ممثل المستشارية الثقافية الإيرانية في دمشق وممثل الهيئة التنظيمية للمهرجان الإعلامي والشاعر مرتضى حيدري آل كثير عن الملتقى الذي يقام بدورته الأولى في دمشق ويستقبل شعراء عدّة من مختلف الأقطار العربية والهدف من إقامته نشر روح المقاومة في الأدب على أوسع نطاق. مبيّناً أن المستشارية ستعمل على طباعة القصائد التي ستلقى خلال الملتقى تحت عنوان «نهج المقاومة» ونشرها باللغتين الفارسية والعربية، وسيكون هذا المهرجان سنوياً ودورياً وفي مختلف الدول العربية في لبنان والعراق واليمن وأيضاً في إيران.

وعن سؤاله حول سبب اختيار دمشق مركزاً لإقامة هذا الملتقى قال آل كثير: لقد اخترنا دمشق لدلائل عدّة، أولاً لأن الشعب السوري حقّق إنجازات وانتصارات على الإرهاب التكفيري، ولأن ما تسمّى «خلافة داعش» وصلت إلى نهايتها في دمشق ولأن الدول الإسلامية والمقاومة اتحدت في دمشق للقتال ضدّ الإرهاب والتكفير وانتصرت عليه، وجاء اليوم دور الشعراء كي يعبّروا عن هذين الانتصار والإنجاز الكبيرين ليوصلوا صوت المقاومة إلى جميع أنحاء العالم.

يذكر أن الملتقى سيشارك فيه عدد من الشعراء السوريين ومنهم: جابر سليمان، محمد حديفي، بديع صقو، هيلانة عطا الله، إبراهيم عباس ياسين، منير خلف، نزار بريك هنيدي، سلمان السلمان إضافةً إلى شعراء فلسطينيين مقيمين في سورية وهم: خالد أبو خالد، صالح الهواري، قاسم رضوان، محمد معتوق وقاسم فرحات.

أمّا بالنسبة إلى الأسماء المشاركة في المهرجان في هذه الدورة من الدول العربية فهم: قاسم الشومري من العراق، وأيضاً تشارك من لبنان الشاعرة أمل طنانة، ومن إيران الشاعر عبد العزيز الحمادي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى