جيش الإسلام يلتزم إخراج النصرة… وفيلق الرحمن سيضرب بيد من حديد كلّ مَن يفاوض عرض روسي صيني حملته سيول لإخلاء الكوريتين من النووي يجمع ترامب وجونغ أون
كتب المحرّر السياسي
بعد أسبوعين من التقدّم المتسارع للجيش السوري في الغوطة الشرقية من محاورها الأربعة، ورغم ضغوط دبلوماسية دولية وضجيج لا يهدأ تحت العناوين الإنسانية، بدأت مفاعيل العملية العسكرية الواسعة للجيش السوري وحلفائه في الغوطة تُعطي ثمارها سياسياً، بتغيير المشهد العسكري والسياسي داخل فصائل الغوطة، حيث أعلنت ميليشيا جيش الإسلام موافقتها على العرض الروسي بإخراج جبهة النصرة، وفقاً لالتزامات أستانة لتتمّ إعادة ضمّ الغوطة لمناطق خفض التصعيد، وترتيب التسويات بين مسلّحيها والجيش السوري، بينما أصدر فيلق الرحمن تحذيراً شديد اللهجة لكلّ مَن يفاوض على الوجود المسلّح في الغوطة، بما بدا أنه شرارة حرب بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن، تشبه ما يجري في إدلب بين أحرار الشام وجبهة النصرة، حيث تتكفّل هذه الحروب الجانبية بين الجماعات المسلّحة، كنتاج لانتصارات الجيش السوري بالتمهيد لانتصارات لاحقة.
دولياً، طغى التفاهم بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون على لقاء قمّة قبل نهاية أيار المقبل على المشهد، وتناولته ردود الأفعال من زعماء العالم كمؤشر على مسار تسويات يجنّب العالم المزيد من التوترات، ووسط محاولات أميركية لتصوير اللقاء كخضوع كوري شمالي للشروط الأميركية، برزت المعلومات التفصيلية للسيناريو الذي أفضى للاتفاق على القمة التي ستعقب قمة كورية شمالية جنوبية نهاية شهر نيسان، بعدما لعب في التحضير للقمتين رئيس مكتب الأمن القومي في كوريا الجنوبية شانغ وي يونغ الدور المركزي بزيارات مكوكية بين بكين وموسكو، وحصوله على تفاصيل مبادرة روسية صينية تلقى قبولاً كورياً شمالياً محورها إخلاء الكوريتين من السلاح النووي. وشكّلت مناسبة الألعاب الشتوية في كوريا الجنوبية التي ستشارك فيها جارتها الشمالية، فرصة لإعلان كوري أميركي متزامن عن التوقف عن كلّ نشاط استفزازي، وكشف يونغ أنه فوجئ بتلقف ترامب السريع لقبول جونغ أون بعقد قمة بينهما تحت عنوان إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي، بينما أجرى الرئيس الأميركي اتصالاً هاتفياً بالرئيس الصيني لشكره على جهوده في توفير الفرص للقاء القمة.
لبنانياً، لا تزال التحالفات الانتخابية التي يشكل تيار المستقبل محور ما تبقى منها بعد إعلان حركة أمل وحزب الله وحلفائهما لوائحهم الانتخابية بصورة شبه نهائية تُركت بعض تفاصيلها، لما بعد تبلور صورة التحالف مع التيار الوطني الحر في بعض الدوائر، الذي ينتظر بدوره نتائج التفاوض مع تيار المستقبل، الذي أنجز تفاهماً مع الحزب التقدمي الاشتراكي في بيروت والشوف عاليه وبعبدا، ونجح في جلب القوات اللبنانية لهذا التحالف. وبقيت الدوائر المقترحة لتعاون المستقبل والقوات خارج نطاق وجود الاشتراكي مفتوحة للتفاوض، كلعبة بازل ما تكاد تنجز في نقطة حتى تتعثر وتعود من نقطة الصفر، كما هو الحال في دوائر البقاع الثلاث، حيث تحتاج القوات في دائرتي البقاع الغربي وبعلبك الهرمل إلى المستقبل لتكوين حاصل انتخابي، ويستخدم الضغط السعودي لجعل تيار المستقبل يستجيب تحت شعار محاصرة حزب الله، فتحاول ربط التحالف في زحلة بتحالف بقاعي شامل، وكذلك في الشمال حيث الأولوية عند المستقبل للتحالف مع التيار الوطني الحر، ومحاولة تركيب لائحة تضمّ التيار والقوات في دائرة عكار وتوزيع أصواته بالمفرّق في كلّ من مكونات دائرة بشري زغرتا والكورة والبترون، بين القوات والتيار الوطني الحر وتيار المردة بينما أولوية القوات تعزيز وضعها الانتخابي بالأصوات التي يملكها المستقبل في هذه الدائرة، خصوصاً في البترون وزغرتا، تحت شعار محاصرة حلفاء حزب الله، مقابل القبول بمبدأ اللائحة الموحّدة مع المستقبل والتيار الوطني الحر في عكار، بينما لا تزال صورة أصوات المستقبل في دائرة بيروت الأولى غير واضحة، وأصوات القوات في دائرة بيروت الثانية غير واضحة أيضاً، رغم الفوارق الكبيرة لصالح المستقبل بين أحجام كتلة كلّ من الفريقين.
صيغة «مستقبلية» للتحالف مع «القوات»
يتسارع النبض الانتخابي في لبنان على مسافة أسبوعين من نهاية مهلة تسجيل لوائح المرشحين في وزارة الداخلية لتُحسَم بعدها صورة التحالفات النهائية في مختلف الدوائر، فيما بدت القوى السياسية أمس، في سباقٍ مع المهل، حيث كثّفت جولاتها المكوكية ومشاوراتها لترسيم الحدود الانتخابية بين الدوائر التي توزّعت بين التحالف في دوائر والتفاهم على الافتراق في بعضها والتنافس في دوائر أخرى، كما الحال بين كل من تيار المستقبل و«القوات اللبنانية» وبين الأخيرة والتيار الوطني الحر، فيما سقطت الحدود بين الدوائر أمام التحالف الثابت والمفتوح على مستوى لبنان بين حركة أمل وحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي ومعظم حلفاء المقاومة.
ولم يتغيّر الواقع السياسي والانتخابي بين «المستقبل» و«القوات» بعد زيارة الرئيس سعد الحريري الى السعودية، رغم الضغط السعودي على الحريري لعقد تحالف واسع مع «القوات»، بل اقتصر الأمر على التحالف في عدد من الدوائر، وفقاً لمصلحة «التيار الأزرق» الانتخابية كالشوف وعاليه وبعلبك الهرمل وبيروت الثانية وفشل التحالف الشامل، والتعويض عن ذلك برفع شعار الحفاظ على التحالف السياسي والاستراتيجي الذي تلقّى ضربات قاسية منذ انتخابات رئاسة الجمهورية حتى أزمة احتجاز الرئيس الحريري في السعودية.
وأمس، التقى جعجع في معراب وزير الثقافة غطاس خوري ، موفداً من الحريري، وأشار خوري في تصريح، الى «أنّنا استعرضنا كلّ المناطق الانتخابية الّتي يمكننا التحالف فيها، وتمّ الاتفاق على التحالف في منطقة الشوف عاليه و بعبدا ، مع «القوات» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، ونأمل أن نستكمل الاتفاق في مناطق أخرى»، مبيّناً أنّ «هناك إمكانية للتحالف مع القوات في مناطق عدّة أخرى، والأحد سنعلن مرشحي « تيار المستقبل» وليس اللوائح الانتخابية». ولفت إلى «أنّنا عرضنا إمكانية التحالف بين «القوات» و«المستقبل» و«التيار الوطني الحر » في بعض المناطق. ونأمل أن نحصل على أجوبة في أقرب وقت، ونحن ننتظر الإجابات من جعجع وفريقه خلال اليومين المقبلين».
وعرض خوري على جعجع، بحسب مصادر «قواتية» صيغة لتحالف ثلاثي بين المستقبل والقوات و التيار الوطني الحرّ في بعض الدوائر ، على غرار التحالف المستقبلي القواتي الاشتراكي في دائرة الشوف عاليه، غير أن جعجع وعد بدرس الموضوع وإبلاغ المستقبل بقراره في هذا الشأن خلال اليومين المقبلين.
وأوضح رئيس جهاز الإعلام والتواصل في « القوات» شارل جبور «أننا منكبّون على دراسة ما قدّمه غطاس خوري في معراب. وإذا الأمور كان فيها جواب إيجابي فسنذهب إلى تحالف ونحبّ أن ينحسم التحالف قبل 14 آذار ». مشيراً الى أن «المستقبل سيُعطي أصواته للقوات في بعبدا ».
4 لوائح في بعلبك الهرمل
وكشفت مصادر سياسية لـ«البناء» أن «السعودية طلبت من الحريري خلال الزيارة الأخيرة العمل على تشكيل تحالف بين المستقبل والقوات في الدوائر التي تُعتبر معاقل رئيسية لحزب الله لا سيما دائرة بعلبك الهرمل، وضمّ إليه كل المعارضين لثنائي أمل وحزب الله. وأبدت المملكة استعدادها لتمويل المعارك الانتخابية في هذه الدوائر لتحقيق اختراق في أكثر من مقعد».
وأشارت مصادر نيابية بقاعية لـ «البناء» الى وجود أربع لوائح في بعلبك – الهرمل حتى الآن، لافتة الى اللائحة التي يترأسها النائب السابق يحيى شمص المدعومة من المستقبل والقوات، لكنّها أشارت الى أن «بعض الإشاعات والتحريض لن يفتّ من عضد عائلات البقاع الداعمة لخيار المقاومة والتي تجمعها مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله علاقة روحية وثقة وانتماء للخيار الذي يجسّده السيد نصرالله». وأبدت استغرابها حيال تكثيف المسؤولين السعوديين زياراتهم إلى لبنان عشية الدخول في موسم الانتخابات.
فبعد زيارة الوفد السعودي برئاسة نزار العلولا الى بيروت يعود الوفد الأسبوع المقبل على أن تتبعها زيارة لوزير الخارجية عادل الجبير.
حزب الله «التيار»: التحالف الاستراتيجي باقٍ
المصالح الانتخابية فرضت أيضاً على حزب الله والتيار الوطني الحر التحالف في دوائر والتفاهم على الاختلاف في دوائر أخرى، لكن ذلك لن يؤثر على التفاهم والتحالف الاستراتيجي بين الطرفين، بحسب مصادر الحزب والتيار التي أكدت أنه باقٍ. واعتبر عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ألان عون أننا «في المراحل الأخيرة لتأليف اللوائح، وأنها قطعت نحو 80 في المئة من مسارها». وأشار عون الى أن «الاختلاف في وجهات النظر مع حزب الله محصور فقط بالملف الانتخابي، والقول إن عدم التحالف بيننا يسحب الغطاء المسيحي عن شرعية سلاح حزب الله يندرج في إطار تحاليل إخبارية غير دقيقة، علماً أننا سنكون على اللوائح في العديد من الدوائر»، مشدداً على أن «ما يحصل بين الطرفين هو بحث انتخابي في ضوء قانون فرض نفسه وفق حسابات جديدة، وبالتالي كل الأطراف تسعى الى الحصول على أكبر كتلة نيابية».
ونقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ«البناء» ارتياحه للمسار الذي يسلكه الاستحقاق الانتخابي لا سيما ارتفاع عدد المرشحين الى جانب إدخال النسبية للمرة الأولى في الانتخابات، رغم وجود ثغرات في القانون الجديد لجهة حصر الاقتراع التفضيلي بصوت واحد، لكنه أمل إمكانية تطوير القانون بعد الانتخابات، ولفت الى زيادة التنسيق بين فريق المقاومة وأحزابها للتحضير للمواجهة الانتخابية في مختلف الدوائر. وشدّد الزوار على ارتياح الرئيس بري لإنجاز الحكومة للموازنة على أن يُحدّد جلسة للجان النيابية لدرس مشروع الموازنة فور إرساله من الحكومة إلى المجلس، مرجّحاً إقرار الموازنة في المجلس النيابي قبيل موعد الانتخابات النيابية.
الادعاء على الحاج وغبش ومخبر أجنبي
على صعيد آخر، برز أمس، تطوّر جديد في ملف المسرحي زياد عيتاني والمقدم سوزان الحاج ومخبر ثانٍ تردّد أنه من الفيليبين تمّ التعاون معه من قبل الحاج وغبش لتنفيذ مهمة توريط عيتاني بالتعامل مع «اسرائيل». فقد ادّعت النيابة العامة العسكرية على الموقوفين الحاج والمقرصن إيلي غبش في جرم الافتراء الجنائي والتزوير وقرصنة مواقع ألكترونية، وأحالتهما إلى قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا. وتفاوتت التّهم بين التحريض والاشتراك والتدخل واختلاق أدلة مادية والكترونية غير صحيحة وتقديم إخبار خطي يحتوي مستندات مزوّرة الى المديرية العامة لأمن الدولة عزي فيه إليه ارتكاب أفعال جنائية بحسب قانون العقوبات اللبناني، مع معرفتهما ببراءته منها والتحريض على اختلاق ادلة مادية والكترونية حول تعامل أحد الصحافيين اللبنانيين مع العدو الاسرائيلي وتقديم إخبار بحقه، وشنّ هجمات الكترونية وقرصنة مواقع وزارات لبنانية ومؤسسات أمنية لبنانية ومصارف لبنانية ومواقع إخبارية ومواقع مختلفة محلية وأجنبية على الانترنت.
وأفادت قناة الـ»أو تي في» أن «قاضي التحقيق العسكري الأول رياض ابو غيدا يستجوب المقدم سوزان الحاج وإيلي غبش الاثنين المقبل». من جهته، لفت وزير العدل سليم جريصاتي إلى أن «قضاء الادّعاء العسكري قال كلمته وملف الحاج أصبح عند أبو غيدا والتحقيق سري».
وأعلن المحاميان صليبا الحج ورامي عيتاني وكيلا عيتاني بأنهما «ينتظران إحالة الملف إلى قاضي التحقيق الاول رياض ابو غيدا ، مطلع الأسبوع المقبل للنظر بطلب تخلية السبيل على ضوء المعطيات الأخيرة المستجدّة وآخرها الادعاء الصادر بحق بعض الأشخاص». من جهته ناشد وكيل المقدم سوزان الحاج مروان ضاهر رئيسَيْ الجمهورية ميشال عون والحكومة ووزير العدل وضع اليد على الملف، مطالباً بإخلاء سبيل موكلته لتجاوز المدة القانونية للتوقيف.
وعلّق المدير العام السابق للأمن العام جميل السيد على القضية قائلاً: «سوزان الحاج تتلمذت بين 2001 و2004، لدى الرئيس السابق لفرع المعلومات الراحل وسام الحسن والوزير السابق أشرف ريفي المتورّطيْن بتلفيق شهود الزُّور ضد رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري والضباط الأربعة، فهكذا علّموها، والذنْب اليوم ليس ذنبها وحدها، بل أيضاً ذنب أستاذيْها في التلفيق».
مجلس الدفاع الأعلى
في غضون ذلك، التأم المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس الحكومة والوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنية. وقد «عرض المجلس الأوضاع الأمنية في البلاد والإجراءات المتخذة للمحافظة على الأمن والاستقرار، إضافة الى التدابير التي ستتخذ خلال الانتخابات النيابية المقبلة. كذلك عرض للتحضيرات الجارية لمشاركة لبنان في مؤتمر روما 2 لدعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية. وأبقى المجلس على مقرراته سرية تنفيذاً للقانون». وأشار وزير الداخلية نهاد المشنوق ، في تصريح، إلى أنّ «النقاش لا يزال جارياً في التدبير رقم 3، ولم يتمّ اتخاذ أي قرار بشأنه».
وسبق الاجتماع لقاء بين الرئيسين عون والحريري.