سعد: سعاده عمل لبناء الإنسان الجديد المنتمي مادياً وروحياً إلى وطنه الحلبي: نحتفل بولادة الفكر والمسيرة التي قادها سعاده من أجل إنقاذ الأمة ونهضتها
أقام «النادي السوري ـ الكندي الثقافي» في تورنتو احتفالاً حاشداً بذكرى مولد باعث النهضة الزعيم أنطون سعاده، وتقدّم الحضور عدد من مسؤولي الحزب السوري القومي الاجتماعي وممثّلي الجمعيات وفاعليات.
الحلبي
افتتح الاحتفال بالنشيدين الكندي والسوري القومي الاجتماعي ألقتهما المواطنة أولغا قدورة، وألقت نجوى الحلبي كلمة تعريف بالمناسبة جاء فيها:
نلتقي الليلة لمناسبة الأول من آذار لنُحْيي معاً ذكرى مولد باعث النهضة السورية القومية الاجتماعية الزعيم أنطون سعاده. فالأول من آذار كان يوم الولادة، وفي شهر تموز كانت الشهادة، وما بين الولادة والشهادة كانت له محطات في الريادة، عنوانها الوحدة، الحرّية، والسيادة من دون تردد ولا هوادة حتى نال الشهادة.
وتابعت الحلبي: إنه فتى آذار معلّمي وزعيمي أنطون سعاده الذي نحتفل اليوم بميلاده الرابع عشر بعد المئة، وبعد أن أقسم سعاده بأن يكون أميناً على المبادئ التي وضعها لتحقيق غاية الحزب وأهدافه، ارتبط شخصه بقضية أمته ارتباطا كاملاً، لذلك احتفالنا اليوم هو احتفال بولادة الفكر والمسيرة التي قادها سعاده من أجل إنقاذ الأمة ونهضتها، حيث لم يتردّد لحظة من أن يقدّم دماءه فداء لها.
وختمت: ليتنا تعلّمنا مما استشرفه سعاده منذ قرابة مئة سنة، لكنّا أبعدنا عن وطننا مخاطر المذهبية والطائفية والتفرقة، وبنينا وطناً عنوانه الإنسان الجديد، وطناً منيعاً محصّناً بالوحدة والعدالة الاجتماعية في مواجهة المخطّطات التي تحاك لتفتيت بلادنا.
كلمة مديرية تورنتو
وألقى مذيع مديرية تورنتو راجي سعد كلمة المديرية استهلّها مرحّباً بالحضور، الذي هو تجسيد لما أراده صاحب الذكرى من لَمٍّ للشمل وتوحيد للإرادة، دفاعاً عن وطننا الأمّ سورية.
وأشار سعد إلى أنّ سعاده تميّز بوعيه المبكر، وأن بناء الحجر دون البشر لن ينقد أُمته من ويلاتها، ولن يستعيد سيادتها وحيويتها. ولقد عَرِف سعاده أنّ أساس البناء هو الإنسان فاذا لم نحرر تفكيرَه من الامراض التي ورثها خلال فترات الغزوات والاحتلالات، فلن تكون هناك قيامة أو نهضة لأُمتنا وستبقى حرّيات الأمم الأخرى عاراً علينا.
وتابع سعد: لقد عمل سعاده في كلّ مراحل حياته لبناء هذا الإنسان الجديد المنتمي مادياً وروحياً إلى وطنه، والمتكامل مع مجتمعه من دون المرور عبر طائفته وعرقه، واختصر هذا الانتماء والتكامل في القومية المجتمعية أو القومية الاجتماعية، التي رفضت انعزال الأقليات ضمن المجتمع الواحد، ورفضت أيضاً القفز فوق هذا المجتمع الواحد بِاسم أخوّة الدين واللغة.
ولفت سعد إلى أنّ سعاده جسّد بهذه القومية العلمية الواقعية انتماء الإنسان إلى الأرض أوّلاً وآخراً، فوضع أُسُس نهضة الإنسان السوري وتقدّمه في إخاء قوميّ يبعد عنه التقاتل العبثي على السماء والولاء للخارج.
وأضاف: ربما اعتبر البعض أنّ هذه الأسس القومية قد مرّ عليها الزمن ونحن بحاجة إلى أسس جديدة اليوم لمعالجة أزماتنا، لتقييم هذه الطرح الضروري فما علينا إلا أن نحتكم للعقل كشرع أعلى كما دعا سعاده، ونلقي نظرة على واقع أمّتنا اليوم في فلسطين ولبنان والشام والعراق، لكي نستنتج إذا مر عليها الزمن أم لا.
إنّ انتشار الدعوات إلى استقلالية القرارات الكيانية في فلسطين، لم يؤدّ إلا إلى عزل الفلسطينيين والاستفراد بهم من قبل «إسرائيل»، وزيادة الاستيطان وخسارة مزيد من الأرض. وإنّ تفشي الدعوات العرقية الانفصالية لتقرير المصير في الشمال الشامي ـ العراقي لم يجلب على الأكراد إلا حروب استنزاف وعداء للأعراق الأخرى المحيطة بهم.
وكذلك، فإنّ استفحال الحزبية الدينية وتقاتلها على السماء في لبنان والشام والعراق لم يرسل أحدٌ منّا إلى جنة الخلود، بل قسّمنا إلى أجزاء وأفقدنا ويفقدنا الأرض ومواردها المائية في دجلة والفرات والأردن، ومواردها النفطية والغازية في البرّ والبحر.
ربما اعتبر آخرون أيضاً أنّ سعاده كان حالماً عندما أراد حياة الحرّية والعزّ لشعبه المجزّأ، لكن فات هؤلاء أنّ سعاده طبّق مبادئه من خلال انصهار وتكامل اعضاء ومناصري الفكر السوري القومي الاجتماعي في وحدة اجتماعية قل نظيرها، ورغم كل الانقسامات الطائفية والعرقية والويلات التي تعصف بالوطن، أثبت القوميون الاجتماعيون أنهم أمل هذه الامة في تحقيق وحدتها ونهضتها وعلى صخرتهم ستبني مستقبلها.
وأشار سعد إلى أن ذكرى مولد سعاده ليست للاحتفال بشخصه والتغنّي بصحة فكره، فليس هذا ما يريده صاحب الذكرى الذي نذر حياته لسورية حتى آخر نقطة دم، بل يريد منّا أن نسأل أنفسنا في تورنتو وغيرها ماذا نستطيع أن نفعل نحن لكي نصبح كتلة سياسية واجتماعية متراصّة، تساعد شعبنا في الوطن ليبقى في أرضه ويدافع عن حقوقه؟
إنّ تلاقينا والعمل معاً في المسائل التي تجمعنا سيخدمان كل فرد من أفراد جاليتنا اقتصادياً واجتماعياً وسيجعل السياسيين المحليين والفدراليين يحسبون ألف حساب قبل تهميشنا أو اتخاد مواقف معادية لشعبنا في الوطن. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يجب عدم السماح للّوبي الصهيوني بتمرير الإدانات والسعي إلى تجريم حركة مقاطعة «إسرائيل» BDS ، وبذلك تجريمنا معنوياً كشعب، إن هذه الحركة هي صرخة حرّية وضمير ضدّ العنصرية والاستعمار الاستيطاني والظلم والقهر الذي يعانيه شعبنا من جرّاء الاحتلال الصهيوني، ومن واجبنا أن ندعم حركة كهذه من خلال تعريف المجتمع الكندي، وبخاصة النواب المحليين بأهدافها.
وختم سعد: قد تكون الحرّية حملاً ثقيلاً ولكنه حملٌ لا يضطلع به إلا ذوو النفوس الكبيرة. هكذا آمن بنا سعاده مجتمعاً متجدّداً ذا نفوس كبيرة، أكتافه أكتاف جبابرة وسواعده سواعد أبطال، فلنسير معاً على خطاه إلى الشموخ والعزّ.
بعد الكلمات، أقيم حفل عشاء، واستُكملت السهرة الفنّية على وقع الأنغام الوطنية التي قدّمها المطرب جورج عدرا.