الطبيعة وحالات جنائزية في معرض «تأملات» للفنان غسّان نعنع

فتح معرض الفنان غسّان نعنع بعنوان «تأمّلات» أمس نوافذ متعدّدة أطلّ منها جمهور صالة «تجليّات» في دمشق، على عوالم الفنان ورؤيته الفنّية الخاصة التي صاغها بكثير من الحبّ والألم عبر توليفة لونيّة تحمل الضبابية والحلم والرومنسية إلى جانب المأساة الجنائزية مع نفحات عذبة من مناظر طبيعية كسرت الأجواء السديمية في بعض لوحات المعرض.

وجاءت أعمال الفنان نعنع التي بلغت نحو ثلاثين عملاً بأحجام متنوّعة بين الصغير والمتوسّط والكبير وبأسلوب تعبيري اقترب من السريالية أحياناً ومن إحساس الغرافيك في التقنيّة في بعض اللوحات مع استخدام تقنيتَي الزيتي والأكريليك في غالبيتها.

وعن الأعمال التي أنجزها بين عامَي 2015 و2016 قال الفنان نعنع في تصريح صحافي إنّ الأزمة السورية انعكست على كلّ السوريين في بشكل أو بآخر حيث أثّرت بي حزناً، فعبّرت عن ذلك في عملي الفنّي باختياري موضوعين أحدهما يمثّل شهداء الحرب الإرهابية من المدنيّين إلى جانب رسم الطبيعة التي مثّلت لي الحرّية وكنت أحتاجها من مدّة إلى أخرى لأغسل عينيّ بمساحة لونيّة جديدة بما تحمل من علاقات وتضادات متعدّدة.

وحول تنوّع أحجام الأعمال أوضح نعنع: منذ زمن أعمل على التنويع في الأحجام حسبما يحتاجه العمل، وأعمل على أسلوب التنويعات في اللون الواحد عبر مجاورة اللون الفاتح باللون الفاتح والداكن بالداكن ما يصنع حالة ضبابية ينعدم فيها التضاد اللوني ويكرّس الضوء في مركز اللوحة، لينتشر في أرجائها ليخدم فكرة اللوحة.

وأضاف نعنع: إن حالة العرض للأعمال الفنّية مجدية للفنان في كلّ الأوقات فالانقطاع غير جيد لأنه يوقف الحراك الثقافي الذي يجب أن يستمر دائماً. كما أنّ وجود المعارض دليل خير وصحة في الحركة التشكيليّة السورية.

ولفت نعنع إلى أنه عمل على تجسيد الألوان الفاتحة والداكنة منذ زمن في لوحاته وخصوصاً اللونين الأبيض والأسود، مبيّناً أنّه كان ينوي تلوين أحد الأعمال المعروضة لكنه بدأ برسمها بالفحم ما شدّه لهذه التقنّية فأكملها من دون ألوان.

وأشار إلى أنّه من الضروري أن يتفاءل الإنسان بشكل دائم. ورغم مغادرة عدد من الفنانين إلى الخارج الذين كان وجودهم داعماً للحركة التشكيليّة السورية، لكن هذا لن يوقف التشكيل السوري عن التطور والاستمرار.

من جهته، قال التشكيليّ محمود الجوابرة إن الفنان نعنع واحد من الفنانين المخضرمين الذين استطاعوا أنّ يقدّموا هذا المزيج الهائل من النور والظلّ، وما بينهما من صراع الذي ينتج أشكالاً للإنسان سواء المرأة أو الرجل. لوحاته تحمل الضبابية والحلم وشيئاً أكبر من الرومنسية ما يعتبر بصمة خاصة للفنان صاحب المعرض في التشكيل السوري.

أما التشكيليّ علي الكفري فقال: رغم كل الظروف السيئة التي مرّت علينا وخصوصاً على الطبقة المثقفة بقي الفنان نعنع كما هو محافظاً على خطّه ولونه وأسلوبه ومن معرفتي به التي تمتدّ أكثر من ثلاثين سنة كان يحافظ عبر هذه السنين على الترابط بين لوحاته. كما أنّه يعطي اللوحة حقّها من اللون والخطّ ما يجعلها تشدّ المشاهد فتجعله يقف أمامها باحترام مع خصوصيّة كلّ عمل عن الآخر.

بدوره، قال الناقد التشكيليّ عمار حسن إنّ لوحة الفنان نعنع تتميّز بأنها عمل زمني وسردي تحمل الكثير من الكلام والأسرار والأصوات، وهذا الحدث الزمني يختزل المكان ويقدّم لنا الشهيد والهمس بين الأشخاص حول مساحة من الضوء تمثل قضية مهمة غالباً تتعلّق بقضية إنسانية أو وطنية مع فتح المدى للتكهّن بفحوى هذا التجمّع البشري وهمساتهم.

سيرة ذاتية

الفنان غسان نعنع من مواليد حمص عام 1953، تخرّج في مركز الفنون التشكيليّة في حمص عام 1971، وكلّية الفنون الجميلة في دمشق عام 1978. أتمّ دراسته في مرسم «أناتولي كلالنكوف» في روسيا عام 1992، وعمل مدرّساً لمادة الفنون في المدارس الثانوية وأعماله مقتناة من وزارة الثقافة السورية والمتحف الوطني في دمشق وضمن مجموعات خاصة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى