لافروف: التصرّفات البريطانية لعدم قدرتها على تنفيذ وعودها بشأن بريكست زاخاروفا لـ «ويليامسون»: لديكم ما تخفونه والشركاء متوترون
عطلت بريطانيا مشروع بيان طرحته روسيا على مجلس الأمن الدولي حول «التحقيق في حادث تسمم العميل البريطاني سكريبال وابنته». كما علقت جميع الاتصالات الثنائية مع روسيا، وسحبت دعوة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لزيارة العاصمة البريطانية.
وقال ممثل البعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة، فيودور سترغيغوفسكي، «إنّ التعديلات التي اقترحها الوفد البريطاني شوّهت معنى الوثيقة التي طرحها الجانب الروسي للحفاظ على وحدة مجلس الأمن الدولي حول هذه المسألة».
لافروف
في هذا الصّدد، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، «أنّ موسكو ستطرد قريباً دبلوماسيين بريطانيين رداً على إجراءات لندن».
وقال لافروف رداً على سؤال إن كانت موسكو مستعدّة لطرد دبلوماسيين بريطانيين في سياق إجراءات الردّ: «من دون شك»، موضحاً أنّ ذلك سيحدث «قريباً».
وأضاف، «أنّ تصرفات لندن في قضية سكريبال، سببها على وجه الخصوص، عدم قدرة السلطات البريطانية على تنفيذ وعودها بشأن بريكست»، قائلاً: «يبدو لي واضحاً، أن هذه القصة تعكس قبل كل شيء، عدم وجود مخرج أمام الحكومة البريطانية الحالية، خصوصاً عندما لا يستطيعون تنفيذ تلك الوعود التي قدّموها لشعبهم والمرتبطة بالخروج من الاتحاد الأوروبي».
من جهة أخرى، أعرب وزير الخارجية الروسي، عن «استعداد موسكو للعمل مع وزير الخارجية الأميركي الجديد، مايك بومبيو».
وقال لافروف، تعليقاً على تعيين بومبيو وزير للخارجية الأميركية: «إنه حقهم السيادي. نحن مستعدون للعمل مع الجميع».
نيبينزيا
وفي جلسة مشاورات خاصة، عقدها مجلس الأمن الدولي مساء أول أمس، قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، «إنّ بريطانيا تخشى الحديث العلني المحترف حول تسميم سكريبال»، رافضاً «الاتهامات حول التورط الروسي في القضية».
وأكدت روسيا «استعدادها» لإجراء تحقيق مشترك مع بريطانيا في القضية ونفت بشدة «الاتهامات المنسوبة لموسكو من لندن».
وذكر نيبينزيا «أنّ الوفد الروسي طلب من رئيس مجلس الأمن أن تكون هذه الجلسة علنية»، خلافاً لما خططت له بريطانيا، «كي يرى الجميع ما الذي يحدث»، وشدّد على أنّ «الحكومة البريطانية لا تسعى للوصول إلى الحقيقة وتخوض حرباً دعائية ضدّ روسيا».
واعتبر الدبلوماسي الروسي «أنّ الرسالة، التي وجّهتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول قضية سكريبال، «تتضمّن تصريحات غير مسؤولة على الإطلاق، وتهديدات لدولة ذات سيادة وعضو دائم في مجلس الأمن بما يخالف القانون الدولي والمادة 2.4 لميثاق الأمم المتحدة».
بيسكوف
من جهته، أكد الكرملين «أنّ موسكو لن تتأخر في الردّ على إجراءات لندن ضدّها»، مشيراً إلى أنّ «الرئيس فلاديمير بوتين سيختار إجراءات جوابية مناسبة تراعي المصلحة الروسية».
وصرّح بيسكوف «أنّ روسيا تنظر بحيرة إلى الموقف البريطاني بشأن قضية ضابط المخابرات السابق سيرغي سكريبال، إذ إنّ موقف لندن لا يقوم على وقائع، وإنه غير مسؤول وينتهك القانون الدولي»، مؤكداً «عدم تورط موسكو في عملية التسميم».
وقال بيسكوف للصحافيين: «روسيا بغاية الحيرة وعدم الفهم تنظر إلى موقف الإدارة البريطانية والجانب البريطاني على خلفية قضية سكريبال. هذه الاتهامات لا تقوم على أساس. وعلاوة على ذلك، فإنّ الاتهامات صدرت حتى قبل ظهور أي معلومات عن المادة المستخدمة، ما يدعو إلى الحديث، في هذه الحالة، عن وجود كل علامات الاستفزاز ضدّ روسيا».
ووفقاً لأقواله، فإنّ «الجانب الروسي يرى موقف بريطانيا غير مسؤول، سواء من وجهة نظر العلاقات الدبلوماسية، وما يتعلق بالأهداف النهائية والمصالح من التحقيق عن الأشخاص الحقيقيين، الذين يقفون وراء ذلك، أو من ناحية انتهاك القانون الدولي من الجانب البريطاني، الأمر الذي يبدو جلياً».
وأوضح بيسكوف: «لذلك، نحن قلقون إزاء هذا الوضع، لكننا سنصبر ونواصل بثبات إيصال موقفنا إلى الرأي العام: الجانب الروسي لا صلة له بالحادث».
زاخاروفا
بدورها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا خلال مؤتمر صحافي عقد في وقت سابق أمس، «أنّ الجانب الروسي يعمل على الرد على إجراءات بريطانيا، المتخذة بشأن قضية سكريبال».
واعتبرت الدبلوماسية الروسية «أنّ الغرب يحاول الربط بين قضية تسمّم العميل المزدوج السابق في بريطانيا سيرغي سكريبال، وهجمات كيميائية يشاع عنها في سورية».
وتساءلت زاخاروفا: «ما المنطق الذي استمعنا إليه أول أمس، وما هو المنطق الذي تفرضه علينا ما تسمّى بمجموعة الخبراء؟».
وأضافت المسؤولة الروسية: «يقولون إنّ دمشق تستخدم الأسلحة الكيميائية، وروسيا تدعمها في ذلك، فيما الهدف النهائي من وراء ذلك، أنّ موسكو استخدمت المواد الكيميائية على الأراضي البريطانية».
وتابعت: «انظروا إلى هذا التطابق الممتاز، وإلى أين تؤدي كل هذه التكهنات! إن أحد أهداف هذه الحملة، هو ربط كل هذه العناصر في كتلة واحدة وحياكة ملف كيميائي سوري روسي متكامل. هذا جزء من خطة مدروسة ومعقدة».
من جهة أخرى، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا «إنّ كلمات وزير الدفاع البريطاني الموجّهة لروسيا تدل على توتر لندن، وأنّ لديها ما تخفيه».
وكتبت زاخاروفا عبر حسابها على الفيسبوك: «على ما يبدو أنّ وزير الدفاع البريطاني أعلن أنّ روسيا يجب ألا تتخذ إجراءات الرد، بل عليها أن تتنحّى وتخرس. وماذا يمكن أن يقول وزير الدفاع في بلد يخفي ظروف استخدام المواد السامة على أرضه ولا يرغب في نقل المعلومات المتاحة، كما يلزم بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية؟ لدى لندن ما تخفيه، الشركاء متوترون».
ويليامسون
وقد أعلن وزير الدفاع البريطاني غيفين ويليامسون، في وقت سابق، أمس، «أنّ بلاده تنتظر رد موسكو على طرد الدبلوماسيين الروس من بريطانيا»، مضيفاً أنه «بصراحة على روسيا أن تتنحّى جانباً وتخرس ».
وقال الوزير البريطاني: «ما الذي سنفعله، سوف ننظر كيف ستردّ روسيا على ما فعلناه. هذا عمل فظيع وقاسٍ، الذي قامت به روسيا في سالزبوري. ولقد ردينا عليه».
وأضاف ويليامسون: «لندن ستقيّم بدقة كل الخطوات وردود الفعل الروسية، لكن من الخطأ التقدير مسبقاً بما ستكون ردة الفعل الروسية».
جونسون
بدوره، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، أمس، «إنّ بلاده سترسل عينة من غاز الأعصاب المستخدم ضدّ عميل روسي سابق، إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لتحليلها».
وأضاف جونسون في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، «نحن على توافق كامل مع المنظمة وسنقدم عينة من غاز نوفيتشوك لها لتجري تقييمها الخاص».
وأكد «نعتقد أنّ الأدلة قاطعة للغاية»، في إشارة إلى «تحميل بلاده روسيا مسؤولية حادثة تسميم العميل الروسي».
وتابع قائلاً «هناك سبب وراء استخدام غاز نوفيتشوك، فغاز الأعصاب المستخدم الذي يحمل البصمات الروسية الواضحة، يبعث إشارة إلى كل من يفكرون في الانشقاق والمعارضة في ظل القمع المكثف لروسيا في عهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين»، بحسب قوله.
ودافع جونسون عن قرار بلاده بطرد 23 دبلوماسياً روسياً، قائلاً إنّ «بريطانيا تسعى جاهدة للتمسك بالقواعد التي تستند إليها السلامة والأمن».
كما أعرب عن «أمله في أن تقف الدول الصديقة إلى جانب بلاده»، لافتاً «أعتقد أنهم سيفعلون ذلك».
بيان غربي أميركي
في سياق متصل، وصفت كل من بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والولايات المتحدة حادث التسمم في سلزبوري بأنه «انتهاك لسيادة المملكة المتحدة قامت به روسيا».
وجاء في بيان الدول الأربع: «إنّ استخدام المواد الشالة للأعصاب لأغراض عسكرية، الذي قامت به روسيا، يمثل أول استخدام للمواد الشالة للأعصاب بغرض مهاجمة أوروبا منذ أيام الحرب العالمية الثانية، ويعتبر ذلك انتهاكاً لسيادة بريطانيا، إنّ أيّ عمل من هذا القبيل تقوم به أيّ دولة كانت يعتبر انتهاكاً واضحاً لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية، وخطر يهدد أمننا جميعاً».
كما طالبت الدول الأربع في بيانها روسيا لـ «كشف كافة المعلومات المرتبطة ببرنامج نوفيتشوك الكيميائي أمام منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية».
وجاء في بيان الدول: «نحن ندعو روسيا للإجابة على كافة الأسئلة المرتبطة بالهجوم في سلزبوري، يجب على روسيا تقديم تقرير كامل حول برنامج نوفيتشوك لمنظمة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية».
ميركل
من جهتها، شددت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على «ضرورة الحفاظ على العلاقات مع روسيا ومواصلة المباحثات على الرغم من الخلافات بعد تسميم عقيد الاستخبارات الروسية السابق سيرغي سكريبال».
وقالت ميركل «إنّ برلين تنظر بجدية إلى البيانات التي تلقتها الحكومة البريطانية، وإنه سيتم في المستقبل القريب التوصل إلى موقف أوروبي عام في هذه القضية».
ماكرون
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «إنه سيعلن في غضون أيام عن إجراءات تنوي باريس اتخاذها على خلفية قضية تسميم جاسوس روسي سابق في بريطانيا».
وأضاف ماكرون للصحافيين أمس: «كل شيء يقودنا إلى الاعتقاد أن المسؤولية عن الهجوم تقع على عاتق روسيا»، مضيفاً «أنه سيعلن عن الإجراءات التي ينوي اتخاذها».
وفي بيان صادر عن الإليزيه في وقت سابق أمس، أعلنت باريس «أنها تتفق مع بريطانيا في اتهامها روسيا بالوقوف وراء هجوم كيميائي على الجاسوس السابق سيرغي سكريبال».
وتابع البيان الذي تبع الاتصال الهاتفي بين ماكرون ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي: «منذ مطلع الأسبوع، أطلعت المملكة المتحدة فرنسا بشكل وثيق على الأدلة التي جمعها المحققون البريطانيون ومنها أدلة على مسؤولية روسيا عن الهجوم».
ووفقاً للبيان، فإنّ «فرنسا تتفق مع المملكة المتحدة على أنه ليس هناك أي تفسير معقول آخر لحادث تسميم سكريبال وتجدّد تضامنها مع حليفتها».