لقاء موسكو: «أستانة» في منتصف أيار.. والجعفري يؤكد أن الغرب استثمر في الإرهاب
قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، إن تهديدات الولايات المتحدة باستهداف الأراضي السورية غير مقبولة، مجدداً الالتزام بوحدة الأراضي السورية وسيادتها واستقلالها، مشيراً إلى أن هذا ما أكده الشعب السوري في مؤتمر الحوار الوطني في مدينة سوتشي الروسية.
وفي مستهلّ لقاء وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا في العاصمة الكازاخستانية أستانة رأى لافروف أن «عملية أستانة» أثبتت أهميّتها وأنّها تساعد على تسوية الأزمة في سورية، لافتاً إلى أن المجتمعين اتفقوا على مواصلة دعم سورية في مكافحة الإرهاب والتسوية السياسية للأزمة فيها، كما دعا جميع الدول للالتزام بذلك. وأضاف لافروف «أي إنجاز يتم تحقيقه في أستانة يعطي دفعاً إيجابياً للتسوية السياسية للأزمة في سورية».
وزير الخارجية الروسي اعتبر أن مَن يقوم بانتهاك القوانين الدولية والقرار 2254 يتبنّى مخططات تهدد وحدة وسلامة الأراضي السورية، وتابع «مَن يرغب في تقسيم سورية إلى إمارات فلن يوافق على محادثات أستانة».
لافروف دعا التحالف الأميركي إلى «الكف عن حماية الإرهابيين والقيام بصورة مبدئية وثابتة من دون هوادة بمكافحة التنظيمات الإرهابية بما فيها جبهة النصرة، مهما تنكّرت وغيّرت مسمّياتها».
من جهة أخرى تحدّث لافروف عن مغادرة 12 ألف شخص الغوطة الشرقية، قائلاً إن الغرب يهدف إلى حماية الإرهاب في الغوطة الشرقية ويتهم الحكومة السورية وروسيا بالتقاعس عن تنفيذ القرار 2401، على حدّ تعبيره، وأضاف أن «المجموعات الإرهابية تمنع المدنيين في الغوطة من الخروج عبر الممرّات الآمنة التي حددتها الحكومة السورية».
بدوره قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن انتصارات الجيش السوري على الإرهاب أسهمت في تقدّم عملية أستانة، معتبراً أن مؤتمر الحوار الوطني السوري – السوري في سوتشي حقّق نجاحاً كبيراً «لأنه يرسم مستقبل سورية بأيدي السوريين».
وزير الخارجية الإيراني رأى أن اجتماعات أستانة استطاعت خلال عام تقديم أمور جيّدة للشعب السوري، مشدّداً على أنه من الضرورة استمرار هذه الاجتماعات حتى انتهاء الإرهاب في سورية، على حدّ قوله.
أما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو فقد رأى أن الوضع في الغوطة الشرقية بسورية يتّجه «صوب كارثة، وأن الاشتباكات يجب أن تنتهي».
وقال جاويش أوغلو عقب اللقاء الوزاري في أستانة «نريد استمرار محادثات سوتشي. وكما قال زملائي، فإن قمة سوتشي ستستمر في إسطنبول ومن ثم في إيران».
وقال بيان مشترك لوزراء خارجية الدول الثلاث إنّ الجولة المقبلة من مفاوضات أستانة حول سورية ستعقد في منتصف أيار/ مايو المقبل.
وكان وزير خارجية كازاخستان خيرات عبد الرحمانوف أعلن في السابع من الشهر الحالي أنّ الدول الضامنة بصدد اعتماد بيان مشترك خلال لقاء وزراء خارجيتها، يتضمّن مستقبل حلّ الأزمة في سورية، بينما قالت الرئاسة الكازاخستانية إن الرئيس نور سلطان نزارباييف سيلتقي الوزراء الثلاثة.
دمشق حريصة على مواطنيها
إلى ذلك، أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، أن «الحكومة السورية هي الأكثر حرصاً على حياة مواطنيها»، مشيراً إلى أن أكثر من 40 ألف مواطن تمكّنوا من الخروج عبر الممرات الآمنة من الغوطة الشرقية إلى مراكز إقامة مؤقتة.
وقال الجعفري، إن «مجموع المعابر التي فتحتها الحكومة السورية لخروج أهالي الغوطة هي ثلاثة معابر»، موضحاً أن الأمم المتحدة لم تقدم أي مساعدة للسوريين الذين خرجوا من المناطق التي يسيطر عليها المسلحون.
وأضاف: «فضيحة الفضائح هو أن تطلب إحدى وكالات الأمم المتحدة إخراج 76 إرهابياً مما يُسمّى جماعة الخوذ البيضاء، دون أن يبالوا بآلاف المدنيين».
وتابع الدبلوماسي السوري: «على مجلس الأمن دعوة بعض من أهلنا في عفرين للتحدّث عن المجازر التركية، وكذلك من الذين خرجوا من الغوطة الشرقية ليتحدّثوا عن ممارسات المجموعات الإرهابية من جيش الإسلام و فيلق الرحمن ».
وقال الجعفري: «لقد استثمرت الدول الغربية في الإرهاب».. «الحكومة السورية تجدّد تأكيد أن حل الأزمة سياسي، وذلك من خلال حوار سوري سوري ودون تدخل خارجي، وهذا ورد في قرار مجلس الأمن الرقم 2254».
وضع عفرين مقلق للغاية
من جهته، قال المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا إن اجتماعات حصلت بين الرّوس وفصيل «جيش الإسلام» في الأيام الماضية لترتيب وقف إطلاق نار، وهي مستمرّة منذ 6 أيام، كاشفاً أن هذه المباحثات ساعدت على التهدئة في منطقة دوما، وليس في أماكن أخرى، كما اعتبر أنها أثبتت وجود طريقة لتطبيق القرار 2401.
وقال دي ميستورا في تقريره إلى مجلس الأمن حول الأوضاع في سورية، «الجهود الإيجابية مرحّب بها على الدوام، ولطالما طال انتظارها.. المدنيون بحاجة للمزيد من الإمدادات الطبية وإعادة التزويد بالمياه الصالحة للشرب وحرية الحركة».
وأضاف، «من خلال ما تناقلته وسائل الإعلام التي أجرت المقابلات مع المدنيين الذين تمكنوا من الخروج من مناطق سيطرة المسلحين في الغوطة، فالوضع مأساوي للغاية هناك».
وشدد المبعوث الأممي على أن جميع الجهود الدولية تصب في مصلحة تحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار يكون بشكل «مستقر ودائم»، وقال: «بوصلتنا الوحيدة هي مساعدة الشعب السوري»…»هناك قصف من الغوطة على مناطق مختلفة في دمشق.. بعض السكان يطلبون من الأمم المتحدة والأطراف المعنية والمؤثرة الضغط باتجاه وقف القصف المتبادل بين الطرفين الحكومة والمسلحين».
وفي ما يتعلق بالوضع في مدينة عفرين، أشار دي ميستورا، إلى أن «الوضع في المدينة السورية مقلق للغاية»، مشدداً على «ضرورة توفير ممرات آمنة لخروج المدنيين».
ونبّه المسؤول الأممي إلى أن «هناك تقارير عن وجود عشرات الآلاف من النازحين، فضلا عن نقص حاد في موارد المياه في عفرين».
بيان القوّات المسلّحة السورية
ميدانياً، أعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية أنه تم تطهير القرى التالية: حزرما النشابية الصالحية تل فرزات حوش خرابو بيت نايم المحمدية حوش القبيات أفتريس حوش البارودة حوش الأشعري أرض الباشا حوش الظواهرة الشيفونية أرض العب الريحان حوش مباركة أرض الأبرشية أرض الزاوية أرض الصفصافة بيت سوى مديرا حمورية – مسرابا أرض التعلة بين حرستا ودوما من الغوطة الشرقية في ريف دمشق.
وذكر بيان القوّات المسلّحة السورية أنه «تمّ فتح ممرّين آمنين لخروج الآلاف من المدنيين الذين اتخذتهم التنظيمات الإرهابية دروعاً بشرية لممارسة أعمالها الإجرامية بحقهم وبحق المواطنين الآمنين في أحياء مدينة دمشق».
وأكد البيان أنه تمّ تحرير 70 من المناطق التي كانت تسيطر عليها سابقاً المجموعات المسلّحة في الغوطة الشرقية «بعد عمليات عسكرية اتسمت بالسرعة والحسمية والتنسيق العالي بين مختلف أنواع وصنوف القوات».
وكان الجيش السوري قد سيطر على بلدة الريحان في الغوطة الشرقية. وبدورها أشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن أكثر من 4000 مدني غادروا المنطقة صباح الجمعة بعد ساعات من خروج الآلاف من معبر حمورية أمس الخميس.
ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن وزارة الدفاع الروسية إعلانها بدء هدنة إنسانية في الغوطة الشرقية لدمشق.
أما «مركز المصالحة الروسي» فقد أفاد بأن العسكريين الروس «اتفقوا مع مسلحي الغوطة الشرقية على إدخال شحنة مساعدات إنسانية للسكان».
مركز المصالحة، أضاف أن قافلة المنظمات الإنسانية الدولية المتوجهة إلى الغوطة تحمل 137 طناً من المواد الغذائية.
حركة نزوح من عفرين
وفي السياق الميداني، أكد مصدر، أنّ حركة نزوح كثيفة للمدنيين تشهدها عفرين سيراً على الأقدام هرباً من القصف التركي لليوم الثاني على التوالي.
وتمكّن نحو 300 ألف مدني من مغادرة المدينة بينما لم يستطع 300 ألف مدني آخر من المغادرة.
وبحسب متحدّث باسم وحدات حماية الشعب الكردية فإن القوات التركية قصفت مدينة عفرين السورية مساء الخميس، وقتلت ما لا يقلّ عن 20 شخصاً، مشيراً إلى أن مقاتلي الوحدات يخوضون معارك مع القوات التركية والمقاتلين المتحالفين معها الذي يحاولون اقتحام المدينة من جهة الشمال.
المرصد السوري المعارض قال إن الطائرات التركية استهدفت عفرين خلال ساعات الليل الفائتة، ما تسبّب بوقوع عشرات الشهداء والجرحى، منهم 18 مواطناً مدنياً بينهم 5 أطفال، فيما أصيب أكثر من 45 آخرين وفُقد آخرون، حيث لا تزال جثث البعض منهم تحت أنقاض الدمار.
وبحسب المرصد، فإن القصف استهدف النازحين الفارّين من عفرين، في محاولة من القوات التركية إيقاف حركة النزوح ودفع المدنيين للفرار نحو مناطق سيطرتها في عفرين، على حد قول المرصد.
وأشار المرصد إلى أكثر من 2500 مدني فرّوا منذ منتصف ليل الخميس وحتى الآن من المدينة نحو ريفها، باتجاه بلدتي نبل والزهراء والأراضي الزراعية المحيطة بهما، والتي تقع تحت سيطرة الحكومة السورية.
وذكر المرصد أن المحاولات التركية لاقتحام مدينة عفرين في الساعات الماضية أخفقت، فيما نجحت القوات التركية بتحقيق تقدم في القطاع الغربي من ريف عفرين، حيث تترافق الاشتباكات مع قصف جوي وبرّي مكثف.
المرصد لفت إلى أنه مع استشهاد مزيد من المدنيين، فإن عدد هؤلاء يرتفع إلى 245 شهيداً، بينهم 41 طفلاً و26 امرأة، بالإضافة إلى إعدامات طالت مواطنين عديدين في منطقة عفرين منذ 20 كانون الثاني/ يناير من العام 2018.
وارتفع عدد القتلى في صفوف القوات التركية والفصائل المقاتلة إلى جانبها إلى 447 على الأقل، بينهم 71 جندياً تركياً، بينما ارتفع عدد الذين قضوا من وحدات حماية الشعب الكردية إلى 429، بالإضافة إلى 91 مقاتلاً من القوات الشعبية السورية، على حد قول المرصد.