حرب الذرائع على الوقائع…

د. صفوان سلمان

شكّلت فلسفة الذريعة مرتكزاً للحرب على سورية منذ بدئها ولا تزال، ولطالما اعتمدت الأطراف المعادية للدولة السورية أسلوب مراكمة الذرائع في بناء السياسات والخطط المولّدة لعوامل الصراع، بدءاً بتحريض شلال الأحداث والتفاصيل المؤسِّسة للحرب في العام 2011 وليس انتهاء بالذريعة الكيميائية الراهنة…

في الجانب المقابل، كانت الوقائع السورية تفكّك مفردات الذرائع تلك، وتكنس ركاماتها على مسارات التقدّم في الميدان، وعلى امتداد خريطة المواجهة، وصولاً إلى ساحة المعركة الأخيرة مع الجماعات المسلّحة في الغوطة الشرقية، حيث تواصل دمشق تنظيف رئتها …

وفيما كان الضغط الأميركي يتصاعد مجدّداً في المنتدى الأممي، جاء خطاب الردع الروسي ليكشف قراءة منزّهة عن الالتباس لمدى ثبات التحالف الروسي السوري في مقابل التهديد الأميركي الصريح باستهداف مباشر لدمشق…

لكن المؤشر اللافت هنا، هو طبيعة الردّ الأميركي الأوروبي على معادلة الردع الروسية السورية، فقد امتدّت يد رئيسة الوزراء البريطانية إلى جعبة الذرائع ذاتها وأخرجت منها بطاقة اتهام في وجه موسكو هذه المرّة، وتحت العنوان الكيميائي عينه، ولكن بحبكة مختلفة…

في حرب الذرائع على الوقائع الدائرة، تستنفد جعبة الاتهامات مخزونها الاحتياطي وتمتلئ جعبة الوقائع بالمساحات الجديدة المنظّفة من بؤر الإرهاب والمستعادة الى حيّز القرار السوري،

ولم يكن المصير الواهي للجماعات المسلحة المتبقية في غوطة دمشق هو المستفزّ للغضب الأميركي البريطاني، بل هو مشهد دمشق وهي تنظّف البؤر الأخيرة المتاخمة للمدينة لتدخل العاصمة حيّز الأمان المطلق، فيما يصطدم المشروع الإسرائيلي بجدار الوقائع الجديدة…

وليس خافياً على المعنيين بملف المسألة السورية أنّ الرؤية الإسرائيلية تجاه هذا الملف، إبقاء المشهد السوري دائم الاشتعال تتخلّله بؤر خارجة على قرار دمشق المركزي.

يهتزّ إذاً العمق الانجلوساكسوني الأميركي البريطاني، الحاضن التاريخي للمشروع الصهيوني، ويرتكس لهذا المشهد على إيقاع القلق الإسرائيلي ، فلا يجد من سبيل لإيقاف شلال الوقائع السورية الدافق سوى تمويه المشهد بـ سراب كيماوي .

فمن كيماوي الغوطة المزعوم إلى كيماوي سالزبيري المتخيّل، تمشي السياسة الأميركية المضطربة متبوعة بساسة أوروبا القلقين على وتر مشدود يوشك على الانقطاع!

رئيس المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي وعضو القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدّمية في الشام

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى