عباس: سورية متمسكة بخيار السيادة كما أقره مؤتمر وستفاليا

دمشق ـ رانيا مشوِّح

منذ حوالى الشهر، يشن التحالف الدولي الأميركي ضربات ضد ما يسمى بتنظيم «داعش» الإرهابي في سورية والعراق. وبحسب تصريحات للبنتاغون، تمكن التحالف من القضاء على المئات من إرهابيي التنظيم فيما قام أيضاً بشن هجوم على مواقع للنفط و الغاز في سورية يستفيد منها التنظيم. إلا أن الضربات لم تتمكن من حسر تقدم «داعش» نحو عين العرب، ولم تتمكن من القضاء على خطر هذا التنظيم لا في سورية ولا العراق، الذي رحب في السباق بهذه الضربات وتعاون مع التحالف الدولي في ظل غياب ترحيب وتعاون سوريين مماثلين. وشهدنا أخيراً تصريحاً يخفي في حناياه الكثير من التساؤلات والتناقضات لما يسمى الائتلاف الوطني السوري بأنه قادر على القضاء على تنظيم «داعش» خلال أقل من سنة واحدة في حال تمويل الجيش الحر الممول أصلاً من الغرب، وبعض الدول العربية المعادية لسورية، بينما يحتاج الممولون أنفسهم لأكثر من ثلاث سنوات بكل ما يملكون من إمكانيات مالية وعتاد متطور للقضاء على «داعش».

وفي هذا السياق، رأى الباحث والناشط السياسي والاستراتيجي حازم عباس أن الإئتلاف كالغريق الذي يتعلق بقشة، وفي السياسة وهي المرادف المفهومي للقوة لا مكان للضعفاء، وباعتراف مراكز الدراسات الأميركية وتقارير استخباراتية أخرى لم يعد ما يسمى بـ«الجيش الحر» طرفاً فاعلاً على الأرض بحيث يكون قادراً على تعديل موازين القوى بما يضمن للأطراف التي تدعمه تحقيق مصالحها، وأضاف عباس: «لا يعدو تصريح الائتلاف كونه إلا رصاصات خلّبية، فليس هناك ما يسمى بـ«الجيش الحر» بشكل حقيقي بل هو مجموعة من العصابات التي تقودها مصالحها بالدرجة الأولى، بعضها انضم لـ «داعش» وآخرون لجبهة النصرة وبقيت هناك مجموعات صغيرة متفرقة في الأنحاء السورية يتطلب جمعها وتدريبها أكثر من المدة التي يطرحها التحالف الدولي لهزيمة «داعش»، إذ تحدثت تقارير عن أنه يمكن في السنة الأولى تدريب خمسة آلاف مقاتل فقط. إذاً لم يعد ما يسمى بـ«الجيش الحر» قادراً على أن يكون حاملاً لمشروع الأطراف التي كانت تدعمه.»

انتصارات متتالية

وشهدت الساحة الميدانية تقدماً كبيراً للجيش العربي السوري في مناطق ساخنة جداً وتحرير عدد من المناطق السورية وإحكام سيطرته عليها بعد أن كانت بؤراً للإرهابيين. فهل استغل الجيش السوري بذكاء قلّ نظيره ضربات التحالف الدولي وانشغال أطراف النزاع الخارجي مع «داعش» لبسط سيطرته على تلك المناطق؟

حول هذه النقطة، قال عباس «إن ضربات التحالف الجوية لم تعط مفعولها وذلك باعتراف خبراء استراتيجيين عسكريين. أما بالنسبة لاستراتيجية الجيش السوري وسير العمليات العسكرية والتقدم الذي أحرزه الجيش في ريف حماه الشمالي وفي الغوطة الشرقية وفي جوبر والمليحة، فلم يكن ذلك مرتبطاً بعمليات التحالف الدولي. والدليل على عدم فعالية الضربات التي يشنها التحالف الدولي حتى الآن، والتي بلغ عددها في سورية 1200 غارة وضعفا هذا العدد تقريباً في العراق، استمرار «داعش» بالتقدم باتجاه بغداد.

توددُ غربي

خفت حدة التصريحات الغربية ضد الحكومة السورية في الآونة الأخيرة، فهل بدأ التودد الغربي للنظام السوري خوفاً من المد الـ «داعشي» الذي بات يهدد العالم بأسره وخصوصاً الدول التي أعلنت الحرب عليه؟ بحسب عباس، «النظام السوري لم يكن يوماً طرفاً خادماً للمصالح الغربية في سورية بل كان هناك سعي دائم لإسقاطه. لذلك، فإن الحديث عن تخوف الغرب من ظاهرة «داعش» لا يعني أبداً أن الغرب يرغب في انتصار النظام السوري. لذلك فإن كل هذا الاشتباك الذي نراه في القضية السورية ليس إلا محاولات متخبطة للغرب والولايات المتحدة الأميركية والرهان على الزمن لإيجاد حل ثالث يضمن إنهاء ظاهرة «داعش» وتقويض القدرات التفاوضية للنظام السوري، وذلك خدمة لمصالح الغرب.» وأضاف: «النظام السوري متمسك بخيار السيادة الذي أقره مؤتمر وستفاليا عام 1648 والذي أقرته المنظمات الدولية، وهو حق لكل دولة على أراضيها، وهذا الخيار صفري يتعارض تماماً مع المصالح الجيوبوليتيكية للغرب والولايات المتحدة الأميركية، التي ترفض حتى الآن التراجع عن شكل النظام الدولي أحادي القطب.»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى