قالت له
قالت له: كلما ابتعدنا أحببتك أكثر وأحببت اللقاء بيننا وتخيّلت اللقاء مشاهد حبّ وحنان. وكلما التقيتك انصرفنا نحو جدال لم يكن في حسابي وارداً ويطفو على سطح اللقاء رغماً عنّي ولا أستطيع لوقفه سبيلاً.
فقال لها: هذا لأنك تدمنين السلطة والسيطرة ولا يليق بهما إظهار الضعف، وترين الحنان والودّ ضعفاً فتريدين إثبات القدرة على الإخضاع قبل إظهار العفوية وتركها ترسم الانطباع. إنه التطبع يغلب الطبع، وما أدراك ما تفعل الطباع.
فقالت: لم لا تقول أنك تصرفني عمّا أنا جئت لأجله باستفزاز يغيّر البوصلة ويستنفر الأوجاع؟
فقال: أنت تقولين عمّا يحدث معك بين تخيل اللقاء وتحقّقه وكيف تتغيّر الأوضاع.
فقالت له: لم أقل كيف ولماذا.
فقال لها: وهل حدث أن خالف الواقع التوقع إيجاباً؟
فقالت: في مرات قليلة تأتي ابتسامتك بالإشعاع.
فقال: وهل يستمرّ الوصل دفئاً أم ينقلب إلى محضر اجتماع؟
قالت له: غالباً يحدث ما ليس في الحسبان.
فقال لها: أتذكرين كيف يحدث بكلمة منك تغيّر العنوان وتشبه العدوان؟
فقالت: أتذكرك في لحظة جنون وأغار ويتوه مني الزمان والمكان.
فقال: تعالي لمرة نرسم المشهد معاً ونبدأ اللقاء بعد الجدال من جديد.
فقالت: وكيف يحدث هذا؟
فقال: الآن وقد بدأ اللقاء تعالي نبدأ مجدّداً.
قالت: ألديك تصوّر محدّد؟
قال: لنتخيل بعضنا عن بعد نلتقي فابتعدي بضع خطوات وتعالي.
فقالت: ها قد ابتعدت وأمشي إليك وأنت لا تبالي.
فقال لها: كلّي شوق للعناق.
فقالت: وأنا أشتاق.
فقال: هاتي ضمّة.
فقالت: أعطني من العنق شمّة.
فقال: ها نحن نلتقي من بداية جديدة ونسيطر على المشهد.
فقالت له: وهل فعلت شيئاً شنيعاً تخشى منّي عليه العتاب؟
قال لها: كلّما طردنا الجدال من شبّاك عاد من الباب.
فضحكت وقالت أستفزّك أيها الكذّاب!
فعانقها وقال ضاحكاً: عندي لك عتاب!