تقرير إخباري
تقرير إخباري
إعدام الشيخ النمر هزيمة كبرى للسعودية
لورا محمود
عام 2011 ومع بداية الحراك السلمي في السعودية، وتحديداً في القطيف التابعة للمنطقة الشرقية التي تقطنها أغلبية شيعية، وفي ذكرى عاشوراء، كثفت القوات السعودية انتشارها بعد مقتل أربعة شبان بنيران الأمن السعودي كانوا قد تظاهروا للمطالبة بحقوقهم وتحسين أوضاعهم ورفع التمييز الطائفي عنهم ومطالبتهم بعدم إرسال قوة درع الجزيرة الى البحرين. ومع حضور هذه التظاهرات، برز اتهام وزارة الداخلية حينها لإيران بالتحريض على العنف تزامناً مع تصريح آخر لمفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وصف فيه من يقفون وراء التظاهرات التي وقعت في منطقة القطيف بـ«المفسدين والقتلة». وانتهكت السعودية حينئذ حقوق الإنسان باعتقالها شباناً تحت عمر الـ18 سنة ومنعهم من التظاهر.
وخرجت السعودية اليوم عن صمتها وقلبت الطاولة عليها وعلى أعداءها، فأصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض حكماً ابتدائياً بإدانة المعارض الشيخ نمر النمر والحكم عليه بالقتل تعزيراً بعد اتهامه بجرائم عدة كقيامه بالإعلان عن عدم السمع والطاعة لولي أمر المسلمين في المملكة وعدم مبايعته له ودعوته وتحريض العامة على ذلك ومطالبته بإسقاط الدولة عبر خطب الجمعة والمنابر العامة والتحريض على الإخلال بالوحدة الوطنية وعدم الولاء للوطن.
وقبضت قوات الأمن السعودية صيف العام 2012 على النمر، مؤكدة استخدامه القوة ضدها ومبادرته إلى إطلاق النار باتجاه رجال الأمن. ووجهت السلطات السعودية إليه اتهامات بإثارة الفتنة واستخدام العنف، مطالبة بإنزال عقوبة الإعدام بحقه.
وفي الثامن من تموز 2012، أقدمت القوات السعودية على اعتقال النمر بعد أن فتحت عليه الرصاص في كمين نصب له على الطريق العام وهو في سيارته، فأصيب على إثره بأربع رصاصات في فخذه الأيمن، وتم اختطافه من موقع الجريمة فاقداً لوعيه، ونقل إلى المستشفى العسكري في الظهران، وبعد ذلك إلى مستشفى قوى الأمن في الرياض ثم إلى سجن الحائر.
وفي آذار من العام 2013، بدأت الحكومة السعودية أولى جلسات محاكمته بدون خبر سابق لذويه، وقد طالب فيها المدعي العام بإقامة حد الحرابة القتل على آية الله النمر، بسوقه تهماً ملفقة وكاذبة وفق تأكيد محامي الدفاع وعائلة سماحته .
وتتهم السعودية إيران بالوقوف وراء الاحتجاجات في مناطق الشيعة، الذين يشكلون 10 في المئة من مجموع سكان المملكة العربية السعودية البالغ عددهم 20 مليوناً والذين يشكون من «تهميش السلطات».
وخسرت السعودية في سورية واليمن بعد نجاح الحوثيون في 21 أيلول 2014 بالسيطرة على مفاصل النظام اليمني والاتفاق مع الحكومة اليمنية على اتفاق «السلم والشراكة الوطنية» الذي وقّع الحوثيون عليه، وعلى تشكيل حكومة «كفاءات»، وخفض أسعار الوقود إلى نحو نصف الزيادة السعرية التي طبقت عليها اعتباراً من نهاية تموز الفائت، وتعيين مستشارين للرئيس من الحوثيين ومن «الحراك الجنوبي»، إضافة إلى تشكيل لجنة اقتصادية بعد أسبوع من تشكيل الحكومة، مقابل وقف إطلاق النار ورفع الاعتصامات.
ويأتي هذا مع تأييد إيران وفق المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية التي قالت «إن تنفيذ الاتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين يعود بالأمن والاستقرار على اليمن». هنا انتهى الدور السعودية التي دخلت على خط الأزمة. وحاولت كالمعتاد كبح أي حراك مناهض لها في المنطقة، سواء كان دينيًّا أو سياسيًّا، حيث تحتل السعودية أجزاءً من اليمن، فضلاً عن تبعية النظام الحاكم لها، أضف إلى هذا كله مخاوف الرياض من حصول الحوثيين على بعض المكاسب السياسية داخل البلاد في العام 2009 حين دارت حرب بين الحوثيين والرياض في المناطق الحدودية، فتكبدت القوات السعودية خسائر فادحة لا سيما أن الحوثيين يجيدون أساليب وخيارات متعددة مكنتهم من الصمود أمام عجز الجيش السعودي عن حسم المعركة، وتدخل الطيران الأمريكي والخليجي وقصفا المناطق الشمالية وارتكبا عدة مجازر هناك، راح ضحيتها نحو ألف قتيل من المواطنين العزل، وتم تدمير البنى التحتية وآلاف المنازل والمزارع. ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل سافر «خالد بن سلطان» إلى «إسرائيل» وطلب من قيادة الكيان الصهيوني أن يمدوه بخطط حربية وتقنيات عسكرية متطورة كانت تستخدمها «إسرائيل» في الحرب على حزب الله في لبنان، حيث أكدت وثيقة أميركية نشرها موقع «ويكيليكس» في العام 2010 أن الجيش السعودي لجأ في العام 2009 إلى «القوة المفرطة» ضد الحوثيين.
وحذر عدد من رجال الدين الشيعة في إيران، على رأسهم «آية الله جعفر سبحاني»، أحد مراجع التقليد في مدينة قم، من إعدام النمر، قائلاً إن الأخير كان يريد «إعطاء النصيحة للحكام والأمراء».