بعد الحسم في الغوطة السورية هل بدأت معركة «الغوطة» الدولية؟

معن حمية

تحرير الغوطة الشرقية وتأمين العاصمة دمشق، إنجاز نوعي كبير كشف جانباً من القدرات التي يتمتع بها الجيش السوري والتي تمكّنه من حسم أيّ معركة يتخذ قراراً بشأنها.

وإذا كانت سورية تعتبر هذا الإنجاز عادياً قياساً إلى قدرات جيشها، فإنّه في حسابات الدول الراعية للإرهاب، انتصار معنوي وسياسي وعسكري حققته سورية في فترة زمنية قياسية، ويرسم معادلات جديدة عنوانها المواجهة مع كلّ احتلال، سواء أكان هذا الاحتلال من مجموعات إرهابية، أو من قبل جيوش دول أجنبية.

الدول الراعية للإرهاب، قرأت في عملية الحسم السريع لمعركة الغوطة الشرقية، رسالة سورية روسية عابرة لجغرافية الغوطة، مفادها أنّ الاستثمار في الإرهاب من أميركا وحلفائها الأوروبيين والإقليميين والعرب لم يعُد مجدياً، على قاعدة أنّ الذي يستطيع أن يحسم في الغوطة يستطيع أن يحسم في أيّ منطقة أخرى.

ووفق قراءة رعاة الإرهاب لنتائج معركة الغوطة، فإنّ فرص نجاح مشروع إسقاط الدولة السورية أصبحت معدومة، وأنّ السبب وراء انعدام هذه الفرص وقوف روسيا الاتحادية إلى جانب سورية، لذلك وفي خضمّ معركة الغوطة سارعت بريطانيا إلى افتعال قضية تسميم الجاسوس الروسي بمواد كيميائية، وهي القضية التي تأخذ منحى تصعيدياً غير مسبوق بوجه روسيا، حيث لجأت أميركا والعديد من حلفائها الأوروبيين إلى طرد عشرات الدبلوماسيين الروس في توقيت متزامن.

إنّ هذا التصعيد الأميركي الأوروبي ضدّ روسيا ليس بسبب قضية تسمّم الجاسوس الروسي، فبريطانيا لم تقدّم أيّ دليل يثبت تورّط روسيا واكتفت بإطلاق الاتهام من دون أيّ سند أو دليل. وهذا ما يؤكد أنّ السبب من وراء كلّ هذا التصعيد هو ما حصل في الغوطة الشرقية، بما يؤكد أيضاً كلام وزير خارجية فرنسا السابق الذي اعترف قبل يومين بأنّ الحرب على سورية ليست كما رُوّج لها غربياً بأنها ثورة حرية، بل هي حرب خطط لها حلف الناتو واشتركت فيها دوله كلّها، بما فيها تركيا التي سارع رئيسها رجب طيب أردوغان إلى إطلاق المواقف والتصريحات التي تؤكد عزم بلاده على مواصلة عملياتها العدوانية داخل الأراضي السورية ووضع منطقتي تل رفعت ومنبج في قائمة أهدافها.

والمواقف التركية الآنفة الذكر، عدا عن كونها تعبّر عن صلف عدواني، فهي تؤكد بأنّ هدف تركيا من احتلال مدينة عفرين ومناطق أخرى، ليس هزيمة مجموعات تصنّفها إرهابية وحسب، بل لتحقيق جزء من المخطط العدواني الذي استهدف سورية منذ العام 2011، وهو إقامة منطقة عازلة تحت الاحتلال التركي، وبهذا تثبت تركيا لشركائها في الناتو أنها حققت ما عجز الناتو عن تحقيقه مجتمعاً.

لكن، ما تسعى إليه تركيا لا تستطيع أن تحققه وحدها، فهي تحتاج إلى الولايات المتحدة الأميركية، للققز فوق القرار الدولي 2254 الذي يؤكد وحدة الأراضي السورية وسلامتها، والواضح أنّ التصعيد الغربي ضدّ روسيا يرمي إلى إعادة خلط الأوراق على الساحة الدولية والضرب بعرض الحائط المواثيق والقرارات الدولية. والواضح أيضاً أنّ التنسيق بين أنقرة وواشنطن لم يتوقف إطلاقاً، ومن ضمنه استخدام واشنطن لـ «قوات سورية الديمقراطية» في مدينة الرقة وغير منطقة، لإضعاف حضور هذه القوات في منطقة عفرين وتمكين تركيا من احتلالها.

بناء على ما تقدّم يتضح حجم الإنجاز النوعي الذي حققه الجيش السوري، منهياً معركة الغوطة السورية لصالحه وصالح حلفائه، لتبدأ معركة الغوطة الدولية..

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى