مسرحية مجلس الأمن حول الكيميائي في سورية مستمرة.. وإخراج 8 حافلات تقل 424 من إرهابيي «جيش الإسلام» وعائلاتهم من دوما إلى جرابلس

أكدت قمة أنقرة التي جمعت كلاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الإيراني حسن روحاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكدت أنها تعتبر عملية أستانة صيغة ناجحة وحيدة للمفاوضات حول تسوية الأزمة السورية.

وجاء في بيان مشترك صدر عن لقاء القمة، أن «مسار أستانة هو المبادرة الدولیة الوحیدة التي أسهمت في إحلال السلام والاستقرار في سوریة وخفض العنف في هذا البلد وأدت إلی التسریع في إيجاد حل سیاسي مستدام للأزمة السوریة».

ووفقاً للبيان الذي نشرته الرئاسة الإيرانية على موقعها الإلكتروني، فقد أکد رؤساء روسيا وإيران وتركيا علی التزامهم القوي الوثیق بسیادة واستقلال وهویة سوریة الموحّدة، «مؤکدین عدم انتهاك هذه المبادئ التي أیدتها قرارات الأمم المتحدة، وهي مطلب جمیع ممثلي المجتمع السوري بكل أطیافه وأحزابه وتیاراته».

هذا وأشار رؤساء الدول الثلاث إلى ضرورة مساعدة السوريين على «إعادة وحدتهم وتلاحمهم والتوصل إلی حل سیاسي للأزمة الحالیة عبر عملیة واسعة وحرة وعادلة وشفافة بإدارة سوریة التي تعتمد علی إرادة الشعب السوري الحرة والانتخابات الحرة العادلة بمشارکة المواطنین السوریین».

وأفاد البيان بأن بوتين وأردوغان وروحاني «أكدوا مجدداً عزمهم على مواصلة تعاونهم النشط حول سورية، لتثبيت نظام وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة والدفع بالعملية السياسية بموجب قرار مجلس الأمن».

وجدّد الرؤساء الروسي والإيراني والتركي دعمهم للعملية السياسية التفاوضية في سورية، مؤكدين أن النزاع في هذا البلد لا يمكن حله بالقوة العسكرية.

ورحّب الرؤساء الروسي والإيراني والتركي بالقرار 2401 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، أواخر فبراير الماضي، لمعالجة الحالة الإنسانية الكارثية في سورية، بما في ذلك في غوطة دمشق الشرقية والفوعة وكفريا وإدلب وشمال ريف حماة والركبان والرقة، «مناشدين أطراف النزاع التصرّف بما يتفق مع بنود القرار، بما فيها الامتناع عن انتهاكات وقف إطلاق النار»، بحسب نص البيان.

كما أكد البيان الثلاثي دعم روسيا وتركيا وإيران لقرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، بما في ذلك تشكيل اللجنة الدستورية السورية.

وأشار البيان إلى سعي رؤساء الدول الثلاث إلى مواصلة التعاون لدحر تنظيمات «الدولة الإسلامية» داعش و»جبهة النصرة»، ومجموعات وشخصيات أخرى متصلة بتنظيمي «القاعدة» أو «داعش».

وبهذا الصدد، أشار البيان إلى أن الفصل بين المجموعات الإرهابية والمعارضة المسلحة أمر ذو أهمية أولوية لمنع وقوع خسائر بين المدنيين في سورية.

وبحسب البيان الثلاثي، فقد أعرب بوتين وروحاني عن شكرهما للرئيس التركي لتنظيم القمة في أنقرة، وأن الأطراف قرّرت عقد لقاء ثلاثي مقبل في إيران، تلبية لدعوة الرئيس حسن روحاني.

سنواصل الحرب على الإرهاب

وفي السياق، دعا الرئيس روحاني من أنقرة إلى تسليم عفرين شمال غرب سورية للجيش السوري.

وقال روحاني: «الأحداث في عفرين لا يمكن أن تكون مفيدة إلا إذا تم احترام وحدة أراضي سورية، ويجب تسليم السيطرة على هذه المنطقة للجيش السوري».

وأشار الرئيس الإيراني إلى أن محاولات القوى الأجنبية لتقسيم سورية مرفوضة، واصفاً انتشار القوات الأجنبية على الأراضي السورية دون موافقة دمشق بغير القانوني، ودعا لإنهائه.

وشدد روحاني على ضرورة بذل الجهود الحقيقية لإنهاء الأزمة السورية وقال: «إن الأزمة السورية لا يمكن حلها عسكرياً أو بفرض حلول من الخارج».

ودعا إلى مواصلة الحرب على الإرهاب في سورية حتى القضاء على كل الجماعات الإرهابية هناك.

وأكد الرئيس الإيراني أن مستقبل سورية يقرّره الشعب السوري عبر انتخابات ديمقراطية، مشدداً على ضرورة إيصال المساعدات الأممية إلى جميع أنحاء سورية.

ودعا روحاني إلى توفير الأرضية اللازمة لإعادة إعمار سورية وتهيئة الظروف لعودة النازحين إلى مناطقهم، مؤكداً استعداد طهران للمشاركة الفعالة في إعادة إعمار سورية ما بعد الحرب.

متفقون على إعادة إعمار سورية

هذا وكان الرئيس الروسي بوتين، أعلن أن القمة الثلاثية الروسية التركية الإيرانية حول سورية في أنقرة اتفقت على توحيد الجهود لإعادة إعمار سورية بعد انتهاء النزاع.

وقال بوتين خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيريه التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني، في ختام القمة أمس: «اتفقنا على توحيد الجهود لإعادة الإعمار في المرحلة ما بعد النزاع في سورية. ويدور الحديث قبل كل شيء عن بناء منشآت البنية التحتية والمؤسسات العامة»، مشيراً إلى أن الشركات الروسية قد بدأت تشارك في هذا العمل، بما في ذلك في المناطق التي كانت تحت سيطرة المسلحين قبل فترة.

ودعا بوتين جميع الدول إلى المساهمة في إعادة إعمار سورية، مشيراً إلى أنه «بالإضافة إلى التسوية السياسية من الضروري أن يعيش السكان في ظروف طبيعية، ولن يتسنى ذلك دون مساهمة كبيرة من الخارج».

وأشار إلى أنه لا يشارك أحد غير روسيا وتركيا وإيران في تقديم المساعدات الإنسانية لسورية، مشيراً إلى أن هناك فقط مساعدات من قبل الأمم المتحدة، لكنها غير كافية، سيكون من الضروري «الانخراط في العمل المشترك لإعادة إعمار الاقتصاد السوري، وإعادة إعمار البنية التحتية».

الكرد.. والدعم الأميركي

قال أردوغان إن «عملية درع الفرات شمال سورية قضت على أكثر من 3 آلاف إرهابي»، مضيفاً أن بلاده ستحاول التخفيف من وقوع الضحايا في صفوف المدنيين خلال عمليات الجيش التركي شمال سورية.

وأشار أردوغان إلى أن تركيا وروسيا وإيران تحاول كدول ضامنة أن تتفق على مستقبل سورية، مؤكداً أن الاتفاقيات والخطوات بين هذه الدول ستكون في مصلحة سورية وشعبها.

وأضاف الرئيس التركي أنّ وحدة أراضي سورية تعتمد على «البعد عن جميع المنظمات الإرهابية» في إشارة إلى الدعم الأميركي لمسلحين كرد في قرب الحدود السورية التركية.

ردّ فرنسي على قمة أنقرة

إلى ذلك، أكد مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر أن عملية جنيف تبقى الإطار الوحيد لتسوية الأزمة السورية.

وقال ديلاتر خلال جلسة مجلس الأمن الدولي حول استخدام السلاح الكيميائي في سورية: «أقول هذا اليوم بينما تجتمع دول أستانة في تركيا، إن جنيف هي المحفل الوحيد الذي يسمح بوصول إلى حل دائم لهذا النزاع».

مجلس الأمن ومسرحية الكيميائي

على صعيد متصل، قال المندوب الروسي لدى مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا، إن موسكو اقترحت تشكيل آلية للتحقيق باستخدام الكيميائي في سورية، يتم اختيار أعضائها من قبل الأمين العام للأمم المتحدة.

وأكد نيبينزيا خلال جلسة للمجلس عقدت من أجل مناقشة استخدام الكيميائي في سورية، أنه يجب اختيار أعضاء محايدين لهذه الآلية، على أساس تمثيل جغرافي أوسع، وبموافقة مجلس الأمن.

وأشار إلى أن موسكو لم تدعم تمديد ولاية آلية التحقيق المشتركة في استخدام الكيميائي في سورية، بسبب استنتاجاتها المسيّسة التي تقوّض سمعة التحقيق الدولي الموثوق.

وأوضح نيبينزيا، أن أساليب العمل الأساسية للآلية، تتمثل بسفر أعضائها إلى المواقع وجمع العينات ومقابلة الشهود والامتثال التام لمبدأ العهدة، وضمان الأدلة المادية والمحافظة عليها ليتمكن مجلس الأمن من تحديد المسؤولية عن استخدام الكيميائي.

وقال المندوب الروسي، إن الولايات المتحدة هاجمت مطار الشعيرات السوري، بحجة استخدام دمشق للكيميائي، مؤكداً أن هدف واشنطن الحقيقي كان إزاحة النظام.

وأشار إلى أن بعض الدول، لا تزال تزعم أن دمشق تستخدم الأسلحة الكيميائية بالرغم من سخافة هذه الاتهامات وغياب أي أدلة وبراهين على ذلك.

من جانبها، قالت المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن، نيكي هايلي، إن الولايات المتحدة تعتقد أن الهجمات الكيميائية في خان شيخون السورية وأيضاً الحادثة في كوالالمبور وسالزبري، تؤدي إلى اتجاه خطير للاستعمال المستمر للأسلحة الكيميائية في العالم.

وفقاً لها، فإن هناك خطر العودة إلى الحالة التي كانت إبان الحرب العالمية الأولى، مؤكدة أن «لا أحد يريد أن يعيش في عالم تستخدم فيه الأسلحة الكيميائية».

وأضافت: «نحن خذلنا الناس في سورية، وفي سالزبري»، بحسب تعبيرها.

أما المندوب الفرنسي، فرانسوا ديلاتر، فقد اتهم الحكومة السورية بأنها «استخدمت كل الوسائل لقمع معارضيها»، بما في ذلك السلاح الكيميائي، مشيراً إلى حادثة خان شيخون بمحافظة إدلب يوم 4 أبريل 2017، بحسب تعبيره.

وقال: «لا يمكن حتى الآن أن نتأكد من أن سورية انتهت من تدمير كامل المخزونات من الأسلحة الكيميائية في 2013، واستخدام الأسلحة الكيميائية يعتبر دليل لا شك فيه على أن هذه المخزونات لا تزال قائمة».

وحذّر من خطر وقوع أسلحة كيميائية في أيدي جهات غير حكومية، مشيراً إلى استخدام غاز الخردل من قبل تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية.

من جانبه، أكد القائم بالأعمال بالنيابة في وفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، منذر منذر، أن سورية أوفت بالتزاماتها الناشئة عن انضمامها لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وكذلك التزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن 2118 لعام 2013.

وقال منذر إن «الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا امتهنت فن الخداع والتضليل لتنفيذ سياساتها في الهيمنة على العالم والعودة به إلى عهود الاستعمار والانتداب والوصاية ولعرقلة تقدم الجيش السوري في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تدعمها وتشويه صورة الحكومة السورية».

وبين منذر أن تصريحات بعض الدول «تدلل على أنّها توجه المجموعات الإرهابية لاستخدام المواد الكيميائية ضد المدنيين والعمل على فبركة الأدلة واستجلاب شهود الزور».

«داعش» يتمركز في أربع جيوب

على صعيد آخر، قال نائب وزير الدفاع السوري محمود الشوا، إن عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي موجودون في سورية ضمن أربع جيوب صغيرة.

وأضاف الشوا خلال كلمة ألقاها أمس في مؤتمر موسكو للأمن الدولي، إن وجود تنظيم داعش في سورية يقتصر على عدة جيوب معزولة ومطوقة بالكامل وتمثل ما نسبته 4 في المئة من مساحة أراضي سورية.

وأكد أن وجود أي قوات عسكرية أجنبية على الأراضي السورية دون موافقة الحكومة السورية هو عدوان موصوف واحتلال وسيتم التعامل معه على هذا الأساس.

وأشار الشوا إلى أن القضاء على الإرهاب في سورية شكّل ضربة للمشاريع الغربية المرسومة للمنطقة، ومهّد لانتصار الجيش السوري وحلفائه عسكرياً الطريق نحو إنجاز حل سلمي يقرره السوريون بأنفسهم، وقدم المسار السياسي مساراً بديلاً لأن الميدان هو الذي يحدّد توجهات القرارات السياسية المحلية والإقليمية والدولية.

هذا وقدّم الشوا خلال المؤتمر عرضاً مرئياً لآثار الدمار الذي خلفه التنظيم في سورية.

كما دعا نائب وزير الدفاع السوري جميع القوى والأطراف الفاعلة دولياً وإقليمياً للعب دور إيجابي وحقيقي في مكافحة الإرهاب، والحد من مخاطره التي لن تكون محصورة ضمن الجغرافيا السورية، ما يتطلب إجراءات فاعلة ومؤثرة تنعكس نتائجها على الأرض واقعاً ملموساً، كما طالب مجلس الأمن الدولي بـ «تحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين، ووقف جرائم التحالف الأميركي والاحتلال التركي بحق المدنيين السوريين وتدمير البنى التحتية والاعتداءات الإسرائيلية ومساءلتهم».

وأشار إلى أنه في الوقت ذاته الذي يحارب فيه الجيش السوري والقوات الرديفة الإرهاب ويجتث جذوره فإن سورية ماضية في مسيرة الانفتاح والحوار السوري – السوري والمصالحة الوطنية وإعادة الإعمار.

إخراج الإرهابيين من دوما مستمر

تمّ أمس، إخراج 8 حافلات تقل 424 من إرهابيي ما يُسمّى «جيش الإسلام» وعائلاتهم من دوما عبر ممر مخيم الوافدين تمهيداً لنقلهم بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري في وقت لاحق بشكل جماعي إلى جرابلس.

وتم أول أمس، إخراج 1198 إرهابياً من «جيش الإسلام» وعائلاتهم من دوما إلى جرابلس عبر 24 حافلة تنفيذاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد رضوخ إرهابيي «جيش الإسلام» نتيجة انتصارات الجيش العربي السوري في العملية العسكرية الواسعة لتطهير الغوطة الشرقية من الإرهاب.

ولفت موفد سانا إلى أن عملية إخراج الإرهابيين وعائلاتهم مستمرة من مدينة دوما وسيسلّم الإرهابيون أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة للدولة إضافة إلى تسوية أوضاع الراغبين بالبقاء في المدينة وتسليم المختطفين من المدنيين والعسكريين وجثامين الشهداء تمهيداً لعودة جميع مؤسسات الدولة إليها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى