نتنياهو… لا يستطيع أم لا يريد أيّ حلّ للقضية الفلسطينية

عندما يكتب الصهاينة منتقدين حكومتهم ورئيسها، لا بدّ من التمعّن جيّداً في ما يقولون. خصوصاً أنّ النقد يشمل مفاصل مهمة في القضية الفلسطينية، وفي التقرير التالي، تشريح لمواقف رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو إزاء الحلول المفترضة من الفلسطينيين، وذلك بقلم صهيونيّ

كتب إيتان هابر في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية:

هاكم قصة شخصية من الغرف المغلقة: في السنوات الاخيرة التقينا بضع مرّات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في ما يسمى باللغة الصحافية «حديث خلفية». وفي كل مرّة خرجنا متأثرين من الاحاديث الليلية. ها هو الرجل الذي عرفناه منذ 1976 يفهم أخيراً أن الاقوال شيء والأفعال شيء آخر. يجتاز ما اجتازه في مكتب رئيس الوزراء مناحيم بيغن واسحق رابين وإيهود باراك وآرييل شارون وإيهود أولمرت. إلى جانب المسؤوليات الكبرى على الكاهل، فإنهم فهموا أنّ القصائد جميلة، ربما، لأعمال «شبيبة بيتار»، وأنه في مكتب رئيس الوزراء، في «شارع كابلن» في القدس، تبدو الامور مختلفة تماماً.

من كل حديث مع نتنياهو خرجنا بإحساس عميق بأنّ الرجل يفهم جيداً دوره التاريخي، وهو سيقود دولة «إسرائيل» إلى تنفيذ فكرة «الدولتين للشعبين» ـ الحد الادنى الذي سيسمح لنا بأن نعيش في هذه الجزيرة الصغيرة والعاصفة.

وهذا الانطباع الذي أخذته أشركت فيه أصدقائي. أحدهم، الوزير السابق حاييم رامون، الثعلب السياسي القديم، سخر كل الوقت بالبشرى التي وضعتها أمامه من مكتب رئيس الوزراء من «الليكود»: «إنه يذرّ الرماد في العيون، يضللك، يكذب عليك من دون أن يرفّ له جفن».

صديق آخر قال لي: «هذا تماماً السبب الذي جعل صديقك رونالدو آيزن يأخذه في حينه كوكيل له لبيع الاثاث في متجر ريم».

نتنياهو هو وكيل المبيعات الافضل الذي قام لشعب «إسرائيل» في الجيل الاخير. فهو قادر على أن يبيع البذور للأخوة حمامة وأكياس قهوة لعوفرا شتراوس. صديق بيبي، رونالد لاودر، قال قبل بضعة ايام في التلفزيون إنّ صديقه رئيس الوزراء هو «غريت كوميوميكاتور»، رجل اتصال عظيم، وأثنى على خطابه الاخير في الامم المتحدة. «لادور»، الأميركي، يبدو انه لم يختر بالصدفة هذا التعريف. فقد قيل هذا في حينه عن الرئيس رونالد ريغان.

قالوا عنه في أميركا انه «غريت كوميوميكاتور»، ولكن كمن كان له الشرف، لا السرور، لأن يكون في حضرة الرئيس الأميركي، ويتذكر البطاقات التي كان يقرأ منها ما كتب له في البيت الابيض، أكتب هنا بحذر: «الرئيس الأميركي لم يتخذ حينذاك في نظرنا صورة رسول الحكمة على وجه الارض».

أما عن نتنياهو، فيمكن بالتأكيد القول أنه نجح. فقد اشتراه الرأي العام في «إسرائيل»، واشترى طبيعته، مزاياه وخصاله. وهو يتحدث بالضبط مثلما يفكر هذا الشعب. لغة بيبي هي السائدة اليوم في الشارع «الإسرائيلي». وقد نجح في أن يعطي الشعب، وله فقط، المفتاح للخزينة التي تسمى «مواطني دولة إسرائيل».

أما الحقيقة فهي أنه يوجد بيبي نتنياهو اثنان. الاول واع، فاهم ما يحصل حوله وحولنا. لا يريد بأيّ حال أو شكل أن يسيطر على ملايين الفلسطينيين. ولكنه ـ وهذا هو نتنياهو الثاني ـ غير مستعد لأن يخاطر بمنصب رئيس الوزراء حتى لو كان يخاطر في هذه اللحظة بمستقبل دولة «إسرائيل». وسيكون هناك من سيقول: وجودها أيضاً. اسحق رابين الراحل قال ذات مرة: «عندي رئاسة الوزراء خيار لا هوساً». لدى نتنياهو، هكذا أخذ الانطباع أيضا من يحيط به عن كثب، هذا هوس. نتنياهو غير مستعدّ بأيّ حال من الاحوال أن يتنازل عن بزّة السياسي الحزبيّ لمصلحة بزّة الزعيم، ذاك الذي قيل عنه: «السياسي الحزبي يفكر في الانتخابات التالية، أما الزعيم فيفكر بالاجيال التالية».

والخطابة، الامر الاهم بالنسبة إلى نتنياهو. ولهذا فإنه يستثمر الكثير في الاتصال مع الجمهور الذي يبقى على تواصل واتصال به. أما الجمهور، كما ينبغي الاعتراف، فإنه يشتري كل الحيل والاحابيل.

في هذه المرحلة، كما يبدو، لا يرى نتنياهو نفسه خارج منزل رئيس الوزراء ولا يتصور أيّ إمكانية أخرى غير هذه الولاية. والبديل الوحيد الذي ربما يبدو له، أن يكون رئيس الولايات المتحدة. يحتمل أنه إذا ما سألتموه عن ذلك، فستحصلون على جواب يهوديّ نموذجيّ في شكل سؤال: في واقع الامر، لِمَ لا؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى