نصرالله: يجب أن يكون للقوى المؤمنة بالمقاومة حضور رئاسي ونيابي وحكومي قوي لمواجهة الطامعين بخيرات لبنان
مصطفى الحمود
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن في لبنان والخارج من يراهن على صدام بين الحزب والجيش اللبناني، مؤكداً وجوب أن تكون القوى المؤمنة بالمقاومة حاضرة بقوة في المجلس النيابي في الحكومة والرئاسات لقطع كل الأيادي التي تطمع بخيرات لبنان.
كلام السيد نصرالله جاء خلال مهرجان يوم «الوفاء للنصر»، الذي أقيم في ساحة الإمام الحسين في النبطية، وحضره حشد جماهيري وعدد من النواب والمرشحين للانتخابات النيابية.
وشكر السيد نصرالله الذي أطلّ عبر الشاشة «هذا الحضور الكبير والمتوقع والطبيعي من أهل المقاومة»، وخصّ بالشكر «كل أهلنا المشاركين في هذا المهرجان الانتخابي، الذي يخصّ دائرة الجنوب الثالثة، وحضور أهلنا الكبير من قضاء النبطية، مرجعيون حاصبيا وبنت جبيل».
ولفت إلى أن التآمر على المقاومة للقضاء عليها لم يتوقف منذ العام 2000، ومنها حضور «شخص أميركي من أصل لبناني مبعوثاً من نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، والعرض الذي قدمه بإعطائنا كل ما نريد، شرط أن نعمل أمن ومخابرات عند الأميركي، والشرط الثاني عدم مقاتلة إسرائيل»، كاشفاً عن اسم «هذا المبعوث، وهو الصحافي جورج نادر»، مشيراً إلى أنه أخطأ «برفض استلام تلك الورقة».
ثم كشف عن محاولة ثالثة حصلت في العام 2005، فقال «قُدّمت لنا عروض أميركية وفرنسية وأردنية رفضناها في حزب الله، قضت بأن نأخذ حصة الشيعة في السلطة وأموال ومشاريع وغيرها، والهدف من عروضهم أنه عندما تدخل المقاومة نعيم السلطة، فعندها تتخلّى عن السلاح. أما في العام 2006 فكانت الحرب من أجل سحق المقاومة، لأن الترهيب والترغيب لم ينفعا مع المقاومة، والتأسيس لشرق أوسط جديد».
وأعلن أن «الأخطر في كل مكان يخطّط للمقاومة في لبنان، هو القتال الداخلي، وجعل الجيش يصطدم بالمقاومة»، موضحاً «أن في العام 2005 أجرى الأميركان دراسات واستطلاعات داخل مؤسسات الجيش اللبناني، عمّا إذا كانت القيادة والضباط والجنود، جاهزين للذهاب إلى قتال ضد المقاومة، وهي حصلت على أساس تركيب طائفي، من خلال سؤال للضباط والرتباء والجنود على أساس طائفي، ووجدوا في ذلك الوقت أن هذا الجيش لا يقبل أن يذهب إلى قتال مع المقاومة. وهذا كان أحد أسباب السرعة في الذهاب إلى الحرب الإسرائيلية في العام 2006».
وأضاف السيد نصرالله أن «في لبنان وفي أميركا والخليج، من عاد اليوم ليكون رهاناً على هذا الصدام وهذه المعركة. والضمانة هي الحضور القوي في الدولة، في العام 2006 الضمانة الأقوى كان يمثلها الرئيس نبيه بري من خلال وجوده في رئاسة المجلس النيابي، كما أن مَن يشكّل الضمانة هو قيادة الجيش وضباط الجيش وجنوده، لذك المطوّب التحصين السياسي للمقاومة. وذلك يتمّ من خلال الحضور القوي، ويجب أن تكون القوى المؤمنة في المقاومة حاضرة بقوة في المجلس النيابي من أجل قطع كل الأيادي التي تطمع بخيرات لبنان، ويجب أن يكون حضورها قوياً في الحكومة وفي الرئاسات».
وأكد أن «الملف مع الإسرائيلي لم ينته حتى اليوم، لدينا ملف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والإسرائيلي الذي يفاوض ويريد أن يفاوض، هل سيردّ لنا مزارع شبعا؟ وملف النفط والغاز وملف التهديدات الإسرائيلية الدائمة بشنّ حرب على لبنان»، واعتبر أن «في مقابل ذلك لدينا معادلتنا القوية، الجيش والشعب والمقاومة كي نستطيع مواجهة كل هذه التحديات».
وكشف السيد نصر الله أن «في العام 2006 وخلال حرب تموز، هناك مَن عمل على هذا الخيار لضرب المقاومة، الحكومة في ذلك الوقت ورئيسها أعطيا قراراً لقيادة الجيش في قلب حرب تموز بمصادرة أي شاحنة تأتي من البقاع إلى الجنوب وتحمل السلاح إلى المقاومة، وتمّت مصادرة الشاحنة الأولى ومن أعطى القرار كان يراهن على القتال بين المقاومة والجيش في حرب تموز، لكن حكمة الطرفين والتدخل السياسي في ذلك الوقت هو من أدّى إلى لملمة الموضوع وبصعوبة، بسبب إصرار رئيس الحكومة في ذلك الوقت على قراره»، مذكراً بأنّه «بعد العام 2006 عندما استقال وزراء حركة أمل وحزب الله من الحكومة، اجتمعت الأخيرة من أجل مناقشة ملف شبكة اتصالات المقاومة حتى صلاة الصبح لأول مرة، من أجل أخذ قرار بنزع شبكة السلكي التابعة للمقاومة وأعطيت الأوامر للجيش لتفكيكها ولو بالقوة. والهدف كان في العام 2008 هو أن يؤدي ذلك إلى الدخول في مواجهة بين الجيش والمقاومة».
وأوضح أن «هدف الاحتفال هو إعلان التأييد والدعم للائحة الأمل والوفاء للانتخابات النيابية التي ستجرى في السادس من أيار والتعبير عن التطلعات من خلال لائحة الأمل والوفاء في هذه الدائرة وكل الدوائر».
وشدّد السيد نصرالله «على أننا نريد أن نكون جميعاً في موقع الأمل والوفاء ونريد أن نستمرّ في هذا الموقع»، مؤكداً «أن لائحة الأمل والوفاء هي بالكامل لائحتنا ويجب أن نعمل لنجاحها بالكامل بما تحمل من معانٍ ودلالات»، ولفت إلى «أن أهمية المجلس النيابي في لبنان هو أنّه أمّ المؤسسات في الدولة وله صلاحيات واسعة جداً ومهمة جداً، وقد يكون من القليل من المجالس في العالم مَنْ يتمتع بهذه الصلاحيات، هو ينتخب الرئيس ويسمّي رئيس الحكومة ويمنح الثقة للحكومة ويقرّ الموازنة ويضع القوانين الناظمة لكل شؤون الحياة»، مشيراً الى أنه «المؤسسة الوحيدة التي تمتلك صلاحية تعديل الدستور من دون العودة إلى استفتاء شعبي، وبالتالي عندما ننتخب نوجد مجلساً نيابياً جديداً، ليقوم بكل هذه المهام ويمارس كل هذه الصلاحيات، ولذلك يجب أن ننتخب لأن عدم الانتخاب هو تخلٍّ عن المسؤولية وترك مصير البلد الأمني والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي، للمجهول، لذلك بكل وضوح يجب أن نشارك في الانتخابات والتخلّف هو تخلّف عن المسؤولية».
وسأل «مَن ننتخب؟ هذا سؤال لكل الناس وكل ناخب يجب أن يسأل نفسه مَن ينتخب ولماذا؟ بعض الناس تكفيهم العصبية العائلية، وآخرون يؤخذون بالعصيبة العشائرية أو الحزبية أو الدينية، لكن الأهم أن نجيب بطريقة مختلفة عن هذا السؤال. هذا المجلس هذه مسؤوليته، وهو لوضع القوانين ولرسم صورة البلد وهو يستطيع أن يحمي استقلال البلاد أو يخضعه لتبعية قاتلة ويستطيع أن ينقذ البلد أو يأخذه إلى الإفلاس»، داعياً كل فرد «الى العودة إلى تشخيصه للتحديات المقبلة في السنوات المقبلة قبل الانتخاب»، مؤكداً أن «في بعض اللوائح المنافسة هناك أصدقاء ولكن هناك أيضاً أعداء».
وقال «لا شك في أنه بالنسبة إلى أهل الجنوب بشكل خاص وأهل البقاع الغربي وراشيا، يبقى الملف الأول هو التهديدات الإسرائيلية والصراع مع هذا العدو، ونحن أمام عدو يمارس العدوان وعدو يطمع بأرضنا وخيراتنا، الجنوب خصوصاً واجه معاناة كبيرة مع هذا العدو على مدى سنوات طويلة، والأجيال الجديدة في لبنان يجب أن تعرف جيداً هذه الحقيقة».
وتوجّه إلى الحضور قائلاً «في 6 أيار تقع على عاتقكم مسؤولية وتجب ترجمتها بالانتخاب الصادق الواعد والوفي لمن يحمل المسؤولية ولمن يحفظ أماناتكم ويوم 6 أيار يوم الإمام الصدر ككل أيام القهر والظلم»، كاشفاً أنهم «سيفعلون كل شيء كي لا تذهب الناس إلى الصناديق في 6 أيار، الحضور عند صناديق الاقتراع يجب أن يكون للأمل والوفاء ولكل التحديات. وهذا الرد يجب أن يكون من عندكم، وفي مسألة الصوت التفضيلي قد يحتاج الأمر إلى صوت تفضيلي من قواعد حزب الله إلى مرشحين آخرين، نحن بالنسبة لنا ليس لدينا هاجس مَن يأخذ أعلى صوت تفضيلي في أي قضاء، نحن يجب أن يكون هدفنا هو نجاح جميع أعضاء اللائحة في هذه الدائرة ونعمل لهم كأنهم مرشحو حزب الله. وإذا لزم الأمر تحويل أصوات تفضيلية من حزب الله لهذا المرشح أو ذاك»، داعياً «إلى الالتزام بكل القرارات التي تأخذها الماكينات الانتخابية في كل الدوائر». وأشار إلى «أن في بعض الدوائر التي يشكّل فيها الحاصل أمراً مهماً، بعض الجهات بدأت تتصل ببعض العائلات من أجل أخذها إلى الزيارات على حسابها في 3 و5 أيار كي لا تكون موجودة في السادس من أيار، لأن شعب المقاومة لا يقبل أن يبيع صوته، وحتى الآن بحسب معلوماتنا تمّ الاتصال بمئات الأشخاص وفي ظل القانون الجديد، كل صوت مؤثر، أقول لأهلنا الذين يريدون الذهاب إلى الزيارة قولوا لهم الموعد في 7 أيار».
واعتبر من جهة أخرى، أنّه «في مواجهة أي ضرائب جديدة على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود قد نضطر إلى النزول إلى الشارع، لأن الوضع الاجتماعي والمعيشي لم يعُد يحتمل أي ضريبة جديدة، ونحن بحاجة إلى نواب يقفون بشكل جدي لوقف التدهور المالي. وبحاجة إلى نواب يلتزمون أمام الشعب بأن أي ضرائب جديدة على الفقراء في لبنان يجب أن يكون رفضها قاطعاً».
وشدّد على «أن في الملف المالي، دخلنا في مرحلة حساسة وأضمّ صوتي لأصوات المسؤولين الذين قالوا إن البلد ليس مفلساً، لكن بحال واصلنا السير، كما كنا من المؤكد أننا ذاهبون إلى الإفلاس. فالمتداول اليوم هو أن الدين العام هو 80 مليار دولار. وفي كل عام يزيد الدين، وبعد مؤتمر باريس لدينا 11 أو 12 مليار دولار على ما يُقال وبعد أعوام بسبب خدمة الدين سيصل الدين إلى 100 مليار دولار»، مؤكداً أن الوضع المالي استثنائي ويحتاج إلى تصرف جديد، وهذا يتطلّب أن يكون لدينا نواب وحكومة لا أحد يركِّب عليها ديوناً من أجل مشاكل شخصية ولا أحد يأكل رأس البلد كله على أساس أنه جاء بالإنقاذ وهو يأتي بالكارثة. وعندما تأتي القروض تحتاج إلى مناقشة جدية وحقيقية في مجلس الوزراء وفي المجلس النيابي في اللجان والهيئة العامة. وهنا يكون على الناس السؤال مَن ينتخبون».
وتطرّق السيد نصرالله إلى الشأن الفلسطيني موجّهاً التحية «إلى المرابطين عند حدود غزة، إلى ذلك الشعب الثائر والمظلوم والصامد والمرابط في غزة، الذي منذ أيام زحف بعشرات الآلاف بصدور عارية إلى حدود القطاع في مواجهة جيش الاحتلال، وقدّم عشرات الشهداء وآلاف الجرحى وعبر عن حضوره الشجاع والفدائي والاستشهادي والمضحّي». كما وجّه التحية إلى «كل الشهداء ولكل الجرحى والحاضرين والمرابطين والقيادات في فصائل المقاومة في غزة، التي اتخذت هذا القرار الشجاع والإبداعي في شكل من أشكال المقاومة ومواجهة الاحتلال، الذي يشكل هذا التحرك صفعة قوية لما يُسمّى في هذه الأيام، صفقة القرن».
وقال «وبمناسبة دخول الحرب العدوانية على اليمن عامها الرابع والصمود الأسطوري للشعب اليمني على مدى ثلاثة أعوام، في مواجهة الحرب المتواصلة والعدوان السعودي الأميركي الغاشم المتواصل، وبالرغم من المجازر اليومية والحصار والأمراض والتجويع، مازال هذا الشعب يدافع وبكل حضور في جبهات القتال وفي ميادين التظاهر، وما شاهدناه قبل أيام في صنعاء، من مظاهرة جماهيرية ضخمة تعبير عن هذه الإرادة الشعبية الصلبة».
وأضاف «اسمحوا لي أيضاً أمام هذه المقاومة التاريخية والأسطورية للشعب اليمني، أن نوجّه نحن أيضاً من مواقع المقاومة في لبنان كل التحايا، إلى اليمنيين الصامدين والصابرين والمظلومين، قائداً وشعباً وجيشاً ولجاناً شعبية».