فيّاض: الكلمة سلاح كالبندقية… نمتشقه ونخوض به معارك الوجود والهويّة والانتماء بعجور: بشائر النصر قد لاحت وسنبقى شعباً واحداً موحّداً في الحياة والمصير رياشي: هبّت سناء ابنة الجنوب المقاوم ومضت رافضةً خريف هذا الزمن المرّ
لمناسبة الذكرى السنوية الثالثة والثلاثين للاستشهادية سناء محيدلي، أقامت منفذية صيدا الزهراني ومؤسّسة رعاية أسَر الشهداء، احتفالاً تخلّله افتتاح مكتبة بِاسم الشهيدة سناء في ثانوية عنقون، بحضور عميد الثقافة والفنون الجميلة الدكتور زهير فيّاض، العميد منفذ عام صيدا ـ الزهراني ـ جزين الدكتور خليل بعجور وأعضاء هيئة المنفذية، عقيلة رئيس الحزب نهى الناشف، رئيسة مؤسّسة رعاية أسَر الشهداء والجرحى وذوي الاحتياجات الخاصة نهلا رياشي، رئيس بلدية عنقون الدكتور حسين فرحات، مديرة ثانوية عنقون رباب قدوح، وفد من حركة أمل، وعدد من أعضاء المجلس القومي، ومسؤولي الوحدات الحزبية، وجمع من القوميين والطلبة.
استُهلّ الاحتفال بدقيقة صمت إجلالاً لأرواح الشهداء، ثمّ ألقت فاطمة سليم كلمة رحّبت فيها بالحضور، وتحدّثت عن العملية الاستشهادية التي نفّذتها الشهيدة سناء محيدلي.
قدوح
وألقت مديرة ثانوية عنقون رباب قدوح كلمة جاء فيها: نيسان هو الربيع الذي تفتّحت من براعمه سناء عروس الجنوب، فكانت نقطة تحوّل في قاموس المناضلات. زرعت دماءها فأرعبت طواغيت عهر الجبناء الذين ظنّوا أنّ هذه الأرض ستكون مسرحاً لهم.
وتابعت: أزاحت سناء تلك الغمامة بيدها السخية لتخبر الأعداء أنّ هذه الأرض يسكنها أبطال لا يعرفون الهزيمة، أحبّوا أرضهم فعشقوها، وأيقنوا أنّ لكلّ نصر طريقاً. مشت سناء فرسمت حكايتها كما أرادت، فتاة لا تتجاوز 17 ربيعاً طوت أحلامها وغلّفتها في صحف المناضلين في بطون التاريخ.
وقالت: تركت سناء الشهيدة بصماتها التي نطقت فرسمت للأجيال إرثاً عنوانه أنّ الكرامة لا يملكها إلّا من وقف في وجه محتلّ غاشم. وأنّ حاجة الأرض للإنسان لا تنفكّ عن حاجة الإنسان للأرض، والتفريط فيها هو بمثابة التفريط في الحياة، فلا حياة من دون وطن ولا وطن من دون حياة كريمة. فهنيئاً لأمة أنجبت مقاومين شرفاء أمثال سناء محيدلي وأحمد قصير وهادي نصر الله، والسيد عباس الموسوي…
وأخيراً، سناء يا أنشودة الحياة، يا زهرة نيسان التي التأمت ورودها مع أزهاره فأثمرت لنا هذه السنة مكتبة تدرّس الفكر والإبداع وذلك بمجهود سيدة عظيمة تعمل بصمت ومن دون كلل أو ملل، وأعني بها السيدة نهلا رياشي رئيسة مؤسسة رعاية أسر الشهداء ـ التي حرصت، لا بل أصرّت على تأسيس مكتبة تحمل اسمك يا سناء، لكنها تحمل في طيّاتها كتباً رائعة تتضمّن الفكر المقاوم بجميع أطيافه.
رياشي
ثم ألقت رئيسة مؤسّسة رعاية أسَر الشهداء والجرحى وذوي الاحتياجات الخاصة نهلا ناصيف رياشي كلمة استهلّتها بالقول: اليوم نحن على موعد، مع ذكرى الشهيدة سناء محيدلي. مع عروس البطولة والجنوب… هذه البطلة التي لم تؤجّل صلاتها أبداً، ورفضت أن يبقى الوطن حلماً هارباً يتقاسمه الأعداء قبل طلوع الضوء، ويعيش أبناؤه تحت سياط الاحتلال اليهودي، مع ما يعانونه من قهر وقمعٍ وإذلال وتعذيبٍ على بوابة العار آنذاك عند معبر باتر. وكما يولد الإيمان وعداً راسخاً يعيد تقطيب جراحات الوطن، هبّت سناء هذه القوميّة الاجتماعيّة، ابنة الجنوب المقاوم والأبيّ، مضت رافضةً خريف هذا الزمن المرّ، حين سكت كثيرون، وعبرت بجراحنا بلا اكتراث، فاتحةً زمن الملاحم والأساطير، وفي قلبها آلآف الأناشيد لسورية البطولة، وبثقة الأبطال، الذين يرون في الموت طريقاً إلى الحياة، قادت سيارتها المحمّلة بـ200 كيلوغرام من المواد المتفجّرة، وقلبها يهتف ببطولةٍ مؤيّدةٍ بصحة العقيدة. وما أن شاهدت رتل سيارات اليهود العسكريّة، حتى دخلت بينها وقامت بتفجير السيارة التي كانت تقودها، ما أدّى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف جنود الاحتلال.
هذه هي سناء، الشهيدة التي سيظلّ الوطن ناطقاً في عينيها… مضاءً بالبطولات التي تعلّم أبجدية النصر.
هذه هي سناء التي يتكاثر دمها كما السنابل في بهجة الصيف.
هذه هي البطلة التي جعلت وطنها نوراً في عينيها… ونشيداً على شفتيها، وشعلةً في ضميرها ووجدانها.
آه يا رفيقتي كم يسكن فينا الفخر والاعتزاز بك يا سناء! بهذا الإيمان نحن ما نحن، وسنبقى بهذا الهتاف، وسيبقى هتافنا يدوي أبداً تحيا سورية.
بعجور
وألقى العميد الدكتور خليل بعجور كلمة بِاسم منفذية صيدا ـ الزهراني ـ جزّين جاء فيها: الربيع في بلادنا أجمل فصول السنة وأحبّها إلى عيوننا وقلوبنا. هو شهر انبعاث الحياة في الطبيعة، فيه ينبت الزرع وتورق الأشجار وتزهر إيذاناً بانعقاد الثمر، وتزدان الحقول بثوب قشيب من الورود والأزهار والاخضرار، فتتحوّل الطبيعة إلى عرس تحلو فيها لقاءات الأحبّة فرحاً وتجدّد حياة، فكيف إذا كان لقاء الربيع مع الطلبة الذين ينبضون شباباً وحياة في عرس سناء محيدلي، التي اختارت الموت طريقاً لحياتنا، وغرست جسدها بذاراً في تراب الجنوب وسقته من دمها، لينبت نصراً ويزدان الوطن بأعراس المقاومة والتحرير.
وأضاف: لأجلك يا سورية هذا القليل قالت سناء، ولأجلك يا سناء، ولأجل القضية التي آمنتِ بها، والمدرسة السورية القومية الاجتماعية التي تخرّجتِ منها، هذا الوفاء وهذا القليل، مكتبة متواضعة بِاسم الشهيدة سناء محيدلي لتتكامل المقاومة المسلّحة مع المقاومة الثقافية في حرب الوجود مع العدوّ الصهيوني الغاصب الذي يستهدف تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، والذي لن يكون لنا انتصار عليه ما لم نستمرّ في مقاومته على مختلف الصعد العسكرية والسياسية والإعلامية والاقتصدادية والثقافية والعلمية، على امتداد ساحتنا القومية من فلسطين إلى لبنان إلى الشام والعراق وكلّ مكان يتواجد فيه صهاينة، يهوداً ومتصهينين متهوّدين باعوا الأمة والوطن بفضّة من اليهود.
وتابع: لقد تعلّمت سناء محيدلي في الحزب السوري القومي الاجتماعي، وآمنت بأنّ حربنا مع العدوّ الصهيونيّ هي حرب وجود بكلّ ما للكلمة من معنى، وأنّ هذا العدوّ لا يفهم إلّا لغة القوّة. فقدّمت حياتها قرباناً على مذبح الوطن، وكان لها ولكلّ المقاومين الأبطال باختلاف انتماءاتهم الفكرية والعقدية، ولشعبنا الأبيّ البطل الذي قدّم أغلى التضحيات وما زال، الفضل في تحرير لبنان ودحر العدوّ «الإسرائيليّ» عن معظم أراضي لبنان.
وقال: أيها الطلبة، أنتم مستقبل الأمّة، وعليكم تُعقد الآمال. فإذا ربحنا معركتكم ربحنا معركة المصير القومي. تسلّحوا بالمعرفة، اجتهدوا في تحصيل علومكم فحربنا مع هذا العدوّ حرب وجود بكلّ ما تعني الكلمة من معنى، وقد دخلت هذه الحرب أخطر مراحلها من خلال الحرب الكونية التي تشنّها «إسرائيل» وحلفاؤها الأميركيون والغربيون والعرب المتصهينون على سورية والمنطقة، بغية تدمير بلادنا وتفتيتها إلى دويلات طائفية وعرقية ضعيفة لا حول لها ولا قوّة، فتتمكن من السيطرة عليها وسرقة مقدراتها وتأجيج عوامل الصراع والحروب في ما بينها والعمل على إلغاء هويتنا القومية، وتدمير تراثنا الحضاري الواحد وكلّ ما يعزّز روابط الوحدة.
لكلّ الأغبياء الصهاينة نقول إنّ بشائر النصر قد لاحت، وسنبقى شعباً واحداً موحّداً في الحياة والمصير، وأنّ اعتمادكم على المرتزقة الإرهابيين في تدمير آثارنا وإرثنا الحضاري في الشام وفي العراق، لن ينجح في النيل من عَظمة شعبنا وتاريخه الإنساني الضارب في أعماق التاريخ، ولن يتمكّن من إلغاء ذاكرتنا، والمساواة بين تاريخنا وأكاذيبكم التاريخية عن حضارة مزعومة لا وجود لها في أرضنا المقدّسة.
وأضاف بعجور: بفضل مقاومتنا الرائدة وجيشنا الوطنيّ وشعبنا الأبيّ البطل الذين قدّموا أغلى التضحيات وما زالوا، انتصرنا في لبنان وحرّرنا معظم أراضيه وقهرنا في حرب تموز أسطورة الجيش الذي لا يُقهر. وبفضلّ الجيش السوريّ البطل وحلفائه المقاومين ودعم الأصدقاء سنتمكّن غداً من تحقيق النصر في الشام وهزيمة المرتزقة الغربيين وعملائهم. وبفضل المقاومة الفلسطينية البطلة وتضحيات شعبنا الفلسطيني وصموده التي عزّ نظيرها في التاريخ، سننتصر بعد غد في فلسطين، ونزيل «إسرائيل» من الوجود ونقذف بعرب الردّة والخيانة إلى مزابل التاريخ.
وختم: أليسار منّا وهنيبعل وزنوبيا وحمورابي وابن خلدون وجبران خليل جبران، ومنّا بشار حافظ الأسد والإمام موسى الصدر، والسيد حسن نصر الله، وسناء محيدلي وعهد التميمي، وسعاده قائدنا وزعيمنا وقدوتنا، فحاضرنا امتداد لتاريخنا، وصراعنا مع هذا العدوّ سيستمرّ طالما بقي شبر واحد من أرضنا تحت الاحتلال، فكلّ ذرّة تراب من أرضنا مقدّسة لأجلها كلّنا مقاومة… كلّنا سناء.
فيّاض
وألقى عميد الثقافة والفنون الجميلة الدكتور زهير فيّاض كلمة قال فيها: نلتقي اليوم في عنقون، في هذه الذكرى المجيدة، ذكرى استشهاد الشهيدة البطلة سناء محيدلي، لنؤكّد أنّ النهج المقاوم الذي خطّته سناء محيدلي بدمها، وأنّ النهج الذي أرساه شهداء المقاومة بكلّ أطيافها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، شهداء الحزب السوري القومي الاجتماعي، شهداء حزب الله وحركة أمل والشيوعيين والناصريين والبعثيين، هو النهج الذي يعوّل عليه في الدفاع عن الأمّة، والحفاظ على كرامتها ووجودها. هو النهج الوحيد الذي به نواجه الأخطار المحدقة من كلّ صوب.
وأضاف: نلتقي اليوم في عنقون، في حضرة الشهادة، لنؤكّد أنه بموازاة الخندق في الميدان، خندق المواجهة في فلسطين ولبنان والشام والعراق، بموازاة هذا الخندق، خندق من نوع آخر هو خندق الفكر والثقافة والمسرح والفنون، خندق المواجهة الثقافية، وهناك سلاح آخر إضافة إلى البندقية نمتشقه هو سلاح الكلمة والكتاب والقلم، نخوض به معارك الوجود والهوية والانتماء، نحصّن به مجتمعنا، لنبني الإنسان الجديد بقيم الحقّ والخير والجمال التي يحملها على معارج النضال من أجل الحرّية والنهضة.
وختم: يهمّنا في هذه المناسبة أن نوجّه تحية إلى كلّ من ساهم في تأسيس هذه المكتبة، تحية إلى بلدية عنقون، إلى إدارة ثانوية عنقون الرسمية، إلى منفذية صيدا ـ الزهراني ـ جزّين، إلى الرفقاء في مديرية عنقون، إلى مؤسّسة رعاية أسَر الشهداء ورئيستها الأمينة نهلا رياشي، وإلى جميع الرفقاء والمواطنين الكرام.
قصيدة شعرية
وتخلّل الاحتفال إلقاء تيريز السبعلي قصيدة شعرية من وحي المناسبة، وجاء فيها:
يا غاصب فلسطينا إسمع
عنّا العقيدة بتكسر المدفع
عنّا العقيدة بتكسر الطغيان
مهما بطش بأرضنا وفظّع
عنّا المقاوم بشرعة الأديان
لولا ركع صنين ما بيركع
استشهد سمير وبالسجن لما كان
بمحاكمتو الظلم شو تمقطع
ولمّا عليه تسكّر القضبان
بعنفوانو حديدها قطّع
كلّو بفضلك إنت يا رضوان
ما أروع التحرير ما أروع
وخالد يا نسر الحزب يا علوان
أوّل يهودي سلاحك لوقّع
وصار اليهودي من الحزب فزعان
وبيروت فيكن راسها ترفع
وعِطْيِتْ سناء العزّ للنسوان
الحاجز بباتر قبل ما تقطع
لغّمت جسدها وفجّرت بركان
خلّت بني صهيون يتزعزع
وسال دمّا زوبعة طوفان
شو ما طلع بوجها تقبّع
قلبو بإيدو وبيلغم الإنسان
كلما عا غزّة نهار يا يطلع
حتى الشهيد اللي صار بالأكفان
نادى العروبة وقال تا نسمع
كلما اليهودي فات عَ لبنان
وكلما ندهنا السيد بتمّوز
منشقّ قلب النعش ومنطلع!