عشق الصباح
عشق الصباح
قالت: أوجعت رأسي بحديثك عن العابرين في حياتك والذين تركوك على رصيف الحياة وحيداً، ومللت كلماتك التي تكتبها في كلّ مناسبة، أنّ «قلّة الوفاء صارت ثقافة عامة». و«أنّ الأضواء المصطنعة لا تسطع في كلّ مكان ولا في كلّ زمان، ولا تستطيع الاستمرار مدى الحياة، كما هي حال ضوء القمر ونور الشمس».
وعندما لم أردّ على سؤالها، راحت تقرأ ما أكتبه على الورق.
«هل أغلقت ذاكرتك ونسيتني، وصار لا يعنيك حزني، ولا لهفتي عليك. يا امرأة كزهر الجلنار أوّل النهار، تباً لهذه المسافات بيننا، تباً للمواعيد المؤجلة وأنا في آخر المحطات على انتظار؟
نظرت إلى لوحة معلّقة على الجدار وهمست بغنج: «أترى حقول القمح على اتّساع النظر؟ تهيّأ، جاء زمن البيادر. أنت مشدود للأرض كثيراً وذاكرتك مسكونة بالحكايات. ألم تتنبه، ثمة ريح قادمة».
ومن دون أن أرفع نظري إليها قلت: «لا تهتمي لجنون الريح، السنديان عصيّ على الريح من أيّ الجهات جاءت».
تركتني لنديم ليالي الغربة بينما كانت المدينة تغفو على كتف البحر، وكان المطر يغسل وجه الليل ووجهي والنجوم لامعات ببريق أخاذ، والأرصفة شبه خالية إلا من بعض الحيارى ومنّي.
أيتها البهية، طيفك يجعل وحشة الليل طمأنينة ويمنح المكان الدفء، كأنك الحلم الذي راودني عن صمتي، العشق محبرتي.
رحت أقطع المسافة بين المكتبة والطاولة، كي أثبت لنفسي أني لست غافلاً أو نائماً، أو كل ما أنا فيه مجرّد أحلام يقظة. لا ليست أحلام يقظة، كنتِ أنت!
حسن ابراهيم الناصر