دوري أبطال أوروبا في كرة القدم
انتهت الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا مساء أول من أمس، فأثبتت فِرقٌ جاهزيتها للصراع من أجل اللقب، وفِرق أكّدت أنها تعيش أزمات، وما بينهما دروس علينا، نحن المتابعين الرياضيين، تلقّفها، كونها تستحق أن تؤخذ على محمل الجدّ.
وقريباً من العاطفة، وقريباً من العصبية لفريق دون آخر، أو لكرة دون أخرى، يمكننا القول إنّ الكرة الألمانية أثبتت أنّها رقم صعب في عالم المستديرة.
فليس بعيداً عن الفوز المستحق بكأس العالم منذ أشهر، ها هي الأندية الألمانية تعطي دروساً في الفوز والقسوة.
وفي قراءة سريعة لمحصّلة ذهاب دور المجموعات، نجد أنّ ثلاث مجموعات من أصل 8، تتصدّرها فرق ألمانية: بايرن ميونخ أوّل مجموعته بثلاثة انتصارات من ثلاث مباريات، ومعه تسع نقاط وفي رصيده تسعة أهداف.
بايرن ليفركوزن أوّل مجموعته بانتصارين من ثلاث مباريات وستّ نقاط وخمسة أهداف
بوروسيا دورتموند، أوّل مجموعته بثلاثة انتصارات من ثلاث مباريات ومعه تسع نقاط وتسعة أهداف.
شالكه ثاني مجموعته بانتصار وتعادلين من ثلاث مباريات ومعه خمس نقاط وستة أهداف.
مجموع نتائج الفرق الالمانية 12 مباراة، تسعة انتصارات، وتعادلان وخسارة، والفريقان الأفضل لم يفرّطا بنقطة، بايرن ودورتموند، ومجموع الأهداف 29 هدفاً.
هذا ما يقدّمه الدوري الألماني لأوروبا، وهذا ما اكشتفته القنوات الفضائية الرياضية العربية مؤخّراً بعد سنوات عدّة من تركيزها على فريقين: ريال مدريد وبرشلونة، وعلى دوريّ ساخر جدّاً وهزيل كالدوري الإيطالي.
ليفربول فاقد الذاكرة وآرسنال يتذكر
لا يمكن تفسير ما يحدث مع ليفربول إلا بأنه فقدان ذاكرة، وتحميل ماريو بالوتيلي المسؤولية وحده ظلم لا يمكن قبوله. فالفريق كله يبدو بشكل مختلف عمّا كان عليه الموسم الماضي فنياً وذهنياً ومعنوياً، وكأنه فقد الذاكرة فجأة من دون سبب.
الفريق الإنكليزي الآخر آرسنال يبدو أن مشكلته مختلفة، فآرسن فينغر يوصَفُ حالياً بعدم المحدّث في فكره الكروي، فما زال يلعب بذاكرته لا بحسب واقعه، وهذا يجعل «المدفعجية» يعانون أمام فرق أقل منهم جودة بكثير. ويجعل الفريق كلما اشترى لاعبين أفضل، يُحرقون في ذاكرة المدرّب الفرنسي.
المستحيل ليس بلغارياً
فريق لودوغوريتس البلغاري يعاني عربياً من عدم قدرة الناس على نطق اسمه حتى الآن، وعلى رغم ذلك فإن الوافد الجديد إلى دوري الأبطال يمثل درساً مهماً عنوانه «المستحيل ليس بلغارياً»، فانتصر على بازل السويسري بهدف نظيف في الدقيقة 90، وهو الذي تأهل إلى البطولة بالطريقة الانتحارية والفدائية نفسها. هذا الفريق وإن لم يتأهل في النهاية، فإنه سيخلد في ذاكرة المتابعين لسنوات.
مانشستر سيتي ودورتموند والانفصام
مانشستر سيتي مرعب للجميع في بطولة الدوري الإنكليزي، وفي أوروبا لا يستطيع التعامل مع مهام سهلة حتى عندما يتقدم بهدفين نظيفين على سيسكا موسكو ومن دون جمهوره. أما بروسيا دورتموند فيملك في دوري أبطال أوروبا 9 نقاط ويملك سبعاً فقط في بطولة الدوري الألماني، وهذا كله يمكن تلخيصه بالقول «الفريقان مصابان بانفصام الشخصية».
دور ترتيب المباريات في حسم المتأهلين
في بعض المجموعات سيلعب ترتيب المباريات دوراً مهماً في حسم المتأهلين، مثلاً بايرن ميونخ لو كرّر فوزه على روما سيجمد رصيد فريق العاصمة الإيطالية عند أربع نقاط، ومع فوز المان سيتي ـ المفترض ـ على سيسكا موسكو في ستاد الاتحاد، سيكون لديه خمس نقاط، وبعدئذٍ يحلّ بايرن ميونخ ضيفاً عليهم وهو ضامن الصدارة والتأهل، فلماذا سيلعب الألمان بقوّة؟. ولو فاز السيتي على فريق بيب غوارديولا سيكفيه التعادل مع روما في لقاء العودة للتأهل.
ويمكن إيجاد السيناريو نفسه في مجموعات أخرى عند البحث والتدقيق، وهذا أمر ليس له حل في النظام الراهن للبطولة، لأن هناك من سيلعب دوماً ويتصدر ويتأهل، وقد يتراخى فيستفيد فريق من التوقيت لهذه المواجهة.
بايرن ميونخ أكثر قسوة
يبدو بايرن ميونخ هذا الموسم أكثر قسوة وخطورة من الموسم الماضي، والفضل في ذلك يعود إلى الشكل التكتيكي المرن الجديد المدعّم بصفقات عالية الجودة مثل مهدي بن عطية وتشافي آلونسو، هذه الصفقات التي أعطت غوارديولا حلولاً لمعظم مشاكله التي واجهها في موسمه الأول.
بايرن ميونخ القاسي بدأ مسيرته مع بيب رسمياً بمواجهة تشلسي في كأس السوبر الأوروبية، والبلوز هذا الموسم يظهرون أنهم جاهزون لتحقيق الإنجازات، فهم يتعاملون مع كل المواقف بذكاء مدربهم جوزيه مورينيو وجودة أفرادهم، ولا يظهر حتى الآن أن هناك شيء يمكن إيقافهم محلياً، وترشيحهم للعب دور كبير أوروبياً منطقي للغاية وهم الذين لعبوا نصف النهائي الموسم الماضي بفريق أضعف من الحالي بكثير. فهل يتكرّر كلاسيكو المدرّبين بين جوزيه مورينيو وبيب غوارديولا في دوري أبطال أوروبا، وعلى مستوى عالٍ مثل نصف النهائي أو النهائي؟
يوفنتوس… إشاعة روّجوا لها
عندما رحل أنتونيو كونتي وتمّ التعاقد مع ماسيمليانو آليغري، تحدّث كثيرون من المدافعين عن مدرّب ميلان السابق بأنه أفضل أوروبياً، بحجّة أنه قاوم برشلونة كلما واجههم على السانسيرو قبل أن يخسر بنتائج عريضة في الكامب نو، واستُخدم خروج يوفنتوس الموسم الماضي من الدور الأول بسبب الثلوج أمام غلطة سراي كحجّة لتدعيم رأيهم.
وبداية يوفنتوس هذا الموسم في أوروبا لا تبدو أفضل مما كان عليه الحالي، وليس ظلماً إن قيل ـ الحال أسوأ ـ فاليوفي لعب مع آتلتيكو مدريد بسلبية مطلقة، وعجز عن خلق فرص بفكر جماعي أمام أولمبياكوس، والانتقادات بدأت تظهر مبكراً. مع التذكير أن كونتي في موسمه الأوروبي الأول لم يكن سيئاً ووصل دور الثمانية حتى خرج أمام من هزم الجميع آنذاك بايرن ميونخ.
في ألمانيا… يملكون مدرّبين
ما يفعله روجر شميدت مع باير ليفركوزن مهم للغاية حتى الآن، مدرّب رد بول سالزبروغ السابق قادهم إلى الفوز يوم أول من أمس على زينيت بطرسبورغ بهدفين نظيفين، ما حسّن من موقفهم في الصدارة لحسابات التأهل عن المجموعة التي تضمّ موناكو وبنفيكا أيضاً.
ليفركوزن بدأ هذا الموسم محلياً بقوة قبل التراجع قليلاً، إلا أن المؤشرات الفنية تبشّر بتحسّنه في الأسابيع المقبلة، وهو الذي لا يبعد عن المركز الثاني إلا بثلاث نقاط.
شالكه هو الآخر جلب روبرتو دي ماتيو الذي أعطاهم انتصارين الأول في الدوري والثاني في دوري أبطال أوروبا خلال مباراة ماراثونية ضد سبورتنغ لشبونة. ومثل ثورة المدرّبين هذه تبدو نتيجة لتحسن الألمان تجارياً ورياضياً، وهم القادرون في نهاية الموسم على إزاحة الإنكليز من المركز الثاني في تصنيف أوروبا الرسمي للبطولات كما هدّدهم من قبل كارل هاينز رومينيغه.
خلفَ رونالدو
سجّل كريستيانو رونالدو هدفه السبعين يوم أول من أمس في شباك ليفربول بعد تمريرة جميلة من خيميس رودريغيز. وعلى رغم أن تمريرة الكولومبي جميلة وخادعة، فإن تحرّك كريستيانو وختامه الهجمة بطريقة مفاجئة مذهلة تمثل المساهمة الأكبر بهذا الهدف.
كل من لعب إلى جانب رونالدو أثناء وجوده في ريال مدريد كانت أرقامه في صناعة الأهداف ممتازة، وهو ما يجب أن يتم الانتباه له في المستقبل لدى شراء لاعب يقف خلف رونالدو. فأرقامه مشكوك فيها.
إبراهيمي يترك بصمة
صنع ياسين إبراهيمي هدف الفوز لبورتو أثناء مواجهة أتلتيكو بلباو، كما أنه رابع أفضل مراوغ في دوري أبطال أوروبا ولاعب متحرّك بشكل إيجابي مع بورتو في كل لقاء يخوضه، فهو يترك بصمته وإن لم يسجل.
وبعد أن صنع ريكاردو كواريزما هدف الفوز لمنتخب بلاده أمام الدنمارك، كان بطل اللحظات الأخيرة ضدّ بلباو بتسجيله هدفاً قاتلاً، وهذا يوضح أن اللاعب الذي اعتقدنا أنه انتهى، ما زال يحاول ليعود. فهو يحبّ بورتو الذي لا يعرف أن يعيش بعيداً عنه.
روماريو وستويشكوف يعودان!
ثنائية ليونيل ميسّي ونيمار مذهلة جداً، فبعيداً عن التسجيل والصناعة في ما بينهما، فإن التحرّك المتجانس وتناوب فواصل المهارات لافتان للغاية، وإن كان هناك نتيجة عمل واضحة للويس إنريكي حتى الآن، فهي هذا التفاهم الثنائي الذي وصفحته صحيفة «ماركا» الإسبانية بالسلاح الكتالوني المدمّر.
هذا الثنائي يذكّرنا بروماريو وستويشكوف، إذ سطّرا تحت قيادة يوهان كرويف أياماً جميلة مرعبة هجومياً، فهل يستمر هذا الثنائي الجديد ويحقق نتائج أفضل من سابقه؟