«النهضة» تخترق منظومة الانتخابات التونسية
في ظل السباق السياسي المحموم لتحقيق أعلى المكاسب في الانتخابات التونسية المرتقبة، التي تنطلق في جزئها التشريعي الأحد المقبل، تواجه حركة النهضة الإسلامية علامات استفهام واتهامات باختراق منظومة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والسعي لتزوير نتائج الاستحقاق.
وهاجم الناطق باسم الجبهة الشعبية المرشح للانتخابات الرئاسية، حمة الهمامي، زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، قائلاً إنه «يعمل على المناورة السياسية، ويستعمل خطاباً مزدوجاً، ومثلثاً ومربعاً وحتى مسدساً»، معتبراً أن «الغنوشي لن يكون أبداً مدنياً، وخطابه سيظل من أجل كسب الأصوات فقط».
يأتي ذلك إثر تواتر الاتهامات لحركة النهضة باختراق منظومة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، تمهيداً لتزوير النتائج، فيما أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار، أن الهيئة تتعرض لعملية ابتزاز سياسي من قبل بعض الأطراف السياسية، وذلك من خلال سعي بعض الأطراف لفرض مواقفه عبر محاولة التشكيك في الهيئة.
اختراقات متعددة
وكشفت جريدة «آخر خبر»، المتخصصة في التحقيقات الاستقصائية، بالوثائق والصور، عن مظاهر متعددة وخطيرة لاختراق الهيئات الانتخابية في الداخل والخارج، من قبل حركة النهضة بصفة خاصة، على غرار الهيئة الفرعية للانتخابات في ألمانيا، ودائرة فرنسا والمغرب، وهو ما يفسر العدد الهائل للطعون المقدمة.
وأكدت الصحيفة أن هناك رغبة واضحة في «استنساخ» نتائج انتخابات 23 تشرين الأول 2011، في وقت تبدو فيه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وكأنها تلعب دوراً مريباً، خصوصاً أن ظروف إنشائها رافقها الكثير من الصخب والتجاذبات، ما جعلها تولد وكأنها نتيجة محاصصات حزبية، وبالتالي، فالأحزاب المهيمنة التي أفرزتها انتخابات المجلس التأسيسي تسعى من خلال وصايتها على الهيئة إلى إعادة إنتاج نتائج الانتخابات السابقة.
منافسة قوية
وتتقدم ثلاث قوى سياسية في تونس، على الأقل، المراكز الأولى في استطلاعات الرأي بالنسبة للانتخابات التشريعية التي ستجري الأحد المقبل، لكن تتطلع أحزاب أخرى أيضاً إلى إثبات حقيقة مغايرة في صناديق الاقتراع.
وستشارك في الانتخابات التشريعية، التي ستمهد لتأسيس برلمان جديد لمدة خمس سنوات، بعد فترة انتقالية أعقبت ثورة شعبية أطاحت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 2011، أكثر من 1300 قائمة انتخابية لأحزاب ومستقلين.
وتعد حركة النهضة الإسلامية القوة السياسية الأكبر في البلاد، قياساً إلى فوزها الكاسح في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 2011.
ويتطلع الحزب الذي يحتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي بالنسبة لنوايا التصويت في التشريعية، إلى تكرار فوزه، والحصول على الأغلبية في مجلس النواب الجديد، على الرغم من تجربة متعثرة في الحكم بين 2011 و2013. ولم يتقدم الحزب بمرشح إلى الانتخابات الرئاسية، لكنه أعلن أنه سيدعم المرشح الأكثر توافقاً من خارج الحزب.
وتأسس حزب نداء تونس في حزيران من العام 2012، برئاسة رئيس الوزراء السابق الباجي قايد السبسي، مرشحه إلى الانتخابات الرئاسية، وجاء كردة فعل ضد هيمنة حزب واحد على الحياة السياسية، وسيطرة الاتجاه الإسلامي على السلطة، في مقابل تشتت القوى الليبرالية والعلمانية.
ونجح الحزب في استقطاب العديد من الشخصيات السياسية من ذوي الاتجاهات المختلفة، من ليبراليين ويساريين ونقابيين ومستقلين، وأحدث خلال أشهر قليلة توازناً سياسياً في البلاد مع حركة النهضة الإسلامية، وهو يحتل منذ عدة أشهر المركز الأول في استطلاعات الرأي. وستكون الانتخابات التشريعية بمثابة الاختبار الأول للوقوف على حجم نداء تونس وتأثيره في الشارع.
وتعتبر الجبهة الشعبية القوة السياسية الثالثة في البلاد بحسب استطلاعات الرأي، وهي تضم ائتلافاً انتخابياً يتشكل من 12 حزباً ذات اتجاهات يسارية وقومية عربية.
وتأسست الجبهة في تشرين الأول 2012، بهدف تجميع القوى اليسارية المشتتة ضد هيمنة التيار الإسلامي، عقب انتخابات 2011 التي شكلت انتكاسة كبرى لليساريين.