هيئة الإشراف: لا رقابة لنا على السياسيين المرشحين
خرج رئيس هيئة الإشراف على الانتخابات القاضي نديم عبد الملك أمس عن صمته، معلناً أن الهيئة تفتقر إلى الصلاحيات اللازمة لممارسة مهامها، وألا رقابة لها على السياسيين المرشحين، داعياً إلى استقلاليتها التامة. وأكد عبد الملك أيضاً أن الهيئة ترصد المخالفات كلها وستفصلها في تقرير نهائي تضعه بعد الاستحقاق.
عقدت الهيئة لقاء مع الإعلام، في فندق «كراون بلازا»، بحضور نقيبي الصحافة عوني الكعكي والمحررين الياس عون، ورئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ ومندوبين عن وسائل الإعلام اللبنانية المرئية والمسموعة والمكتوبة. وتحدّث عبد الملك، فقال: قانون الانتخابات يضع على وسائل الإعلام موجبات ومسؤوليات ويضع على الهيئة صلاحية للمراقبة والإشراف، مشدّداً على أن علينا التعاون من أجل الوصول الى يوم الاقتراع بشكل سليم.
وشكر النقيب الكعكي الهيئة على المعاملة الراقية التي تمّت مع الاعلاميين الذين طلبوا بطاقاتهم لمواكبة العملية الانتخابية يوم الاقتراع، وطلب توضيحاً عن استقالة عضو الهيئة سيلفانا اللقيس، فردّ عبد الملك بالقول: «لا شك في أن الأسباب التي ذكرتها في كتاب استقالتها هي ما عانته هذه الهيئة خلال تأسيسها، لكننا تجاوزنا ذلك واستطعنا ان نتغلب على العراقيل والصعاب. وهذا لم ولن يدفعنا في يوم من الأيام الى الاستقالة، لان إجراء الانتخاب فيه مصلحة عامة وللدولة العليا. وما قامت به سيلفانا اللقيس ربما يأتي لتسجيل موقف. وهذا هو موقف الهيئة من الاستقالة وهذه الاستقالة متعلّقة بصاحبها».
وأكد عبد الملك «ان موازنة الهيئة أقرت أخيراً، بما يمثل الرواتب والتعويضات»، لافتاً إلى بعض العراقيل البسيطة التي نعالجها. ولم يعد هناك أي عراقيل جدية تعترض سير عمل الهيئة».
وعن الإنفاق الانتخابي وما تتعرّض له الهيئة من صعوبات، أعلن عبد الملك «أن اللجنة ستتعاقد مع مدققين لمتابعة الإنفاق الانتخابي والتدقيق في بيانات الحسابات الشهرية للمرشحين، لكشف إن كان المرشح قد تجاوز السقف الانتخابي.
ورداً على سؤال عن تخطي بعض المرشحين سقف الإنفاق المالي، أجاب عبد الملك أن «لكي نتمكن من البت في هذه النقطة، لا بدّ أن نتفحص البيانات الحسابية الشهرية. وبعد يوم الاقتراع، يجب أن تتقدم كل لائحة ببيان حسابي شامل. ونحن عاكفون على ذلك وسنتعاقد مع مدققي حسابات لجلاء هذه النقطة».
ولفت عبد الملك إلى أن لا شيء في الدستور أو القانون يمنع الوزراء من الترشّح، حتى تعدل النصوص لكل حادث حديث. أما الهيئة فعيونها شاخصة وآذانها سامعة لكل ما يجري على الأرض، سواء من الوزراء المرشحين أو من غيرهم وهي توثق ذلك في إضبارات كل منهم حتى إذا ما طلبها المجلس الدستوري يوماً، تكون جاهزة، وفي ما يتعلق بالوزراء المرشحين، فإذا كانوا يقومون بدعاية انتخابية أو مآدب انتخابية، فكلها تحسب في الإنفاق الانتخابي لكل منهم».
وقال: «الرشوة جرم جزائي. ومن صلاحيات النيابة العامة أن تتحرّك إذا تقدّم إليها أحد بشكوى في هذا الشأن. أما نحن، فمعنيون أيضاً في هذا الأمر. فإذا تقدّم أحد بشكوى نحيلها إلى المرجع المختص. وقد أحلنا شكاوى عدة في هذا الخصوص إلى المراجع المختصة».
وأضاف: «هذا القانون أعطى الهيئة مراقبة الإعلام والإنفاق والإعلان، ما يعني أن من صلاحياتها أن توجه وسائل الاعلام بتوصية ملزمة. وإذا خالف هؤلاء، أعطاها القانون حق توجيه تنبيه إلى الوسيلة المخالفة وقد بدأنا في ذلك »، مشيراً إلى أن «ليس من وصي على الهيئة إلا القانون، وهي دائمة تمارس مهمتها بصورة مستقلة بالتنسيق مع وزير الداخلية والبلديات الذي يواكب عملها ويحدّد مقرّها، ويحضر اجتماعاتها إذا شاء من دون أن يكون له حق التصويت. إذاً، نحن ليس لدينا سلطة وصاية أبداً»، مشدداً على أن «وزير الداخلية لم يزر الهيئة منذ إنشائها حتى لا يخدش حيادها. لكننا مسؤولون عن حيادنا واستقلالنا ولا نحتاج شهادة أحد».
وعن نظرة الهيئة إلى انتقال الرئيس نبيه بري إلى المصيلح وإجرائه لقاءات انتخابية،على وقع الكلام عن «تدخّل رئيس الجمهورية في الانتخابات، وجولات الرئيس سعد الحريري»، قال رئيس الهيئة: «لا علاقة لنا بالمماحكات السياسية من كل حدب وصوب»، مشيراً إلى «أننا ندوّن كل شيء في ملف كل مرشح».
وأكد، رداً على سؤال آخر، أن «إذا أرادت الهيئة أن تجري تحقيقاً بواسطة الضابطة العدلية، عليها أن تأخذ إذن النيابة العامة. وهي ليس لديها الشخصية المعنوية لتدّعي، وليس لديها أي جهاز أمني يأتمر بها. وأنتم تحمّلونها أكثر مما تحتمل».
وعن التعديلات التي من المفترض إدخالها إلى القانون لتعزيز صلاحيات الهيئة، طالب عبد الملك بـ«الاستقلالية الكاملة»، معتبراً أن «التحقيق يحتاج الى جهاز أمني أو إمرة على الجهاز الأمني، اذ ليس لدينا الشخصية المعنوية الاعتبارية التي تعطينا حق الادعاء مباشرة أو بواسطة النيابة العامة التي نجل ونحترم»، لافتاً الى ان الهيئة إذا شاءت أن تتحرك يمكنها ذلك، وسننزل الى الأرض من خلال مراقبين من المجتمع المدني الذين يعملون تحت إشراف الهيئة اضافة الى المراقبين الدوليين من الاتحاد الأوروبي ومن غير المؤسسات الدولية التي تقوم بمراقبة الانتخابات، وتراقب عملية الفرز».
وشدّد أمين سر الهيئة عطالله غشام من جهته، على «أن لا نصّ في القانون يمنع المرشحين من الوزراء والنواب من الترشح للانتخابات، الا أن الهيئة عيونها شاخصة وآذانها سامعة لكل ما يحدث على الأرض وهي توثق ذلك في إضبارات لكل منهم، لتكون جاهزة إذا طلبها المجلس الدستوري»، مشيراً الى «إن المهرجانات والإعلانات والظهور الإعلامي للوزراء والنواب والزعماء السياسيين تحسب كلها ضمن الإنفاق الانتخابي للمرشحين».
وأكد غشام أن «لا شك في أن صعوبات اعترضت الهيئة منذ انطلاقتها. وهذه الصعوبات ذات شقين: الأول تلك الناتجة عن نصوص قانون الانتخاب. والثانية هي الاعتمادات التي حلّت مشكلتها في 13 نيسان. لكن لو أردنا أن نبقى مكتوفي الأيدي وننتظر البت فيها، لما فعلنا شيئاً. لكننا تحمّلنا مسؤوليات كبيرة. واستعنا بـ 25 موظفاً لمراقبة الإعلان منذ قرابة 3 شهور، وهم فريق كان يعمل بشفافية، ولم يتقاضَ أي تعويض حتى الآن، وهذا يعني أننا لم نقف مكتوفي الأيدي بل اجترحنا المعجزات».
على صعيد آخر، دعا غشام إلى «التمييز بين هيئة مستقلة للانتخابات لها أجهزتها التنفيذية ومستقلة عن وزارة الداخلية وكل الوزارات الأخرى، وبين هيئة بالشكل الذي نراه اليوم. وهذه الأخيرة لا تملك إلا الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية أو وزارة العدل. نريد صلاحيات غير موجودة اليوم. والذهاب إلى هيئة مستقلة تمام الاستقلال، أمر يحتاج قراراً سياسياً كبيراً في البلد نحن لا نتحمل مسؤوليته.
وكانت مداخلة لرئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ أشار فيها إلى ضرورة تحسين وضع الهيئة، لأن لا مرجعية خاصة بها، معتبراً أن «السلطة السياسية أرادت ذلك كي لا تصل هذه الهيئة إلى نتائج كبيرة».