بوتين يحمل الغرب مسؤولية أزمة أوكرانيا وينفي سعيه لبناء إمبراطورية
شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أثناء مكالمة هاتفية أمس، على أهمية التوصل إلى اتفاق حول إمدادات الغاز إلى أوكرانيا.
وأعرب الزعيمان عن أملهما في التوصل إلى تسوية حول قضية الغاز خلال الجولة المقبلة من المفاوضات الثلاثية بين روسيا وأوكرانيا والاتحاد الأوروبي، المزمع عقدها بتاريخ 29 تشرين الأول في بروكسل، وفقاً للمكتب الصحافي للكرملين.
وكانت روسيا قد علقت إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوكرانيا، بعد تقاعس كييف عن دفع ثمن الغاز الروسي المورد، والذي بلغ مقداره 5.5 مليار دولار، وقامت روسيا الأسبوع الماضي بإعادة احتساب حجم الدين وحسم مليار دولار منها ليصبح دين كييف 4.5 مليار دولار.
كما تم الاتفاق على سعر الغاز لفترة مؤقتة حتى آذار 2015، بواقع 385 دولاراً لكل ألف متر مكعب، في حين تواجه كييف صعوبات مالية في تسديد ديون الغاز وشراء كميات جديدة بغرض التدفئة خلال فصل الشتاء المقبل.
وكان رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينوك قال في وقت سابق إنه لتمويل عملية شراء الغاز الطبيعي الروسي لفصل الشتاء يتوجب أولاً تحصيل ديون الغاز داخل أوكرانيا، ما يدل على عدم قدرة كييف على دفع ثمن توريدات جديدة من الغاز.
هذا وقال مكتب المستشارة الألمانية في بيان إنها حثت الرئيس الروسي في مكالمة هاتفية على دعم إيجاد حل سريع لخلاف مع أوكرانيا بشأن الغاز قبل حلول الشتاء، وأضاف: «أكدت المستشارة أن الانتخابات البلدية في الشرق يجب أن تجرى وفقاً للقانون الأوكراني.»
وفي السياق نفسه، ألقى الرئيس الروسي أمس بمسؤولية الأزمة في أوكرانيا على الغرب ونفى اتهامات بأنه يسعى لبناء إمبراطورية أو محاولة تقويض سيادة دول مجاورة.
وفي كلمة لمجموعة من الباحثين السياسيين هم أعضاء في ما يسمى بـ»النادي الفيدالي»، وجه بوتين انتقادات حادة للولايات المتحدة وقال إن مخاطر الصراعات التي تضم قوى كبرى ارتفعت وكذلك مخاطر انتهاك معاهدات حظر الأسلحة.
كما دعا بوتين إلى إجراء محادثات بشأن الشروط المقبولة دولياً لاستخدام القوة وانتقد ما وصفه بأنه تدخل أجنبي تعسفي في شؤون داخلية لدول أخرى. وقال إن من يسمون أنفسهم «المنتصرين» في الحرب الباردة يريدون نظاماً عالمياً جديداً يناسبهم فحسب، مشيراً إلى أن النظام الأمني الدولي والإقليمي تم إضعافه.
وشدد بوتين على أن روسيا بلد قوي بعد عقدين من انتهاء الحرب الباردة وقال إن موسكو لن تتوسل لرفع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على موسكو بشأن الأزمة في أوكرانيا.
وأضاف بوتين أن روسيا ساعدت الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش على الهرب إليها في شهر شباط بعد أن أطاحت به احتجاجات شوارع عنيفة. وقال: «أقولها على الملأ، طلب نقله إلى روسيا وهو ما فعلناه».
كما انتقد الرئيس الروسي الحكومة الموالية للغرب في كييف لاستخدامها القوة ضد الأقاليم المتمردة في شرق أوكرانيا بدلاً من إجراء محادثات مع السكان الذين يتحدثون اللغة الروسية للسعي لإنهاء الاضطرابات هناك. وقال: «إننا لا نرى رغبة من جانب شركائنا في كييف لحل مشكلة العلاقات مع جنوب شرقي البلاد من خلال عملية سياسية»، وأضاف: «نرى دائماً شيئاً واحداً في مظاهر مختلفة وهو اللجوء إلى القمع بالقوة».
جاء ذلك في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة أن 430 ألف أوكراني نزحوا داخل البلاد منذ بدء النزاع، وأن 387 ألفاً لجؤوا إلى الأراضي الروسية، و6600 قدموا طلبات لجوء إلى الاتحاد الأوروبي وبيلاروس.
وأوضح تقرير صادر عن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أمس أن 824 ألف أوكراني اضطروا إلى مغادرة منازلهم بعد بدء النزاع شرقي البلاد، بينهم 430 ألفاً نزحوا في الداخل، حيث بلغ عدد النازحين في شهر أيلول الماضي وحده 170 ألفاً.
وكانت الأمم المتحدة أكدت وجود أدلة على إعدام تعسفي في مقبرتين تم اكتشافهما في مقاطعة دونيتسك شرق أوكرانيا.
وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إيفان شيمونوفيتش إن «بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الوضع في مجال حقوق الإنسان في أوكرانيا تلقت من «جمهورية دونيتسك الشعبية» معلومات تفيد عن وجود جثث خمسة عناصر من المجموعات المسلحة في إحدى هذه المقابر قتلوا أثناء القتال.»
وبحسب معلومات البعثة، لا يوجد ما يدل اليوم على سقوطهم ضحايا لإعدام تعسفي، لكن تم العثور على 4 جثث أخرى في المقبرتين الأخريين. وفي هاتين الحالتين هناك أدلة على أن ذلك كان إعداماً تعسفياً.
من جهة أخرى، أشادت الأمم المتحدة باتفاقات مينسك وقالت إنها أسهمت في تخفيض مستوى القتل اليومي شرقي أوكرانيا.
وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة إن الهدنة القائمة اليوم تعتبر الأساس الأفضل لتسوية النزاع بطرق سلمية، وأوضح شيمونوفيتش أن مستوى الوفيات بسبب العمليات القتالية شرقي أوكرانيا تقلص بمقدار 4 مرات بفضل الاتفاق الخاص بوقف إطلاق النار الذي أبرم في مينسك. وقال: «لكن الهدنة لا تزال هشة على الرغم من أن متوسط عدد القتلى في اليوم تقلص من 42 شخصاً إلى 9 أشخاص وذلك بعد التوقيع على اتفاقيات مينسك».
وفي شأن متصل، قال أكبر قائد عسكري في حلف شمال الأطلسي «الناتو» أمس إن روسيا لا تزال تحتفظ ببعض القوات في شرق أوكرانيا وتبقي على قوات ذات قدرات عسكرية كبيرة على الحدود بالرغم من انسحاب جزئي.
وذكر الجنرال الأميركي فيليب بريدلاف للصحافيين في المقر العسكري للحلف قرب مونز في بلجيكا: «شهدنا انسحاباً معقولاً للقوات الروسية من داخل أوكرانيا لكن بالتأكيد هناك قوات روسية داخل شرق أوكرانيا»، وأضاف: «لكن القوة المتبقية والتي لا تظهر أي علامات على الاستعداد للرحيل هي ذات قدرات عالية للغاية».
وتأتي التصريحات قبل الانتخابات البرلمانية الأوكرانية المقررة يوم الأحد والتي سيسعى الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو من خلالها إلى الحصول على تفويض للدفع بخطته لإنهاء صراع انفصالي والمضي في اندماج أوكرانيا داخل الأسرة الأوروبية.