أسماء الأسد: شبابنا أملنا ودورهم مصيري وحاسم في اللحظات التي نعيشها في سورية
بحضور عقيلة الرئيس السوري السيدة أسماء الأسد اختتمت فعاليات «النسخة الأولى» من مسابقة برنامج «تكوين» لريادة الأعمال التي أطلقها بنك البركة «سورية» بالشراكة مع الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية وفريق «سند» التنموي وشركة «فينشر» للاستشارات والتدريب وذلك في دار الأسد للثقافة والفنون في دمشق «الأوبرا».
وتخلل الحفل عرض فيلم عن برنامج «تكوين» الذي تقدم إلى مسابقته المعلنة في العام الماضي 750 مشروعاً من مختلف المحافظات خضعت لتصفية أولية نتج عنها 314 فكرة مشروع تمت دراستها للتأكد من ملاءمتها للسوق المحلية وتم اختيار 21 مشروعاً لإخضاع اصحابها لدورات مكثفة في علوم إدارة الأعمال ليتمكنوا من إعداد خطة عمل متكاملة تسمح لهم بتحويل أفكارهم إلى مشاريع على أرض الواقع مع توفير التمويل اللازم لها.
وأكدت السيدة أسماء الأسد «أنّ الحرب فرضت تحديات جديدة على سورية مختلفة عن التحديات التي كانت موجودة من قبل وهناك كثير من المجالات والقطاعات تأثرت ومنها المشاريع الصغيرة والمتوسطة لكنّ الدفاع عن الوطن كما يكون بالسلاح في وجه الإرهاب يكون بالتنمية في وجه التدمير».
واعتبرت «أنّ التنمية يجب أن تبدأ من اليوم وهدفنا يجب أن لا يكون العودة كما كنا من قبل بل على العكس كيف نواكب العالم الذي تطور كثيراً خلال السنوات الثماني»، مشيرة إلى «أنّ الوقت مناسب للمشاريع التنموية».
وسألت: «لماذا نؤجل للغد شيئا يمكن أن نفعله»؟ وأوضحت «أنّ البرامج مثل برنامج تكوين غير قائمة فقط على الأموال، المشاريع الصغيرة بحاجة إلى تمويل لكنها بحاجة إلى بيئة داعمة أيضاً، بحاجة إلى إرشاد وخبرات وتدريب وكل هذه الاحتياجات استطاع برنامج تكوين أن يؤمنها، نحن بحاجة إلى العديد من البرامج من هذا النوع وشبابنا بحاجة لها اليوم قبل الغد».
وأضافت السيدة أسماء: «قبل الحرب كان هناك اعتقاد سائد عند الناس بأنّ الاقتصاد قائم على المشاريع الكبيرة كالمعامل الضخمة والمنشآت السياحية الكبيرة الأمر الذي جعل الاهتمام والدعم يتركز في هذه المشاريع وعندما جاءت الحرب واستهدفونا اقتصادياً بالسياسة عبر العقوبات وبالإرهاب من خلال تدمير المنشآت والمعامل، ما حمل الاقتصاد أو حمل جزءاً كبيراً هي المشاريع الصغيرة والمتوسطة فنحن بحاجة إلى أن ندعمها استراتيجياً بمعزل عن الحرب لأنها اثبتت أنها قادرة على صدّ الكثير من الأزمات».
المشاريع الصغيرة والمتوسطة
وتابعت: «إذا نظرنا إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة من جانب ثان فهي نابعة من قلب المجتمعات ومتطلباتها وطموحاتها، بمعنى آخر يمكن القول إنّ كل مشروع صغير هو ابن النسيج المجتمعي بكل منطقة صغيرة يعبر عنه ويشبهه وبالتالي هو الأقدر على الاستدامة وعلى تنمية هذه المناطق ليس لأنه يعرف توجهاتهم ومتطلباتهم بل لأنه يعرف إمكانياتهم والخبرات المتوفرة في هذه المشاريع وهو قادر على خلق فرص جديدة له وفرص جديدة للمجتمع الموجود فيه».
وتحدثت عن دور المجتمع الأهلي في التنمية، موضحة «أنّ مفهوم التشاركية بين القطاعات العام والخاص والمدني تأثر بشكل إيجابي في سورية وما رأيناه على أرض الواقع خلال السنوات التي مضت أن هناك تحولاً كبيراً بقناعة العاملين في القطاعات الثلاثة: أصبحت هناك قناعة تامة بالبصمة الضرورية التي يستطيعون أن يلعبوها ويجب أن يلعبوها في تنمية سورية، هذا الدور يستطيع كل واحد منهم أن يلعبه بطريقته، بأسلوبه، بخبراته، وهذا الاختلاف في الطرق والأساليب شيء إيجابي يجعل كل جهة تتميز، وهو أمر إيجابي جدا طالما أنه في النهاية يصب في المصلحة العامة الكبيرة للبلد».
وعن دور الثقافة كحامل لمفهوم التنمية، قالت: «الثقافة هي عمق وأساس فكر الإنسان، والتاريخ أثبت أنّ الدول الفقيرة التي ركزت على العلم والمعرفة أصبحت من أقوى دول العالم اليوم، بالمقابل هناك دول عديدة تمتلك أكبر مخزون مالي ولكنها ما زالت على هامش العالم ثقافيا وفكريا، المقصود أنّ الثقافة التنموية والاجتماعية هي أساس الاقتصاد، أساس استمراره وأساس استدامته، بالمقابل الدول الغنية دون ثقافة هي دول في الحقيقة مبنية على غناها المالي فقط وبالتالي عندما ينهار اقتصادها فهي ليس لديها أي مقوم من مقومات الحياة وهذا شيء بديهي».
ورأت أنّ هذه الفعالية «هي خطوة مهمة في الأمر الذي أطرحه ولكن هذا المفهوم هو مفهوم فكري تراكمي وهو بالتأكيد لا يتحقق فجأة أو من خلال فعالية واحدة أو من خلال نشاط واحد فنحن بحاجة لأن يصبح هذا المفهوم ثقافة عامة وبالتالي كلّ المشاريع والبرامج التنموية تكون قائمة عليه.
دور الشباب السوري في التنمية
وبالنسبة للشباب السوري ودوره في التنمية، توجهت السيدة أسماء إليه قائلة: «إنّ واحداً من أكثر الأشياء التي حاول أعداؤنا أن يركزوا عليها خلال سنوات الحرب كلها هي أن نفقد التصميم والأمل لكي نصل إلى مرحلة اليأس وفشلوا والبلد يصعد تدريجياً من عنق الزجاجة، والشباب في أي مجتمع هم الدينامو والمحرك لهذا المجتمع وعندما يضعفون الوطن كله يضعف والحقيقة في سورية أن شبابنا لم يضعفوا بل على العكس تماماً رأينا شباباً وصبايا حاملين الأمل والأمانة ونزلوا إلى الميدان ليقاتلوا من أجلنا جميعاً، وفي نفس الوقت رأينا شباباً حملوا القلم حملوا المعرفة والعلم وأكملوا الطريق وبالتالي دور الشباب مصيري أساسي وحاسم في اللحظات التي نعيشها في سورية، وإذا لم يأخذ الشباب اليوم دفة المبادرة ونحن معهم فالتغيير والتطور الذي نطمح له لن نراه، لكن الشباب السوري أخذ المبادرة وأدى الأمانة بالكامل لأنّ سورية الأمانة، نحن نحميها بالسلاح وبالقلم وبالمعرفة وبالعلم، نحميها بالتنمية، لكن قبل كل ذلك نحميها بالانتماء الوطني والمحبة».
من جهته، أكد المدير التنفيذي لبنك البركة محمد عبد الله حلبي «أنّ برنامج تكوين يأتي ضمن استراتيجية البنك في دوره الاجتماعي لتحقيق التنمية المستدامة إلى جانب تنفيذه استراتيجية نمو متوازنة، موضحاً أنّ فكرة البرنامج تنطلق من الإيمان بوجود مبدعين سوريين وشباب يحملون أفكاراً خلاقة يطمحون لتحويلها إلى مشاريع على أرض الواقع».
ورأى حلبي أن تجربة «تكوين» فريدة ومثمرة معلناً عن بدء التحضير للنسخة الثانية من البرنامج والإعداد لتأسيس أول «مسرعة أعمال خاصة» في سورية تهدف إلى احتضان الأفكار الإبداعية وتحويلها إلى مشاريع تعود بالنفع على الوطن.
ووجه حلبي الشكر للسيدة الأولى على دعمها المتواصل للشباب مضيفاً: «أشكر سيدة الياسمين على حضورها الفعالية واهتمامها الكبير بمشاريع دعم الشباب والتمويل الصغير ومتناهي الصغر منذ عام 2003 وحتى الوقت الحالي الأمر الذي يجعلنا أكثر إصراراً على تقديم الأفضل لبناء سورية المتجدّدة».
ويأتي برنامج «تكوين» الذي استقبل أفكاراً لرواد أعمال من كل المحافظات السورية ضمن الشريحة العمرية من 14 إلى 60 سنة لدعم جيل الشباب وبناء مشاريع ناجحة تساعد على النهوض بالاقتصاد الوطني.