الاتفاق النووي الإيراني… هؤلاء أبرز الفائزين والخاسرين من انسحاب ترامب

هدير الساموني

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء انسحاب بلاده مما يُعرف بالاتفاق النووي الإيراني، وحول تداعيات هذا الانسحاب، وكيف سيؤثر على كلّ الأطراف المتعلقة بالاتفاق، أعدّ الصحافي زاك بوشامب تقريراً مطوّلاً، نشره موقع «Vox» الأميركي، يحلّل فيه الوضع الحالي، ويبيّن الأطراف الرابحة والخاسرة من هذه الخطوة.

إنّ ترامب قضى سنوات وهو ويعارض ويحتجّ ضدّ الاتفاق النووي الإيراني، ويهدّد بانسحاب أميركا منه. وها هو أخيراً يفعلها، وهي خطوة ستعيد تشكيل السياسة العالمية، وستعصف بالجهود التي تقودها أميركا لكبح انتشار الأسلحة النووية، كما ستتخلى عن جزء كبير ومهمّ من إرث السياسة الخارجية لباراك أوباما.

يرى بوشامب أنّ ما حدث يعدّ انتصاراً كبيراً لـ«إسرائيل» والسعودية على السواء، اللتين كانتا تدفعان أميركا دفعاً نحو مواجهة إيران بشكل أكثر عنفاً وحزماً. كما يعتبر فوزاً بالنسبة للجناح المتشدّد داخل إيران، والذي كان ينادي طويلاً بعدم الثقة في أميركا من الأساس، وباتباع سياسات أشدّ قسوة ضدّ الولايات المتحدة.

تلك كانت القائمة القصيرة، وفي ما يلي نظرة أوسع على سبع شخصيات وحكومات سيتأثرون بشكل مختلف بإعلان ترامب. إذاً كيف سيؤثر هذا القرار الكبير على العالم نحو الأفضل أو على الأغلب نحو الأسوأ؟

خاسر: دونالد ترامب

يقول بوشامب: «إنّ ترامب حصل على ما أراده طويلاً. وقد يكون هذا القرار خير برهان على لماذا يجب على الناس خصوصاً رؤساء الولايات المتحدة أن يكونوا حذرين في أمنياتهم».

في جولات حملته الانتخابية، كان ترامب لا ينفكّ يصف الاتفاق النووي الإيراني بأنه كارثة ومصيبة و«أسوأ اتفاق ممكن». وحينما فاز بالرئاسة، أصبح لديه الصلاحية لإلغائه، لكن الحديث عن الخروج من هذا الاتفاق كان يخرج بمعرفة مستشارين معتدلين حينها، مثل: وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي السابق، هيربرت ريموند ماكماستر.

لكن ترامب أقال هذين الرجلين في وقت مبكر من الربيع الحالي، وخليفتيهما مايك بومبيو، وجون بولتون، على التوالي، وهم من المعادين لإيران. وبعد سنة من رئاسته ظلّ مستشاروه ينصحونه بالإبقاء على الاتفاق فأصبح أخيراً لديه من ينصحونه بالانسحاب منه.

يقول الكاتب: «لكن ما تريده ليس دائماً هو الأصلح لك»، ليس هناك دليل على أنّ ترامب لديه خطة بديلة، ليس ثمة نظرية لكيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني الآن، بدلاً عن فرض العقبات ببساطة على إيران، ثم تمني حدوث الأفضل». ويتساءل بوشامب حول جدوى العقوبات بالأساس، ويضيف: «هل هناك أيّ شيء يمكن لإيران أن تفعله لرفع هذه العقوبات؟ أيّ اتفاق أفضل يمكنهم أن يوافقوا عليه أم أنّ الفكرة هي فقط معاقبة الاقتصاد الإيراني والمواطنين العاديين للأبد؟»

يوضح بوشامب أنه لا يملك إجابات لتلك الأسئلة، كما لا يعتقد أيّ محلل مستنير أن يملك ترامب أية إجابات هو الآخر.

وبالإضافة إلى الافتقار إلى استراتيجية واضحة وراء فرض عقوبات جديدة، فإنه هناك دائماً فرصة لأن تستأنف إيران برنامجها النووي بشكل جدي. بعد خطاب ترامب أمس، أعلن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أنه كان يستعدّ لاستئناف تخصيب اليورانيوم «الصناعي» في حال لم تستطيع الدول الأوروبية إقناع إيران بأن البقاء في الاتفاق أمر يستحق، وهذا نوع من النشاط النووي المحظور الذي تمّ تصميم الاتفاق من أجل منعه.

ما سبق يعني أنّ على الأرجح ترامب سيجد نفسه قريباً في موقف تتجه فيه إيران نحو قنبلة نووية ما يرغمه إما على تركهم ليكونوا دولة نووية، أو أن يبدأ حرباً لإيقافهم وهو الخيار السيّئ حقاً الذي كان من المفترض أن يمحوه الاتفاق النووي الإيراني في المقام الأول. لا يوجد ثمة دليل على أنّ الرئيس الأميركي قد فكر في هذا الموقف، أو ماذا سيفعل إذا ما سارت إيران على خطاه وانسحبت من الاتفاق.

يضيف الكاتب أنه قبل إعلان الانسحاب، لم يكن ترامب حقيقة مضطراً لأن يتعامل مع مواجهة نووية إيرانية، بل كان يمكنه انتقاد الاتفاق دون الحاجة إلى خطط ملموسة لتحلّ محلّ هذا الاتفاق. أما الآن فإنه مجبر على محاولة الخروج بحلّ لمشكلة صعبة للغاية إذ إنّ كلّ الخيارات المتاحة تبدو غير فعّالة وكارثية. إنه يضع نفسه في موقف صعب، كما أنه يستحق أياً ما كان سيأتي بعد ذلك.

فائز: تحالف «إسرائيل» ـ السعودية

يقول بوشامب: «إنه لا يخفى على أحد أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أراد أن تخرج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني إذ انه ظهر في خطاب تلفزيوني للاستخبارات الإسرائيلية الأسبوع الماضي، وكانت محاولة صريحة لإقناع ترامب بالخروج من الاتفاق».

لم يكن نتنياهو الوحيد في الشرق الأوسط الذي أراد تحطيم الاتفاق النووي. فإنّ ولي العهد السعودي الشاب، محمد بن سلمان، عارض طويلاً هذا الاتفاق، وشنّ حملة ضغط هادئة لقتله. كما أنه صادق زوج ابنة ترامب، جاريد كوشنر، ولا شك أنه تلا عليه مراراً مساوئ الاتفاق.

يقول بوشامب: «إنّ الرجلين نتنياهو وابن سلمان اللذين يقودان دولتين مختلفتين تماماً، إلا أنهما يجتمعان بالأساس على وجهة النظر نفسها: أنّ تأثير إيران الإقليمي هو الخطر الأكبر الذي يهدّد أمن بلديهما، ويجب أن تواجه بشكل مباشر شعراً بخطر الاتفاق النووي الإيراني بسبب العيوب الملحوظة التي يتضمّنها، بالإضافة إلى أنه يجعل الولايات المتحدة وإيران قريبتين».

إنّ الاتفاق في نظريهما: جعل الولايات المتحدة متوافقة مع إيران إلى حدّ بعيد، كما جعلها غير مستعدّة لتحدّي المخالفات التي ترتكبها إيران خارج حدودها في أماكن مثل سورية واليمن، ولذلك، فإنّ الاتفاق يجب أن ينتهي.

وينقل معدّ التقرير عن حسين بناي، وهو خبير في العلاقات الأميركية الإيرانية بجامعة إنديانا، قوله: «بالنسبة لهما، نتنياهو وابن سلمان: فإنّ الطريق الوحيد للإبقاء على أميركا في المنطقة، وتقديمها غطاء أمنياً للسعوديين والإسرائيليين، هو التأكد من أنّ إيران لا يمكنها أن تكون طبيعية من خلال هذه المجموعة من الاتفاقات الدولية والإقليمية».

إنّ هذا الخطر قد زال الآن، على الأقلّ في الوقت الحاضر. ويضيف بوشامب إنه مع إعادة ترامب فرض العقوبات على إيران والانسحاب الأحادي من الاتفاق، فإنّ البلدين ربما يكونان على مسار تصادمي. قد ينتهي الأمر سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً، لكن أياً كانت الطريقة التي سينتهي بها الحال، فإنه من الصعب تصوّر أيّ تقارب أميركي مع إيران ما دام ترامب في الرئاسة. وبطريقة أخرى: فإنّ حملة الضغط قد آتت ثمارها.

خاسر: أي شخص أراد أسلحة نووية أقلّ في العالم

يوضح معدّ التقرير أنّ واحدة من أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت إيقاف انتشار السلاح النووي. وبنت ذلك على نظرية أنّ هذه الأسلحة مدمّرة بشكل فريد، وخطيرة للغاية، ولا يمكن التعامل معها كأسلحة عادية، ويجب أن تقتصر حيازتها على أقلّ عدد ممكن من الدول.

ومُني هذا الجهد الذي استمر طويلاً بإخفاقات متعدّدة يتبادر إلى الذهن كوريا الشمالية لكنه في معظم الأحيان أتى بنتائج جيدة جداً: فإنّ عدداً قليلاً من الدول لديها أسلحة نووية، وأكثرها دول مستقرة ومسؤولة، مثل: فرنسا، وبريطانيا. إنّ السبب في امتلاك عدد قليل من الدول هذا النوع من الأسلحة، ليس لأن أمر بنائها صعب تقنياً مرة أخرى كوريا الشمالية تمكنت من ذلك لكن لأنّ الولايات المتحدة وحلفاءها وضعوا نظاماً من الاتفاقات والقوانين الدولية التي تجعل من الصعب على الدول بناء أسلحة نووية دون مواجهة ردّ فعل دولي كبير.

ومن خلال وجهة النظر الضيّقة تلك لوقف انتشار الأسلحة النووية، فإنّ الاتفاق الإيراني كان نجاحاً كبيراً. إنّ الضغط الذي نتج عن العقوبات الدولية كان شديداً لدرجة جعلت إيران توافق على سلسلة من المحاذير الصارمة للغاية على برنامجها النووي المتطوّر إلى حدّ ما . ومن بين أمور أخرى، فإنّ الاتفاق دعا إلى:

تخفيض المخزون الاحتياطي لإيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 97 ، وحظر البلاد من امتلاك أيّ يورانيوم فعّال بشكل كافٍ لاستخدامه لتغذية قنبلة.

وضع حدّ لعدد أجهزة الطرد المركزي النووية، وهي أجهزة تستخدم في تخصيب اليورانيوم، إلى 5 آلاف تقريباً، والسماح لها بأن يقتصر استخدامها على أجهزة طرد مركزي قديمة ومنتهية الصلاحية وبطيئة.

وقف تشغيل إيران لمنشأة «أراك» المستخدمة في تصنيع البولوتونيوم الذي يمكنه تغذية قنبلة.

السماح لحملات تفتيش واسعة ومتداخلة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل ضمان أنّ إيران لا تخلّ بأيّ بند من الاتفاق.

يقول بوشامب: «إنّ هذه الأحكام في مجملها تجعل من المستحيل وظيفياً أن تحصل إيران على سلاح نووي، ما دامت هذه الأحكام باقية، وكان من المقرّر أن تبقى لعقد آخر على الأقلّ. إنّ الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت قد أكدت مراراً على أنّ إيران تمتثل لكلّ المحاذير التي أقرّها الاتفاق».

وينقل معدّ التقرير، جيمس أكتون، مدير برنامج السياسة النووية بمعهد كارنيغي إندومنت، قوله: «إنه في وجود الاتفاق، فمن الصعب للغاية على إيران بناء قنبلة دون كشفها، كما أنّ هناك إطاراً زمنياً كان منصوصاً عليه سيسمح للمجتمع الدولي بالردّ».

لكن الآن يقول بوشامب إنّ الاتفاق في خطر محيق المجتمع الدولي منقسم، والأسوأ أنّ مصداقيته في موضع تساؤل إذ إنّ أية دولة «فاسدة» تخترق القوانين الدولية مرة أخرى لنأخذ كوريا الشمالية مثالاً هل ستتخلى عن أسلحتها النووية لصالح الإدارة الحالية؟ هل ستثق في إبقاء الولايات المتحدة على وعودها، في حين أنّ واشنطن يبدو أنها تغيّر سياسات كبيرة وأساسية مع كلّ انتخابات؟

يجيب الكاتب بالنفي المؤكد، مضيفاً: «إنّ قرار ترامب يجعل من المرجح أن تحصل إيران على سلاح نووي ما يزيد بشكل ما من احتمالية أن تحاول على الأقلّ – دول أخرى القيام بالأمر ذاته».

خاسر: باراك أوباما

إنّ هذه النقطة توضح نفسها إنّ الاتفاق النووي مع إيران كان من آخر الاتفاقات التي أنجزها الرئيس السابق، ربما هو أهمّ جزء في إرث سياسته الخارجية. وترامب ربما وجه لتوّه ضربة قاضية لهذا الجزء. وبنظرة أوسع، فإنّ ترامب يبدو أنّ لديه أجندة تتعمّد تمزيق إرث أوباما، حتى لو كان ما سيجنيه من ذلك قليلاً.

إنه أخرج الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ، والذي لم يفرض أية محاذير حقيقية على أميركا، وأعلن هذا القرار من حديقة زهور البيت الأبيض في احتفال ضخم أحيته فرقة موسيقية. إنّ ترامب حاول تخريب برنامج «أوباما كير»، عن طريق القيام بأفعال مثل وقف المدفوعات لشركات التأمين التي تبقي على أقساط التأمين ما يحقق القليل في الواقع لتحسين سوق الرعاية الصحية الأميركي.

يقول الكاتب: «إنه يبدو أنّ تخريب إرث أوباما ليس فقط مشروعاً ترفيهياً جانبياً لدى ترامب، إنما هو هدف منعش لأجندة سياسته ككلّ، محلياً وخارجياً. إنّ وضوح هذه النقطة ربما يساعد في فهم أسباب إقدام ترامب على هزيمة ذاتية واضحة، كالانسحاب الأحادي من الاتفاق النووي الإيراني».

فائز: المتشدّدون في إيران

يرى بوشامب أنّ الأميركيين غالباً ما يحبّون أن يتظاهروا بأنه ليس لدى إيران نظام سياسي، لكنه عبارة عن كتلة غير متمايزة من المتعصّبين الدينيّين المعادين لأميركا، يصرّون على بناء قنبلة من أجل تحدّي أميركا.

لكن هذا لم يكن أمراً دقيقاً أبداً، والاتفاق النووي أثبت ذلك. إنّ الاتفاق كان المشروع الصغير للفصيل المعتدل تقريباً! من النخبة السياسية الإيرانية، بقيادة الرئيس روحاني، ووزير الخارجية جواد ظريف. كانت لدى فصيل روحاني ظريف الحجة بأنّ التخلي عن برنامج إيران النووي الذي يؤدّي إلى علاقات اقتصادية متزايدة مع باقي العالم، ويثبت التعاون معه، ومن ثمّ الاندماج في المجتمع الدولي، هو سياسة خارجية أفضل من المواجهة.

وطالما كان الاتفاق سارياً، كان لديهم وجهة نظر. لكن مع انسحاب ترامب من الاتفاق، فإنه خلق المزيد من المعارضين المتشدّدين، بما فيهم قادة الحرس الثوري الإيراني، الذين يمثلون اليد العليا في النقاش السياسي الداخلي.

وينقل بوشامب عن كريم ساذجدبر، وهو زميل كبير في معهد كارنيغي للسلام الدولي، قوله: «إنّ الاتفاق النووي كان يمثل الإنجاز الوحيد لحسن روحاني كرئيس، إنه رئيس ضعيف بالفعل. إنّ تقديم المزيد من انعدام الأمن يصبّ في صالح قوات الأمن الإيرانية».

إنّ آية الله علي خامنئي، الرجل الذي يصنع القرارات النهائية في النظام السياسي لإيران، بدا دائماً ميالاً لصالح المتشدّدين على حساب فصيل روحاني. والآن، فإنّ ترامب أعطى له سبباً ليسير على امتداد هذا المسار: ما يعني أنّ المزيد من المواجهة مع أعداء إيران إقليمياً في الشرق الأوسط ومع الولايات المتحدة، هو أمر مؤكد عملياً.

خاسر: جيمس ماتيس

في الشهور الأولى من إدارة ترامب، كان الرئيس محاطاً بما يطلق عليه إعلامياً «محور الكبار»: ماكماستر، وتيلرسون، ووزير الدفاع، جيمس ماتيس. كانوا جميعاً ينظر لهم باعتبارهم مستشارين رِصان يمكنهم كبح جماح خطوات ترامب المتهوّرة. والأكثر أهمية أنهم جميعهم أرادوا إبقاء ترامب على وجود الولايات المتحدة في الاتفاق النووي.

ماكماستر وتيلرسون تمّ التخلص منهما، وخلفهما على التوالي بولتون وبومبيو، وكلاهما دعا مراراً وعلانية لإلغاء الاتفاق الإيراني. ماتيس الذي ينظر له على أنه الأكثر تأثيراً في محور الكبار، كان يواجه اختباراً: هل يستطيع التفوّق على أعضاء الحكومة الجديدة وتوجهات ترامب في الوقت نفسه؟

إنّ الإجابة التي يقدمها التقرير أنه على ما يبدو لم يستطع. هناك حدود لتأثير ماتيس فهو لا يستطيع احتواء ترامب طول الوقت، وعند هذه النقطة، خسر ماتيس.

إنه ليس صراع قوى لا طائل منه. فكلما كان ماتيس له تأثير أكبر، كلما كان ترامب أكثر تقييداً وحذراً في اتخاذ قراره. ويضيف الكاتب: «إنّ حقيقة أنّ ماتيس لم يستطع إبقاءه في الاتفاق، يرجح أننا نقترب نحو ما يمكن اعتباره ترامب بلا قيود ، حيث يفعل الرئيس ما يحلو له، ويشعر أنه يريد فعله. ومع الأخذ في الاعتبار مدى اتساع وتنوّع تفضيلات ترامب السياسية، فإنه من المحتمل أن يكون العالم في موقف خطير جداً».

خاسر: أوروبا

منذ تخفيف العقوبات الدولية على إيران، فإنّ الشركات الأوروبية تزاحمت لدخول السوق الإيراني. تأمل شركة السيارات الألمانية «دايملر» بيع حوالي 40 ألف سيارة في السنة للإيرانيين، بالإضافة إلى شركة البترول والغاز الإيطالية «سايبم» التي وقعت عقوداً تصل قيمتها إلى خمسة مليارات دولار.

لكن إعلان ترامب يضع كلّ هذا في خطر محيق. إنه أعلن الثلاثاء صراحة أنه قد يفرض جزءاً كبيراً من نظام العقوبات ما قبل الاتفاق النووي، وهو ما أطلق عليه «العقوبات الثانوية» والذي يستهدف قطاع البترول الإيراني. إنّ العقوبات الثانوية لا تعاقب إيران بشكل مباشر، وبدلاً عن ذلك فإنها تستهدف البنوك الدولية والشركات التي تقوم بأعمال مع قطاع البترول الإيراني.

ومن هنا نفهم لماذا هي «ثانوية»: فبدلاً عن إصابة الهدف الأساسي: إيران، فهي تقطع طريق الدخول إلى السوق الأميركية للأطراف الأخرى التي تعمل مع إيران. نظرياً هذه العقوبات تجبر الدول الأجنبية على الاختيار بين إقامة أعمال مع إيران، أو مع الولايات المتحدة. وبما أنّ أميركا هي الاقتصاد الأكبر في العالم، فإنه ليس خياراً صعباً. وبالاستناد إلى مدى الصرامة التي ستنتهي إليها إدارة ترامب في تنفيذ تلك العقوبات، فإنها قد تلحق ضرراً جسيماً بالعلاقات الاقتصادية الناشئة بين الدول الأوروبية وإيران.

يوضح بوشامب أنّ ما سبق يؤكد على مخاطر أوسع، إنه ليس فقط اتفاقاً أميركياً إيرانياً إنّ هناك خمسة أطراف أخرى هي جزء من الاتفاق الإيراني: ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والصين، والكثير من الدول الأخرى التي تأثرت بشكل غير مباشر من العقوبات الثانوية. إن ترامب أثار غضب كل هذه الدول، بما فيها حلفائها المقرّبين، من أجل مكسب محدود، وهو موقف سيزداد سوءاً إذا كان في الواقع يعاقب الدول الأوروبية الكبيرة التي تقوم بأعمال في إيران.

ويختتم التقرير بأنّ إعلان هذا القرار لم يطلق فقط أزمة مع إيران، إنما بدأ أزمة دولية أعمق مع تداعيات غير واضحة على العالم.

«ساسة بوست»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى