باسيل من بروكسل: يبقى لبنان بنموذجه التعايشي نموذجاً لسلام الغد

اعتبر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من بروكسل أن ما يجري من تشجيع لحركات النزوح يفقد النسيج المجتمعي غناه وجماله. وتخوّف من أن يطال النزوح نسيج لبنان.

وتوقّف عند بيان بروكسل الأخير، معلناً أن المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي وصلا إلى الخطوط الحمراء التي تمس وجودنا وكياننا.

وقال في كلمة ألقاها في المؤتمر الدولي الوزاري لحماية ضحايا أعمال العنف الإثنية والدينية في الشرق الأوسط المنعقد في بروكسل «نريد سياسة مختلفة عن تلك المطالبة بإبقاء النازحين. وإن عودتهم أصبحت ممكنة وصارت ملزمة ولو بشكل متدرج، ومن مسؤولية المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي تمويل عودتهم، ويجب أن يتحضروا إلى أننا لم نعد نستطيع التحمّل ولا انتظار انهيار لبنان. لقد سمعنا من المسؤولين الأوروبيين والدوليين في مؤتمرنا اليوم تأييداً لهذه العودة».

وقال: «النازحون السوريون في بلدنا أصبحوا من ضمن النزوح الاقتصادي وليس النزوح السياسي والأمني بعدما أصبح هناك أماكن آمنة داخل سورية. كما أنه لا يمكن تجميد عودتهم الى حين صدور حل سياسي في سورية».

أضاف: «إن ما مرّ علينا من مآسٍ جعل قدرتنا على تحمل آلامنا، وآلام غيرنا، كبيرة، وهو ما سمح لبلدي بتحمل عذابات الشعوب المجاورة واستقبال لسنوات طويلة ما يساوي 50 من شعبنا كنازحين، مع خسائر مباشرة بعشرات مليارات الدولارات من دون أن ينهار لبنان لتاريخه، مع أن استمرار المجتمع الدولي باعتماد سياسة إدماج النازحين في بلدان استقبالهم بدل إعادتهم إلى بلدانهم يعتبر شكلاً من أشكال القضاء على نموذج التعدد في لبنان، وإفراغ بلدان المنطقة من عناصرها المتميزة بالتنوع لصالح إنشاء بؤر بؤس وتحويلها مناطق توتر وصولاً لتكون مختبرات للإرهاب».

وقال: «إن الضغط الكوني المتمثل بإدماج ما يساوي نصف شعبنا مشكلاً كثافة سكانية من الأعلى في العالم. هو عامل مفجّر لهذا النموذج ومدمّر لهذا الكيان، ويبين نية بإلغاء التعدد اللبناني لصالح الأحادية الإسرائيلية والإلغائية الداعشية. هل يمكن أن نصدّق أن المجتمع الدولي الرسمي يمارس باسم المبادئ الإنسانية والقوانين الدولية، ما تمارسه منظمات التكفير باسم الله؟».

وختم: «يبقى أن هذا النموذج اللبناني التعايشي، إذا الغى من داخله كل نزوات الانعزال أو الاستقواء، وارتضى بالحرية والشراكة والمساواة كقيم ثلاث لجمهورية العيش الواحد، يمكن اعتماده نموذجاً بديلاً لحل مشاكل المنطقة ودولها وكياناتها. إن إسرائيل مع أحاديتها، لا يمكن أن تكون صورة لعالم السلام، كما أن داعش مع وحشيتها لا يمكن أن تكون صورة عالم الغد ويبقى لبنان بنموذجه نموذجاً لسلام الغد».

وعقد باسيل ونظيره البلجيكي ديدييه رايندرز مؤتمراً صحافياً على هامش «مؤتمر حماية ضحايا أعمال العنف الإثنية والدينية في الشرق الأوسط» في بروكسل، أكدا خلاله التزام بلديهما والمجتمع الدولي محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية بحق الأقليات في الشرق الأوسط.

وأعاد باسيل تذكير المجتمع الدولي بأن الحكومة اللبنانية أعدّت ملفاً كاملاً عن جرائم «داعش» والمنظمات المتشددة، وأحالته منذ بدء النزاع في الشرق الأوسط على المحكمة الجنائية الدولية بالرغم من عدم انضمام لبنان اليها. وقال: «إن ما نقوم به ليس كافياً، وما نحتاج اليه هو معركة حقيقية في وجه هذه المنظمات التي تقتل وتهجر باسم الله وبوجه الدول والكيانات التي تدعمها». واضاف: «معركتنا اليومية هي بالعمل على اعادة النازحين الى ارضهم، ومسؤوليتنا المشتركة هي ان نقوم بخطوات لتأمين هذه العودة. لدينا نظرتنا الى النزوح ونطالب بعودة النازحين سريعاً، لأن بقاءهم يؤدي إلى مزيد من التطرف».

وتحدث عن العبء الاقتصادي الذي ينتج من النزوح وتداعياته على الاقتصاد اللبناني، «إذ إنه وصل إلى مرحلة لم تعد تحتمل».

وأوضح رايندرز من جهته، أن هدف المؤتمر «إعادة مهجري العنف الديني والاثني الى أرضهم». وأكد «ضرورة المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم ضد الانسانية»، واعدا بتطبيق خطة عمل مؤتمر باريس وأولويات مؤتمر مدريد لجهة حماية ضحايا العنف.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى