تورتشينوف: الغالبية البرلمانية الموالية لأوروبا ستشكل الحكومة بسرعة
أدلى الناخبون في أوكرانيا بأصواتهم أمس في الانتخابات البرلمانية المبكرة، لانتخاب 424 ممثلاً عنهم في البرلمان الأوكراني «الرادا» لمدة خمس سنوات، والتي من المتوقع أن تأتي نتائجها لصالح حزب الرئيس الأوكراني الحالي بيوتر بوروشينكو الموالي للغرب.
وتعتبر هذه الانتخابات العامة الثانية خلال 6 أشهر، حيث جرت انتخابات استثنائية للرئيس في 25 أيار، و الانتخابات البرلمانية الأولى في البلاد منذ اندلاع الاحتجاجات الدموية التي شهدتها شوارع العاصمة كييف الشتاء الماضي وأسفرت عن رحيل الزعيم المؤيد لموسكو فيكتور يانوكوفتيش.
كما تأتي في ظروف أزمة سياسية واقتصادية حادة، فقدت خلالها أوكرانيا السيطرة على جزء من أراضيها في شرق البلاد، وأدى النزاع المسلح إلى توقف الصناعة في منطقة دونباس ونفاد الموارد المالية، علاوة على أن ممثلي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك أعلنوا مراراً أن هذه الانتخابات لن تجري في أقاليمهم.
وشارك في الانتخابات أمس 29 حزباً سياسياً، بينها «كتلة بيوتر بوروشينكو» و»الجبهة الشعبية» بقيادة رئيس الوزراء أرسيني ياتسنيوك ورئيس البرلمان ألكسندر تورتشينوف، و»الحزب الراديكالي» بقيادة أوليغ لياشكو، إضافة إلى حزب «باتكيفشينا» بقيادة يوليا تيموشينكو، وكذلك الحزب الشيوعي وأحزاب أخرى.
وتولى نحو ألفي مراقب دولي من بينهم فريق يضم 800 فرد من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا متابعة سير العملية الانتخابية، التي انطلقت في تمام الساعة الثامنة من صباح أمس، وأغلقت المراكز الانتخابية أبوابها في الساعة الثامنة مساءً.
وكان الرئيس الأوكراني قد أشار يوم السبت الماضي في كلمة تلفزيونية إلى أنه يريد تحقيق أغلبية تمكنه من إجازة قوانين لدعم برنامج مؤيد لأوروبا والانفصال عن الماضي السوفيتي. وأضاف: «بدون مثل هذه الأغلبية في البرلمان سيبقى برنامج الرئيس ببساطة على الورق فقط».
من ناحيته، أمل رئيس البرلمان الأوكراني ألكسندر تورتشينوف أن تتشكل في البرلمان الأوكراني الجديد أغلبية موالية لأوروبا، وقال للصحافيين أمس بعد أن أدلى بصوته في العاصمة كييف: «آمل أن نحصل على أغلبية وطنية ديمقراطية موالية لأوروبا في البرلمان الجديد، تستطيع تشكيل حكومة جديدة بسرعة، لتسير أوكرانيا على الطريق الأوروبي، طريق التجديد، طريق بناء بلد قوي مستقل».
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في وقت سابق أن الانتخابات البرلمانية والمحلية في أوكرانيا يجب أن يتلوها إجراء إصلاحات شاملة وبدء حوار وطني يهدف إلى حل جميع المشكلات الحادة التي تعاني منها البلاد.
وفي جلسة لمجلس الأمن الدولي، قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسة أوسكار فرناندس تارانكو إنه مع الأخذ بعين الاعتبار «الوضع المضطرب في بعض مناطق أوكرانيا»، فمن المهم أن تجري الانتخابات التشريعية المبكرة المزمع إجراؤها يوم الأحد المثبل، وكذلك الانتخابات المحلية المقررة في 7 كانون الأول المقبل، في أجواء سلمية وأن تصبح «مرحلة هامة في الجهود الرامية لإعادة الاستقرار في البلاد».
بدوره، صرّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا لا تعارض الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، شريطة ألا تكون على حساب المصالح الروسية.
وفي مقابلة مع صحيفة «فيردنس غانغ» النرويجية، أشار لافروف إلى اتفاق موسكو وكييف وبروكسل أخيراً على تأجيل تطبيق المواد الاقتصادية لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروربي وأوكرانيا، وهذا القرار يماثل في أغلب بنوده القرار الذي اتخذه الرئيس الأوكراني الشرعي فيكتور يانوكوفيتش في خريف العام الماضي، والذي اندلعت بسببه الاحتجاجات في أوكرانيا وأدت إلى الانقلاب على يانوكوفيتش.
وتابع الوزير الروسي متسائلاً: «هل كان من المجدي دعم الانقلاب على الدستور في كييف، الذي أيده القوميون المتطرفون والنازيون الجدد، وهدم التوازن الهش في المجتمع الأوكراني، ودفع البلاد إلى هاوية التناحر؟»
وشدد لافروف على أن بلاده «لم تشكك أبداً بحق أوكرانيا في تطوير علاقات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. كل ما في الأمر يتعلق بضرورة ألا يلحق ذلك ضرراً بروسيا وشركائها في الاتحاد الجمركي، وبجميع الدول الأعضاء في منطقة التجارة الحرة لرابطة الدول المستقلة، بما في ذلك أوكرانيا، وألا يقود ذلك إلى خلق ممرات لإدخال بضائع أوروبية رخيصة إلى أراضينا بدون رسوم جمركية». و أعرب عن أمله في أن تسفر المفاوضات المقبلة حول هذا الموضوع عن إيجاد حلول مقبولة لجميع الأطراف.
وقال لافروف إن الأهم في الوقت الراهن هو تجاوز الأزمة الحادة في أوكرانيا، مشيراً إلى توفر المقدمات اللازمة لذلك، ولا سيما الاتفاقات التي تم التوصل إليها في العاصمة البيلاروسية مينسك في 5 و19 من الشهر الماضي حول تأمين وقف ثابت لإطلاق النار وإبعاد الأسلحة الثقيلة عن خط التماس بين قوات الجانبين، وضمان مراقبة الوضع في منطقة النزاع من قبل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وتابع الوزير قائلاً: «من الضروري دعم الاتصالات بين ممثلي كييف من جهة وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك «الشعبيتين» من جهة أخرى، وذلك تمهيداً لبدء الحوار السياسي الشامل من أجل بحث سبل التوصل إلى وفاق وطني وإجراء إصلاح دستوري بمشاركة جميع الأقاليم الأوكرانية، بناء على التزامات كييف بحسب بيان جنيف الذي تم الاتفاق عليه 17 نيسان الماضي.