دمشق: سورية جاهزة للتصدّي لأي عدوان على سيادتها وموسكو ترى الحضور الأميركي شرق الفرات يثير تساؤلات

أكد القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الوزير المفوض منذر منذر تمسك سورية بحقها في التصدي لأي عدوان على سيادتها واستقلالها بكل مسؤولية وحزم وأنها ستواصل مكافحة الإرهاب وستحرّر كل شبر من أراضيها سواء من الإرهاب أو من دول معتدية.

وقال منذر خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في سورية أمس، «لقد دأبت وفود الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا على تلفيق الأكاذيب والادعاءات لتبرير سياساتها العدوانية في الدول الأخرى ذات السيادة وخاصة تجاه سورية بهدف الإساءة إليها ولمحاولة إخفاء تورطها المباشر في دعم الإرهاب ومسؤوليتها عن سفك الدم السوري.. وأقول لهم إن كل الشهادات التي قدّمها آلاف المواطنين السوريين الخارجين من حصار المجموعات الإرهابية في الغوطة الشرقية أمام عدسات الإعلام تثبت تورطكم أنتم في المآسي التي عاشها المواطنون السوريون بسبب دعمكم لهذه المجموعات الإرهابية».

وأضاف منذر «لقد أثبتم بمواقفكم وسلوككم وتصرفاتكم الخبيثة وبوجودكم الاحتلالي وغير الشرعي في بعض المناطق السورية أنه لا يمكنكم أن تتخلوا أبداً عن تاريخكم الاستعماري وأطماعكم في بلادنا على عكس ما تدّعونه تماماً داخل هذا المجلس من حرص كاذب ومزيف على إيجاد حل سلمي للوضع في سورية.. وأقول لكم باختصار شديد.. مثلما هزمنا مشاريعكم وأجنداتكم في حلب والغوطة الشرقية سوف نهزمها في كل شبر من تراب سورية».

وجدّد منذر تأكيد أن الحكومة السورية هي الأحرص على تقديم كل أنواع المساعدات الإنسانية لجميع السوريين المتضررين من الأزمة أينما وجدوا على كامل الأراضي السورية وهذا واجب وهي ملتزمة به.

ولفت منذر إلى أن الواجب الدستوري والقانوني الذي أقرّته كل الشرائع الدولية وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمكافحة الإرهاب حتّم على الحكومة السورية القيام مؤخراً بعمليات عسكرية في منطقة الغوطة الشرقية لتخليص المدنيين من ممارسات المجموعات الإرهابية المسلحة التي حاصرتهم من الداخل واتخذت منهم على مدى سنوات دروعاً بشرية.

وشدد منذر على أن استمرار كيان الاحتلال الإسرائيلي في نهجه العدواني الخطير ما كان ليتم لولا الدعم اللامحدود والمستمر الذي تقدمه له حكومة الولايات المتحدة الاميركية.

وأشار منذر إلى أن سورية تُعرب عن ارتياحها لنتائج الجولة التاسعة من اجتماعات استانة التي اختتمت يوم أمس، وذلك من خلال تأكيد الوثيقة الختامية على وحدة وسيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية ضد أي جهة خارجية تنتهك ذلك وتجدد الشكر لوفدي روسيا وإيران والدولة المستضيفة كازاخستان على مساهمتهم في إنجاحها بهدف مكافحة الإرهاب.

من جانبه، رأى النائب الأول لمندوب روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي بأن الحضور الأميركي في سورية يثير تساؤلات.

وأشار الدبلوماسي الروسي خلال جلسة تشاورية لمجلس الأمن الدولي حول الأزمة السورية إلى أن كلمة نظيرته الأميركية أمام المجلس كانت تخصّ إيران، لكن أجندة الجلسة اليوم أمس تتعلق بسورية.

وتساءل بوليانسكي، مخاطباً نظيرته الأميركية: «ما هي الأسس لحضور القوات الأميركية في سورية وما هو هدفها الحقيقي؟.. وماذا حدث لمئات عدة من مسلحي «داعش» الذين تحتجزهم قوات التحالف؟ ولماذا لا تسلمهم الولايات المتحدة؟».

وأعرب عن مخاوف من عودة تنظيم «داعش» إلى المناطق السورية شرق الفرات التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، والتي ستضطر القوات الأميركية للانسحاب منها عاجلاً أم آجلاً.

وأشار إلى أن المناطق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة في سورية تحولت «مناطق مظلمة»، يشعر فيها بأمان المتطرفون والإرهابيون.

وأكد أن روسيا ستواصل الجهود لمساعدة التسوية السياسية في سورية، على الرغم من «التأثير الهدام» للعدوان الثلاثي الأميركي البريطاني الفرنسي ضد سورية في أبريل الماضي.

ومن بين الخطوات التي تقوم بها روسيا من أجل تحسين الوضع في سورية، ذكر بوليانسكي الاجتماع الأخير في في استانة، مؤكداً أن المشاورات مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية ستستمر بهدف تهيئة الظروف لإطلاق عمل لجنة صياغة الدستور في جنيف بأسرع ما يمكن، مشيراً إلى أن هذه العملية تتطلب توافقاً من قبل السوريين، ولا ينبغي وضع حدود زمنية مفتعلة لها.

وقال إنه «بفضل عملية استانة تسنى حصول الزخم للعملية السياسية في إطار المفاوضات السورية السورية برعاية الأمم المتحدة، على الرغم من أننا قد أشرنا إلى أن العدوان الثلاثي ضد سورية حدّ من المجال للمناورة في هذا الصدد».

وأكد أن خطوات الدول الضامنة تساعد على القضاء على إرهابيي «داعش» و»جبهة النصرة» في سورية بشكل نهائي، لكن الأعمال الاستفزازية لبعض اللاعبين الخارجيين تعرقل هذه الجهود.

من جانبها، حمّلت نائبة المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، كيلي كوري، إيران مسؤولية التصعيد في سورية، في إشارة إلى قصف منطقة الجولان المحتل من قبل الكيان الصهيوني.

وزعمت أن الولايات المتحدة «لن تصمت» إزاء التصرفات الإيرانية. كما اعتبرت أن هذه التصرفات لا تساهم في تسوية النزاع في سورية.

وترى الولايات المتحدة أنه لم يتم تحقيق تقدّم في عملية التسوية السورية في إطار عملية جنيف أو المفاوضات في استانة أو مؤتمر سوتشي، وأن ما تقوم به السلطات السورية هو الحل العسكري وليس الحل السياسي، بحسب زعمها.

وفي السياق، أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية لأعضاء مجلس الأمن الدولي استعداد الأمم المتحدة للعمل على تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري.

وأشار دي ميستورا إلى أن الأمم المتحدة تقيم الخطوات المحتملة لإنعاش عملية التفاوض في جنيف، مرحباً بعزم الدول الضامنة لعملية أستانة الحفاظ على الاتصال الدائم مع الأمم المتحدة في جنيف.

ووصف دي ميستورا الجولة الأخيرة من المفاوضات السورية التي جرت في أستانة يومي 14 و15 مايو بـ «البناءة»، معرباً عن الأمل بأن يحقق الاجتماع المقبل في استانة تقدماً في حل القضايا الآنية في سورية.

ميدانياً، أعلنت القيادة العامة للجيش السوري تطهير ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي من المسلحين وإعادة الأمن إلى 65 بلدة كانت تحت سيطرتهم، مؤكدة إصرارها على اجتثاث الإرهاب من كامل سورية.

وجاء في بيان للجيش السوري: «قواتنا المسلحة بالتعاون مع القوات الحليفة والرديفة أكملت تطهير 1200 كم مربع في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي وأعادت الأمن والأمان إلى 65 بلدة وقرية كانت تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية التي أرغمت على الخروج من المنطقة بعد تسليم كل ما لديها من أسلحة ثقيلة ومتوسطة».

وأكدت قيادة الجيش السوري أن تطهير الريفين المذكورين، إنجاز تكمن أهميته في اقتلاع الإرهاب المسلح من تلك المنطقة الجغرافية الحيوية في المنطقة الوسطى التي تشكل عقدة مرور تمثل شرايين المحافظات المجاورة وبقية المحافظات السورية إضافة إلى تحرير سدّي الرستن والحولة وإنهاء تهديد الإرهابيين للمنشآت الحساسة والاستراتيجية.

وفي سياق متصل، ترددت أنباء أن الجيش السوري أمهل مسلحي بلدة محجة بريف درعا الجنوبي، يومين لتشكيل وفد لمناقشة وضع البلدة.

وقالت مصادر إعلامية معارضة إن الجيش السوري أمهلهم 48 ساعة للردّ على إمكانية تشكيل وفد يلتقي به، دون إبلاغهم بماهية الاجتماع، وتوقع المصدر أن يكون هدف الجانب الحكومي من الاجتماع «جسّ النبض».

وكان مصدر مسلّح من بلدة محجة ذكر في وقت سابق، وفق مصادر إعلامية للمعارضة، أن الميليشيات «رفضت إبرام اتفاق مصالحة» مع الجيش السوري برعاية روسية.

وقد انتهت مدة اتفاق خفض التوتر في جنوب غرب سورية الذي أبرمته كل من روسيا والولايات المتحدة والأردن والمحدّدة مدته بستة أشهر، انتهت الخميس الماضي، وكان تم توقيعه في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي.

وترى دمشق أن مصير مناطق خفض التصعيد يجب أن ينتهي إلى مصالحة نهائية مع الحكومة تفضي إلى عودتها لسيطرة الدولة، ويرى مراقبون في مهلة الجيش أن المواجهة قد تقترب من الجنوب السوري، الذي تعمه الفوضى في مناطق سيطرة التنظيمات المعارضة المسلحة.

وتقضي اتفاقات المصالحة التي جرت في مناطق مختلفة بإخراج جميع المسلحين غير الراغبين بالتسوية بعد تركهم السلاح الثقيل والمتوسط وبتسوية أوضاع الراغبين بالبقاء ودخول الجيش السوري وعودة جميع مؤسسات ودوائر الدولة إلى عملها الطبيعي وفتح الطريق الدولي حمص – حماة وتأمينه من قبل وحدات الجيش.

إلى ذلك، تمّ رفع العلم الوطني في مدينة الرستن وبلدة تلبيسة بريف حمص الشمالي أمس، بعد إخلائهما من الإرهابيين ونقلهم إلى شمال سورية.

وذكر مصدر حربي أن وحدات من قوى الأمن الداخلي دخلت إلى مدينة الرستن وبلدة تلبيسة اللتين تمّ إخلاؤهما من الإرهابيين في ريفي حمص الشمالي ورفعت العلم الوطني فوق المباني الحكومية فيها وسط ترحيب الأهالي.

ولفت إلى أن الأهالي تجمّعوا على مداخل الرستن وتلبيسة والشوارع الرئيسة والساحات العامة فيهما لاستقبال عناصر قوى الأمن الداخلي قبل أن يتمّ رفع العلم الوطني في المباني الحكومية، بمشاركة حشد كبير من الأهالي الذين أعربوا عن ارتياحهم لعودة الأمن والأمان إلى مناطقهم بسواعد رجال الجيش السوري وإنهاء الوجود الإرهابي في قراهم بشكل كامل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى