«فايننشال تايمز»: أسلحة قطر «السرّية» لكسر المقاطعة وتحويل دفّة ترامب
تحدّثت تقارير صحفية عالمية عن خطّة وأسلحة سرّية اعتمدت عليها قطر في محاولاتها لكسر المقاطعة أو الحصار، ولتحويل دفة الإدارة الأميركية والرئيس الأميركي، دونالد ترامب.
ونشرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية تقريراً مطولاً بعنوان «قطر تحاول شقّ طريقها للخروج من الحصار».
وتحدثت الصحيفة البريطانية عن الأعمال الإنشائية العديدة التي تعجّ بها العاصمة القطرية الدوحة، استعداداً لنهائيات كأس العالم 2022، والتي تظهر كأن المدينة غير متأثرة على الإطلاق بقرار المقاطعة، الذي اتخذته أربع دول السعودية والإمارات والبحرين ومصر .
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قد فرضت قراراً بمقاطعة قطر دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً، بسبب اتهامات موجّهة لها بدعم وتمويل الإرهاب، ومحاولة زعزعة استقرار بعض الدول العربية.
وأشارت إلى أن الدوحة اعتمدت خططاً عديدة لمحاولة كسر الحصار المفروض عليها، والتي تركّزت معظمها على 3 محاور، الأول: اقتصادي، والثاني: داخلي، والثالث: سياسي.
الاقتصادي
كان أول تحرّك قطري لكسر قرار المقاطعة، هو تعويض الأثر الاقتصادي الحاد، الذي تعرّضت له الدوحة.
وأشارت الصحيفة إلى أن أول سلاح قطري، هو رصدها 200 مليار دولار، على برنامج لتطوير البنية التحتية، عن طريق بناء طرق وسكك حديدية.
كما رصدت 50 مليار دولار من صندوق الثروة السيادية القطرية لحماية القطاع المصرفي والمحافظة على سعر الصرف.
ونقلت «فايننشال تايمز» عن جهاد أزعور، المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي، قوله: تمكّنت قطر من التكيّف بعدد من التدابير الهامة، والتي تمكّنت من تعويض أي تهديد للتجارة أو التمويل لديها. لكن هذا ليس الوضع الأمر، لأن أي تهديد أو قطيعة تجارية بين دولة ودولها المجاورة يؤثر على معنويات الاستثمار والمستثمرين.
وكانت دول المقاطعة قد أغلقت كافّة الحدود البرّية والبحرية والجوّية مع قطر، بالأخص حدودها البرّية مع السعودية وطرق الشحن البحرية مع مراكز إعادة التصدير في ميناء جبل علي في دبي.
وتابعت الصحيفة: بعدما نجت الدوحة من تبعات المرحلة الأولى في الدوحة، بدأت قطر في التفكير في تعزيز النمو الاقتصادي.
ونقلت الصحيفة عن أحد الاستشاريين الاقتصاديين الغربيين، قوله: تقريباً قطر تأثّرت اقتصادياً بنسبة 15 في المئة فقط بسبب المقاطعة، وهو ما جعلها قادرة على تصحيح الأوضاع سريعاً.
واهتمت الدوحة في أن يكون هناك فائض في المراكز التجارية والمباني والفنادق، حتى تتمكّن من مواجهة الحصار في حالة استمراره حتى كأس العالم 2022.
واعتمد شريف العمادي، وزير المالية القطري، تغييرات في القوانين، التي تسمح للأجانب بشراء العقارات في أي مكان في قطر.
وركّزت قطر على مبدأ الأمن الاقتصادي، وسعت إلى إحياء مبدأ استبدال الورادات، بأن يحلّ محل الوارادات بسلع منتجة محلياً.
ورصدت الصحيفة الأوضاع في الأسواق السعودية، قائلة: كنت تجد محلات البقالة ممتلئة بالخضروات ومنتجات الألبان السعودية، لتجد بدلاً منها حالياً بعض المنتجات المحلية بجانب الفواكه القادمة من إيران والخضروات القادمة من بنغلاديش.
كما دشّنت الدوحة مؤسسة مالية محلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وعن ذلك قال الشيخ محمد آل ثاني، وزير التجارة والاقتصاد القطري السابق: كان ينبغي أن نقضي على هذا التهديد، ما نعلمه حالياً أننا نربح وهم يخسرون.
لكن المسؤولين السعوديين والإماراتيين، يعتقدون، والقول لـ«الفايننشيال تايمز» أن المقاطعة يمكن أن تظلّ مستمرة، لأنها تحقّق أهدافها.
ونقلت الصحيفة عن محمد عليحي، الزميل في مركز «أتلانتيك للدراسات الأميركي»: العواقب المترتّبة على المقاطعة تكون دوماً طويلة الأمر، ودول المقاطعة الأربع لا تعاني مثل ما تعانيه قطر، حتى لو تجاوزت تلك الأزمة على المدى القصير.
الداخلي
أما الجانب الأخطر، في قرار المقاطعة كان داخلياً، خاصة في ظلّ مراهنة الدول الأربع على حدوث قلاقل شعبية تهدّد عرش أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني.
وقالت الصحيفة البريطانية: العكس ما حدث، حيث توحّدت قطر للردّ على المقاطعة، وأظهرت دعماً كبيراً لأمير البلاد.
وتابعت: تجد صور مرسوم لأمير قطر في كل مبنى تقريباً، وبات الزعيم البالغ من العمر 37 عاماً، بطلاً شعبياً.
وأشارت إلى أن ذلك امتد أيضاً للمغتربين القطريين، الذي يمكن أن يكونوا أكثر حرية من السكّان القطريين.
ونقلت الصحيفة عن هيا الوليد آل ثاني، الطالبة في جامعة «جورجتاون» الأميركية والتي اتخذت قراراً بالعودة إلى الدوحة: وحّد الحصار البلد بأكمله، مواطنين ومقيمين وطلاب. حتى يتم حلّ هذه المشكلة لن نعود إلى الولايات المتحدة على الإطلاق، كيف نزور أميركا ونحن لا نثق بهم، كيف يمكننا العودة إليهم؟.
وأوضحت الصحيفة أن المواطنين القطريين تغلّبوا سريعاً على حالة الهلع التي أصابتهم في الساعات الأولى من المقاطعة، عندما انهالوا على عمليات الشراء، التي أفرغت المراكز التجارية ومحلات السوبر ماركت، عندما وجدوا أن البلاد لديها مخزوناً استراتيجياً يجعلها قادرة على مواجهة أي مقاطعة.
السياسي
أما الخطّة والسلاح الأهم، كان بالنسبة لقطر سياسياً، بحسب صحيفة «الفايننشيال تايمز» البريطانية، خاصة فيما يتعلّق بعلاقاتها مع الإدارة الأميركية والرئيس دونالد ترامب.
وقالت الصحيفة: سعت قطر لأن ترسّخ وجهة نظر أن المقاطعة تحدث انشقاقاً في حلفاء أميركا الأقوياء، وتقوض أي محاولات أميركية لتشكيل جبهة موحّدة ضدّ الإرهاب. ضغطت الدوحة بقوة من أجل أن تعود الولايات المتحدة لتمارس ضغوطاً من أجل التوصل لاتفاق تسوية، وسط قناعة إماراتية سعودية بضرورة عزل قطر.
واستغلت الدوحة، بحسب الصحيفة، تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي وصف فيه الأزمة بـ«التافهة»، وتعبير الإمارات عن رضائها بالمقاطعة التي جعلت الدوحة تركّز على اقتصادها وتتوقف عن التدخّل في مناطق الصراع من ليبيا إلى سورية.
وأشارت إلى أن تلك التصريحات عزّزت من وجهة النظر القطرية التي تروّجها للإدارة الأميركية عن حدودث انشقاق في صفوف حلفائها يعوق تشكيل جبهة موحّدة.
لكن كان قرار إدارة ترامب الأسبوع الماضي الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، المدعوم بقوة من منافسي الدوحة في الرياض وأبو ظبي بمثابة ضربة لتلك الخطّة، بحسب الصحيفة. لكن مسؤولون قطريون عديدون أشاروا إلى أن ذلك الأمر غير واقعي، خاصة وأن العلاقات التجارية الإيرانية مع دبي أكبر بكثير من العلاقات القطرية الإيرانية.
ونقلت الصحيفة عن لولوة الخاطر، المتحدثة باسم الخارجية القطرية: تهيمن الإمارات وحدها على 90 في المئة من التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، حتى بعد الحصار.
كما أن الدوحة، نجحت في تحويل دفّة ترامب، الذي كان مؤيداً للمقاطعة في بادئ الأمر، إلى حثّه مسؤوليه للضغط على دول المقاطعة من أجل قبول اتفاق تسوية.
وعن ذلك قالت الخاطر: نحن على استعداد للتعامل مع المخاوف، لكننا نطلب من جيراننا أيضاً النظر في مخاوفنا. وينبغي عليهم أن يعلموا أنه لا يجب عليهم أن يحاصرونا بين عشية وضحاها، وطرد المواطنين، ينبغي عليهم احترام السيادة القطرية.