بين استقالة «مهندس المستقبل».. وخطة السعودية المقبلة
يوسف الصايغ
يوماً بعد يوم تتضح أسباب استقالة نادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، وبات واضحاً أنها لا ترتبط لا من بعيد أو من قريب بنتائج الانتخابات التي خاضها تيار المستقبل، حيث حقق في ظلّ القانون الانتخابي الحالي أفضل الممكن. هذا باعتراف الحريري نفسه ومختلف المتخصّصين بالشأن الانتخابي الذين أشاروا منذ البداية الى أنّ كتلة المستقبل في طريقها الى التقلص في بيروت وطرابلس والبقاع وصيدا لصالح شخصيات سياسية سنّية لها وزنها وتحالفاتها الوازنة على الساحة السياسية، ما يعني كسر الاحتكار الأزرق للتمثيل السني في ظلّ القانون النسبي الحالي.
أما عن الدوافع الكامنة وراء استقالة مدير مكتب الحريري، فهي مرتبطة بالدرجة الأولى بالدور الذي لعبه كـ «مهندس» للعلاقة بين التيار الأزرق ونظيره البرتقالي، بالتنسيق التامّ والكامل مع مهندس التيار جبران باسيل، والتي ترجمت بالتسوية الرئاسية التي أوصلت العماد عون الى سدة قصر بعبدا، وكانت كفيلة بإعادة سعد الحريري الى كرسي الرئاسة الثالثة، والتي نجحت أيضاً بإعادة الحريري الى بيت الوسط بعد إقالته الشهيرة من الرياض في الرابع من تشرين الثاني الفائت.
إذاً، وفي وقت لا تزال التسوية الرئاسية سارية المفعول باعتراف الحريري، لعلّ السؤال الأبرز المطروح اليوم في الأروقة السياسية عن السبب الذي يدفع بنادر الحريري إلى تقديم استقالته في هذا التوقيت الحساس، طالما التسوية بين التيارين الأزرق والبرتقالي لا تزال سارية المفعول. أما الإجابة عن هذا السؤال فهي تتطلب بحثاً واستطلاعاً على قائمة المطالب السعودية المرفوعة إلى الرئيس الحريري كي يقوم بتنفيذها بعد إنجاز الاستحقاق الانتخابي، حيث يبدو أنه في مقدّمة لائحة الشروط الملكية للحريري بند إعادة صياغة تحالفاته مع القوى السياسية بما يتناسب وتوجّهات الرياض للمرحلة المقبلة، والتي ستحمل طابع المواجهة مع فريق المقاومة، خصوصاً بعد تصنيف المملكة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وعدداً من كوادر الحزب على «قائمة الإرهاب».
وبحسب المعلومات فإنّ إعادة ترتيب العلاقة بين «المستقبل» و«القوات» تعتبر مطلباً سعودياً مُلحاً، لكونه يسهم في ترجمة خطة السعودية خلال المرحلة المقبلة في المواجهة السياسية. وهنا يكمن تفسير سبب استبعاد نادر الحريري القريب من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل المتحالف مع حزب الله، وبالتالي تصبح مسألة استبعاد نادر الحريري من ضمن شروط المواجهة، خصوصاً أنّ القوات نجحت في حصد خمسة عشر مقعداً نيابياً ما يكسبها المزيد من الزخم، ويحجز لرئيس «القوات» مكاناً متقدّماً في البلاط الملكي السعودي الذي طلب من الحريري إعادة ترتيب العلاقة معه. ومن هنا يمكن القول إنّ استقالة نادر الجريري الأقرب الى الإقالة هي إحدى الخطوات التي تصبّ في خانة إعادة العلاقة بين «المستقبل» و«القوات»، وهذا ما ترجم من خلال الزيارة التي قام بها رئيس القوات سمير جعجع إلى بيت الوسط وبشكل مفاجئ، والتي جاءت بعد استقالة مهندس علاقة التيار الأزرق بنظيره البرتقالي.